صنعاء - سبأ :
الجمعة 22-8-2014م
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لاإله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين.
أيها الاخوة الأعزاء - السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛
نستذكر في هذا اليوم هذه الذكرى العزيزة ذكرى انطلاقة المشروع القرآني وإعلان هذا الشعار المهم والمبارك، هتاف الحرية، وصرخة العزة والإباء الذي كان في مثل هذه الجمعة (الجمعة الأخيرة من شهر شوال)وشعاراً مهماً غيّر الواقع في بلدنا إلى مرحلةٍ جديدة، شعاراً يعبّر عن موقفٍ مهم يتعلق بالأمة كل الأمة في قضاياها الكبرى، وقضاياها المصيرية.
في الجمعة الأخيرة من شهر شوال هُتِفَ بهذا الشعار إبتداءً في مساجد محدودة، وفيما قبل هذا اليوم في محاضرة الخميس تقريباً أعلن السيد الشهيد القائد/حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) إنطلاقة هذا المشروع القرآني بما فيه من مواقف، بدايتها وأولها وعلى رأسها هذا الشعار المهم، شعار البراءة من أعداء الإسلام والأمة من أعداء الإنسانية والبشرية أمريكا وإسرائيل ، هذ الشعار المعروف:
الله أكبر - الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود - النصر للإسلام
وفي محاضرته الشهيرة المعنونة(بالصرخة في وجه المستكبرين) أعلن هذا الموقف ليكون بدايةً لانطلاقة مشروعٍ قرآنيٍ تنويريٍ بناءٍ عظيم، يخرج الأمة من حالة الغفلة، ومن حالة الصمت والسكوت، ومن حالة التدجين والخنوع والخضوع لصالح أعداءها إلى الموقف، إلى أن تتحرك عملياً وبجدٍ كما ينبغي لها أن تكون تجاه الأخطار الكبرى التي تتهددها في كل شيء. وفي محاضرته تلك وقبل أن يعلن الشعار قال رضوان الله عليه :
عندما نتحدث أيضاً هو لنعرف حقيقة أننا أمام واقع لا نخلوا فيه من حالتين، كل منهما تفرض علينا أن يكون لنا موقف ، نحن أمام وضعية مَهِيْنة، ذل، وخزي ، وعار ، استضعاف ، إهانة، إذلال ، نحن تحت رحمة اليهود والنصارى، نحن كعرب كمسلمين أصبحنا فعلاً تحت أقدام إسرائيل، تحت أقدام اليهود، هل هذه تكفي إن كنا لا نزال عرباً، إن كان لا يزال لدينا شهامة العربي وإباه ونَخْوَته ونجدته لتدفعنا إلى أن يكون لنا موقف.
الحالة الثانية : هي ما يفرضه علينا ديننا، ما يفرضه علينا كتابنا القرآن الكريم من أنه لا بد أن يكون لنا موقف من منطلق الشعور بالمسئولية أمام الله سبحانه وتعالى، نحن لو رضينا - أو أوصلنا الآخرون إلى أن نرضى - بأن نقبل هذه الوضعية التي نحن عليها كمسلمين، أن نرضى بالذل أن نرضى بالقهر ، أن نرضى بالضَّعَة ، أن نرضى بأن نعيش في هذا العالم على فتات الآخرين وبقايا موائد الآخرين ، لكن هل يرضى الله لنا عندما نقف بين يديه السكوت؟.
من منطلق أننا رضينا وقبلنا ولا إشكال فيما نحن فيه سنصبر وسنقبل. فإذا ما وقفنا بين يدي الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، هل سنقول: (نحن في الدنيا كنا قد رضينا بما كنا عليه؟). هل سيُعْفينا ذلك عن أن يقال لنا: ألم نأمركم؟ {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ} ( المؤمنون: من الآية105) ؟{ أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} (غافر: من الآية50) ؟. ألم تسمعوا مثل قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا}(آل عمران: من الآية103) ومثل قوله تعالى{ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107)}(آل عمران) أليست هذه الآيات تخاطبنا نحن؟. أليست تحملنا مسئولية؟.
ألم يقل القرآن لنا: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}(آل عمران: من الآية110) ؟. ألم يقل الله لنا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ}(الصف: من الآية14) ؟.
فإذا رضينا بما نحن عليه وأصبحت ضمائرنا ميتة،لا يحركها ما تسمع ولا ما تحس به من الذلة والهوان، فأعفينا أنفسنا هنا في الدنيا فإننا لن نُعفى أمام الله يوم القيامة،لابُدّ للناس من موقف،أو فلينتظروا ذلاً في الدنيا وخزياً في الدنيا وعذاباً في الآخرة،هذا هو منطق القرآن الكريم،الحقيقة القرآنية التي لا تتخلف لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}(الأنعام:من الآية115){وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ}(الأنعام:من الآية34){مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}(قّ:29) .
وهكذا إنطلق هذا الموقف، هتاف الحرية والإباء، وانطلق معه المشروع القرآني العظيم والمهم من واقع الشعور بالمسئولية أمام الله، وفي واقعٍ سيئٍ ومريرٍ ومخزٍ ومُهِين تعيشه أمتنا الإسلامية في المنطقة العربية والعالم عموماً! في وضعيةٍ خضع فيها المسلمون لهيمنةٍ مطلقةٍ لأمريكا ومع أمريكا إسرائيل! وهذه الهيمنة التي لها نتائجها السلبية جداً في واقع المسلمين، هذه الهيمنة التي من أُولَى نتائجها مسخ هوية الأمة ، وطمس معالم دينها، والتأثير على أخلاقها، من نتائج هذه الهيمنة وهذه السيطرة وهذا الإستهداف أن تفقد الأمة إستقلالها، وأن تخسر كرامتها، وأن تخسر هويتها أيضاً ، إستهداف كبير وشامل، وهيمنة مذلة ومهينة، واستحكام وتحكم وتدخل غير مسبوق في شئون هذه الأمة، إضعاف وإذلال وإهانة وقهر واستعباد ، واقع لا يمكن القبول به. إذا كنا لا زلنا نحمل حسّنا الإنساني ، قيمنا الفطرية التي فطرنا الله عليها، إذا كان لا يزال فينا إحساسٌ بالكرامة الإنسانية ، وإحساسٌ بالعز والإباء في مثل هذا الحال مع هذه القيم الفطرية لا يمكن أن يقبل الإنسان أن يعيش في واقع هذه الحياة ذليلاً مهاناً، لا حرمة له، ولا كرامة له، ولا قيمة له، هذا هو الواقع العربي أمام التحدي الأمريكي والإسرائيلي.
في ظل الاستهداف الأمريكي والإسرائيلي لهذه الأمة في كل شعوبها، وفي كل مناطقها وبلدانها وأقطارها تتحرك أمريكا وإسرائيل ولا تتحاشى أبداً من فعل أي شيءٍ بهذه الأمة، مهما كان ظالماً، مهما كان طغياناً، مهما كان بشعاً، مهما كان سيئاً، مهما كان مهيناً، لأن العداء الأمريكي والإسرائيلي لهذه الأمة عداء شديد، وعداء حقيقي، وبالتالي: يتحركون من تلك الحالة العدائية في موقفٍ عدائي ولكن تحركاً شاملاً، وتحركاً يستهدف الأمة في كل مقومات بناءها، وفي كل عوامل قوتها، إستهداف في القيم في الأخلاق، واستهداف أيضاً للإنسان، وللأرض، وللثروة، وللمقدرات، إستهداف شامل لا يستثني شيئاً ولا ينحصر في اتجاه معين أو ينطلق من زاويةٍ معينة فحسب "لا" إستهداف يشمل كل شيء، واستهداف كبير وخطير، والأخطر في ذلك كله أنهم يستفيدون بالدرجة الأولى من الواقع الداخلي للأمة، الواقع المهيأ لصالح أعداءها، الواقع المطمع الذي جعلهم يطمعون ..يطمعون بشكلٍ كبير في أن مؤامراتهم ومخططاتهم ومكائدهم على هذه الأمة يمكن أن تنجح في ظل الحالة السائدة في واقع الأمة، من ضعف الوعي إلى حدٍ كبير، إنعدام الشعور بالمسئولية إلى حدٍ كبير. ولذلك حينما تحرك هذا المشروع القرآني العظيم فيما فيه من موقف، وفيما فيه من تبصير وتوعية من خلال القرآن الكريم، ونشرٍ للثقافة القرآنية التي تضيء الطريق للأمة، والتي تصنع الوعي للأمة، والتي يمكن أن نسترشد بها في الصراع مع أعداءنا مهما كان حجم هذا الصراع ومهما كانت إمكانيات الأعداء .
لقد انطلق هذا المشروع القرآني من واقعٍ معروف (واقع المعاناة) فهو مشروع أصيل ، لم يأت كترف فكري، أو عمل هامشي، أو خطوة ليس هناك حاجة إليها "لا" في مرحلة الأمة بحاجة إلى موقف، لا بد للناس من موقف، البديل عن الموقف ما هو ؟ حالة اللاموقف ..حالة اللاموقف تعني الإستسلام، تعني الصمت، تعني الخضوع ، تعني أن نترك المجال لصالح الأعداء ليعملوا هم كل ما يشاؤون ويريدون، يعني إفراغ الساحة من أي مشروعٍ يناهض مؤامراتهم ومكائدهم وهذا بالضبط هو ما يريدونه. هم أرادوا لنا كأمةٍ مسلمة أن يكون واقعنا هكذا ، واقعاً فارغاً من أي مشروع يناهضهم ويناهض مكائدهم، أرادوا لساحتنا العربية لساحتنا الإسلامية أن تكون ساحةً يسودها الصمت، والإستسلام، والخضوع، وأردوا لنا كأمةٍ مسلمة وهي أمة كبيرة جداً، مئات الملايين من المسلمين أن نكون قطيعاً كالحيوانات، يقتلون منا، ويستعبدون، ويأسرون، ويسفكون الدماء، ويمررون المؤمرات تلو المؤامرات، ويفعلون بنا ما يشاؤون ويريدون وهم مطمئنون كل الإطمئنان أنهم لن يُقَابَلوا بموقف، وأن حالة الصمت والإستسلام والسكوت والتدجين لصالحهم ستبقى هي الحالة القائمة في واقع الأمة، والمسيطرة على الأمة، والمتغلبة في واقع الأمة. ولهذا كان هذا المشروع القرآني مهماً، وضرورياً ..ضرورياً بحكم الواقع - بحكم الظروف - بحكم الأخطار - بحكم التحديات ، وضرورياً من منطلق القيم والمبادئ التي ننتمي إليها كمسلمين، أن ديننا لا يسمح لنا حتى لو رضينا لأنفسنا أن نعيش حالة الذل، وحالة القهر، وحالة الهوان، وحالة الإستسلام، وفتحنا المجال لأعدائنا! وقلنا لهم تفضلوا، فافعلوا بنا ما شئتم! اقتلوا من شئتم! وأسروا من شئتم! واهتكوا الأعراض! ودمروا البلدان! وانهبوا الثروات والمقدرات كل هذا لكم ! لن يعفينا ذلك من المسئولية أمام الله، سنحاسب ونساءل لأن موقفاً كهذا موقف قائم على أساس الإستلام والخنوع والخضوع لصالح أعداء الإنسانية والبشرية ، موقف كهذا هو موقف لا ينسجم بأي حالٍ من الأحوال مع مبادئ الإسلام وقيمه، مع توجيهات الله وتعليماته وأوامره المهمة والعظيمة والمقدسة في كتابه الكريم. لذلك من واقع الظروف التي تعيشها الأمة، وهي أمة أبناؤها كبشر لهم إحساس، لهم معاناة، لهم واقع مؤسف، يفرض عليهم أن يتحركوا. الحالة الإنسانية، الإحساس بالكرامة، الإنسانية التي هُدِرت والتي استبيحت، الإحساس بالذل والهوان، الإحساس بالاستهداف الممنهج والشامل يفرض علينا من واقع حسنا الإنساني أن لا نقبل بذلك، وأن لا نصمت تجاه ذلك، وأن لا نخضع إزاء ذلك، وكذلك موقفنا الديني، إنتماؤنا الديني، قيمنا الدينية، أخلاقنا الدينية، وفي مقدمتها العزة .
من أهم الأخلاق في الإسلام والقيم الأصيلة والمهمة التي يجب أن تحافظ عليها الأمة هي: (العزة) الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم والمجيد { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ }المنافقون8 ، الله سبحانه وتعالى وهو العزيز يريد لعباده أن يكونوا أعزاء، أراد لهم أيضاً أن يعيشوا بكرامة، وكرم بني آدم وأراد لهم الكرامة، وعاملهم بكرامة، وقدم إليهم حتى دينه بكرامة، وقدم تعليماته وإرشاداته وتوجيهاته لهم بكرامة، وفيما يحقق لهم الكرامة في الدنيا والآخرة ، إذاً هناك واقع معروف، واقع تسوده حالةٌ من الإستهداف الكبير والممنهج والشامل للأمة في كل شيء، ومن الغريب والعجيب وغير المنطقي نهائياً أن تعيش أمتنا الإسلامية والعربية كل هذا الإستهداف! في كل شئونها في كل مجالات حياتها! ثم يفترض منها مع ذلك مع كل تلك المآسي مع كل تلك الكوارث مع هذا الحجم الهائل للإستهداف الكبير والشامل يراد لها أن تسكت ، أن تصمت ، ثم يكون الموقف الشامل الشاذ والنشاز في داخل الأمة هو الموقف الذي يعارض، يناهض، يحتج ولا يرضخ، ولا يقبل، وهو منسجم لا يقبل بهذا الهوان وهذا الإستهداف ويقف بوجهه ، حينها ولأن واقع الأمة وصل إلى حالة سيئة وتمكن الأعداء ..تمكن الأمريكيون والإسرائيليون من تحقيق إختراق كبير في الواقع الداخلي للأمة، وتأثير كبير في الواقع الداخلي للأمة، تأثير حتى على الآراء والتوجهات والمواقف، وأصبحت هناك أنشطة كثيرة، ومواقف كثيرة كلها تصب في صالح الأعداء، كلها تنطلق فيما يخدم الأعداء، البعض بوعي وإدراك وبتعمد وقصد وسوء نية، والبعض بدون وعي بدون قصد بدون فهم لخلفيات مواقفهم أو لأبعاد ونتائج مواقفهم ولمن تصب في مصلحته، وهذا الواقع السيء المرير والبئيس الذي تعيشه الأمة كان لا بد لن من واقعنا من ظروفنا التي نعيشها، من إحساسنا الإنساني، من مبادئنا وقيمنا، من توجيهات الله سبحانه وتعالى المتكررة في كتابه القرآن الكريم كان لا بد لنا من موقف، وموقف واعٍ ينطلق بوعي، ويتحرك بوعي، ذلك أن الأمة تخترق حتى في صناعة الموقف! الأمة يمكن أن تخترق حتى في طبيعة التحرك! أولئك الأعداء أعداء خطرون ولديهم خبث كبير وقدرات هائلة في التضليل ، التضليل بكل أشكاله ، ولأن الأمة إبتعدت عن الإنتباه، وسادت عليها حالة الغفلة وهيمنت عليها حالة الغفلة وابتعدت عن الإسترشاد بهدي الله المقدس القرآن العظيم، فإن الأمة كانت قد تاهت إلى حدٍ كبير، غفلت غفلةً كبيرةً عن طبيعة المؤامرات والمكائد من جانب أولئك وبالتالي: كانت مهيئة أن تنجح فيها الكثير والكثير من المؤامرات، والمشاريع والمكائد الأمريكية والإسرائيلية.
ولذلك يجب وينبغي ويتحتم أن يكون هناك مشروعٌ ٌعمليٌ واعٍ ..واعٍ ينطلق على أساسٍ من الوعي وهادف، ويصب في مصلحة الأمة، ويعالج الحالة الداخلية للأمة فيما يزيدها وعياً، وبصيرةً نافذةً، وإداركاً للأمور، وفهماً صحيحاً، وتقييماً سليماً للواقع .
وبالتالي انطلق هذا الهتاف (هتاف الحرية والعزة والإباء) ليحقق جملةً من الأهداف:
أولها: ليحطم جدار الصمت، وليخرج الأمة من حالة السكوت إلى الموقف، من حالة اللاموقف إلى الموقف ، وهذه خطوة مهمة في واقع الأمة، بدلاً من أن تبقى الأمة صامتة! لا موقف لها! ولا تحرك لها! وتبقى على النحو الذي يريده أعداؤها منها "لا " يجب أن تتحرك الأمة، وأن تعبر عن حالة سخطها وعداءها لأولئك الظالمين والعابثين والمستكبرين في الأرض، هذه مسألة مهمة، هذه تواجه حالة معينة، مشروع معين تشتغل عليه أمريكا وتتحرك أيضاً على أساسه إسرائيل.
لاحظوا: من أهم ما تحرص عليه أمريكا وتحرص عليه إسرائيل بالرغم من كل ما يفعلونه بأبناء الإسلام، ما يفعلونه بنا في المنطقة العربية وغيرها، ومما قد فعلوه من فضائع وجرائم وأمور رهيبة جداً، بالرغم من كل ذلك - لكنهم يحرصون على أن يتفادوا سخط هذه الأمة! وأن يخترقوا هذه الأمة، أن يحتووا حالة السخط في داخل هذه الأمة، بل أن يحولوها إلى حالة رضى، وإلى نظرة إيجابية نحوهم، جهود كبيرة تصب في هذا السياق إلى أن يعززوا ويخلقوا نظرةً إيجابيةً تجاههم من داخل الأمة! وفي هذا السياق مشاريع ومؤامرات كثيرة تشتغل في داخل الأمة، لتحقيق هذا الهدف حتى لا تكون الأمة ساخطةً عليهم بالمستوى وبالمقدار الذي يهيئها لأن تتبنى مواقف عدائية تجاه مواقفهم العدائية أيضاً .
وجهود كبيرة، واهتمام كبير، ومشاريع متعددة، عملية متنوعة. أيضاً تُشَغَّل في داخل الأمة حتى لا تبقى النظرة السلبية قائمة في واقع الأمة إليهم على أنهم أعداء! وأنهم يستهدفون الأمة في كل شيء، وأنهم مصدر الخطر، وجهة الخطر، ومنبع الخطورة على هذه الأمة !.ثم اشتغلوا بوسائل كثيرة جداً، وحاولوا أن يوجهوا بوصلة العداء هناك بعيداً عنهم إلى أطراف أخرى، وإلى جهات أخرى، فيما حاولوا أن يعززوا في واقع الأمة نظرةً مختلفةً إليهم، وساهمت الأنظمة والحكومات إسهاماً كبيراً ..أسهمت اسهاماً كبيراً في هذا المجال لتعزيز نظرة إيجابية إلى الأمريكيين! والبعض حتى إلى الإسرائيليين!. هذه مأساة يترتب عليها نتائج سلبية للغاية، لأن الأمة لو أصبحت نظرتها إلى أعداءها نظرةً إيجابية فهذا سيكون عاملاً مثبطاً للأمة عن تبني المواقف اللازمة تجاه الأخطار التي تتهددها من جانب أولئك، يجعلوا الأمة غافلةً عن مؤامراتهم ومكائدهم، يجعل الأمة هي ذاتها متقبلةً منهم، ما يفرضونه عليها فيما يضربها ويذلها ويهينها ويضعفها ويوصلها إلى المستوى الذي يريدونه ويريدون أن تصل إليه! وهذه مأساة - هذه كارثة - هذه مسألة في غاية الخطورة .
إذاً الشعار هو يعبر عن حالة سخط يجب أن تسود الأمة، لا ينبغي أبداً أن يحل محل هذا السخط حالة رضا، لأن حالة الرضا تلك هي التي ستمهد لأن تقبل الأمة بهيمنة أولئك وباحتلالهم للبلدان وسيطرتهم على المقدرات، ويمكن من خلال ذلك أن تكون الأمة قابلة لأي شيء يأتي من جانبهم مهما كانت خطورته .
حالة السخط يجب أن تكون حالة قائمة في واقع الأمة، هي: تهيئ الأمة لتبنّي المواقف اللازمة، وهي تحصن الأمة تجعلها متنبهة، مدركة، ترقُب الوضع، ترصد الأحداث، تتنبه لطبيعة المؤامرات والمكائد وبالتالي تتصدى لها .
أيضاً ستكون حافزاً مهماً لأن تتحرك الأمة في بناء واقعها الداخلي، لأن الأمة الإسلامية ونحن نتحدث عن الحال الأغلب وإلاّ هناك لا بأس - هناك صحوة في بعض البلدان، هناك تحرك، هناك واقع إيجابي، ولكنها حالات استثنائية جداً، نحن نتحدث عن الحال الأغلب في واقع الامة ، واقع الأمة ليس قائماً على أساس أنها أمة تعيش في مواجهة أخطار وتحديات ولها أعداء بهذا المستوى، بهذا الخبث، بهذا المكر، وتعيش حالة ً من الإستهداف الكبير. بالتالي: هي تعيش حالة التدجين، وحالة الخضوع، وهذه الحالة عطّلت واقع الأمة من التوجه إلى عوامل البناء، إلى عوامل القوة لأن الأمة التي تعيش الإدراك والإحساس بالخطر وبأن لها أعداء يستهدفونها هذا الإحساس وهذا الشعور يدفعها إلى أن تبحث عن عوامل القوة، لتبني نفسها، لتكون قويةً فتتمكن من دفع الأخطار ومواجهة التحديات.
ولكن حينما تفقد الأمة هذا الشعور، الإدراك للتحدي، والإحساس بالخطر، ومعرفة من هو العدو الحقيقي، وطبيعة الإستهداف، حينما تعيش هذا الإحساس يمكنها أن تتحرك إيجابياً فتبني نفسها. حينما تفقد هذا الإحساس وهذا الشعور وتخسر هذا الإدراك بالتالي: تتجمد ..تتجمد، لا تنهض، لا تتحرك، لا تبني نفسها، لا تبني واقعها، تقبل بالمستوى الذي هي عليه من الضعف! .
ولهذا حتى للنهوض بالأمة ، حتى على مستوى النهوض الحضاري الأمة بحاجة إلى ان تدرك أنها تعيش تحديات وأخطاراً يجب عليها أن تبني نفسها لتكون قوية ،لتكون في مستوى مواجهة تلك الأخطار وتلك التحديات ،لكن حالة التدجين للأمة التي رافقها أيضاً حالة من ترسيخ الشعور بالعجز والشعور بالضعف والشعور بالإحباط والشعور باليأس والنظرة إلى الآخر أنه مهيمن وأن هيمنته قضاء وقدر لا يمكن الفكاك منه ، هذه حالة سيئة جداً أسهمت إلى حدٍ كبير لمصلحة الأعداء أن تزداد هيمنتهم وأن تزداد أيضاً سيطرتهم على بلداننا ومقدراتنا وشئوننا .
نحن حينما نتحدث عن توصيف الواقع هذه هي مسألة مهمة جداً ، التوصيف لواقعنا الذي نعيشه كعرب وكمسلمين ، والتوصيف أيضاً والتشخيص للحالة التي نعيشها ، أيضاً التوصيف والتحديد لمنبع الخطورة ومصدر الخطورة وجهة الخطورة التي تتهددنا هذه كلها هي ركائز واقعية إذا أدركناها أدركنا وعرفنا ماذا يجب أن نعمل ؟ وماذا يجب أن نفعله لنغير هذا الواقع بدءاً من تغيير ما بأنفسنا { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }الرعد11.
فهذا الشعار هو يعبر عن حالة سخط يجب أن تعيشها الأمة وأن تتنامى هذه الحالة لتكون حصنا محصنا للأمة من اختراق الأعداء ، لتكون حافزا للبناء لبناء الأمة أيضاً فيما يقويها ، فيما تحتاج إليه من عوامل القوة لمواجهة التحدي والخطر ، وأيضاً لتستفيد منه الأمة بشكل كبير كعامل مهيئ لتبني المواقف اللازمة والاستعداد للمواقف اللازمة .
في المقابل هناك من يعمل لمصلحة الأعداء فيعزز في واقع الأمة أولاً النظرة الإيجابية إلى أعداءها فيجمد الأمة وتبقى على حالها وأسوء ، وثانياً يحاول أن يوظف هذه الأمة وكل مقدرات الأمة لمصلحة أعداءها على أساس أنهم أصدقاء في قلب للحقائق وتعكيس لها ، ولذلك يجب أن نسعى إلى نشر حالة الوعي التي تترافق مع الموقف والشواهد الكثيرة والعظيمة والمهمة والمتجددة كافية في دحض كل زيف ينطلق من جانب العملاء الذين يعملون لصالح أعداء الأمة .
هذا الشعار أيضاً هو يقدم ثقافة ويعالج حالة ، إنه يرسخ فينا الثقة بالله والاعتماد على الله وإيماننا بأن الله هو الأكبر في هذا الوجود بكله ، هو خالق هذا الوجود سبحانه وتعالى وهو المهيمن والعظيم والمقتدر ، وحينما نثق به ونعتمد عليه يمكننا أن نتحرك في واقع الحياة وفي مواجهة هذا التحدي بمعونته وبنصره وبتأييده وأن نسترشد بهديه العظيم والحكيم والمنير فنستبصر في واقعنا مهما كانت عتمة الظلمات ، ولذلك هذا الشعار حينما يعزز هذه الثقافة ويعطينا رؤيةً صحيحةً تجاه العدو ويشخص هذا العدو من هو بالتحديد ؟ أين هو مصدر الخطر ؟ أين هو منبع الخطورة على أمتنا ؟ إنهم إولئك ، هنا أيضاً يحصننا من حالة التلبيس والتضليل التي تخدم أولئك إلى حدٍ كبير .
اليوم هناك عمل كبير في داخل الأمة يحاول أن يحول بوصلة العداء في غير الاتجاه الصحيح ، يحولها في داخل الأمة ، عندما ننظر إلى ما يجري في واقعنا كمسلمين في هذه المرحلة يأسى الإنسان ويتألم ، كيف تتحرك أعداد كبير الآلاف من الناس فيما يخدم أمريكا وإسرائيل خدمة مباشرة ، فيما يحقق لأولئك أهدافهم وما يرومونه ، هذا اختراق كبير في واقع الأمة وتحرك للأسف الشديد محسوب على الإسلام وباسم الاسلام والإسلام بريء منه ، إنما يجسد فعلا الحالة التي عليها الطغيان الأمريكي ، هو يجسد الطغيان الأمريكي والإسرائيلي بكل بشاعته وقبحه ، بكل ما فيه من إجرامٍ وعدوانٍ وبطشٍ وجبروتٍ وبكل ما فيه من تحلل وبُعد عن القيم الإنسانية والفطرية التي فطر الله الناس عليها .
هذا التحرك وهذا الاختراق في واقع الأمة أعداد كبيرة من التكفيريين والقاعدة والدواعش الذين هم بمجملهم صناعة للاستخبارات الأمريكية ، وهم يتحركون في واقع الأمة تحت عناوين وأهداف وبشكل إجرامي وبشع وفضيع ويهدفون في المقام الأول إلى إلهاء الأمة وإشغالها تماماً عن أعداءها الحقيقيين ، عن إسرائيل وعن أمريكا ، نشاهد حتى الآن كيف تحركوا في العراق بشكل كبير وتحركوا في سوريا بشكل كبير وامتدوا إلى دول هنا وهناك ، لهم في اليمن أيضاً نشاط كبير ، بمعنى أن تحركهم تحرك يستهدف المنطقة بكلها ، بمعنى أن هناك إمكانيات وقدرة لتفجير الوضع ونشر الاختلالات الأمنية واستهداف البلدان في المنطقة بكلها من هذا البلد إلى ذاك ، معناه أن بوسعهم وبإمكانهم أن يتواجدوا في تلك المنطقة إلى ذلك البلد إلى تلك الدولة وأن يشتغلوا هنا وهنا وهنا ، طبعاً لو كانوا صادقين لو كانوا مخلصين لو كانوا فعلاً ضمن مشروع مستقل وهم على هذا المستوى والقدرة من التحرك في المنطقة عموماً لكانوا تحركوا في فلسطين ، أين هو موقفهم من العدوان الإسرائيلي ؟ بما ان لديهم هذه القدرة والإمكانية إلى الدخول حتى إلى البلدان المجاورة لفلسطين بما فيه سوريا ، لماذا لا يقفون الموقف المشرف والمسئول تجاه العدوان الإسرائيلي حتى في هذه الأيام ؟.لا ، لا يفعلون ذلك لأن مشروعهم لخدمة إسرائيل أصلاً ويهدف إلى تدمير البنية الداخلية للأمة بكل ما فيها على المستوى الاجتماعي ، على المستوى الثقافي ، تدمير الشعوب ، تدمير المؤسسات ، نسف كل القيم والأخلاق ، تقديم أبشع صورة عن الإسلام والمسلمين والتشويه للإسلام والمسلمين ، وأيضاً المحاولة من جانب الأمريكيين والإسرائيليين والغرب أن يستفيد من هؤلاء في تحفيز الشعوب الغربية ضد الإسلام ، وفي تعبئتها ضد الإسلام وضد المسلمين ، هذا الشيء يستفيد منه أولئك هناك في بلدانهم في شعوبهم ، يعني يحصنهم على المستوى الثقافي والفكري والعاطفي من أي ميل إلى الإسلام حينما يرون ويشاهدون ما يفعل أولئك من جرائم فضيعة وبشعة للغاية ، وبالتالي هذا الاختراق الكبير يهدف أيضا إلى الانحراف ببوصلة العداء ، لأن أولئك أيضا يتحدثون أحياناً بمشاريع طائفية أو ما شاكل ، يعني هم يحاولون أن يضعفوا الأمة أن يدمروا البنية الداخلية للأمة ، أن يشتتوا توجه الأمة وأن يضعفوها وأن ينحرفوا ببوصلة العداء إلى حيث تريد أمريكا وتريده إسرائيل أيضاً ، بالتالي نجد لزاماً أنه ينبغي أن نتحرك لتبقى بوصلة العداء دائماً إلى منبع الخطورة الحقيق إلى إسرائيل وإلى أمريكا ، وبالتالي لفت نظر وانتباه الناس إلى مؤامرات أمريكا ومؤامرات إسرائيل ، ما تتحرك به أمريكا وإسرائيل على كل المستويات ، على المستوى السياسي ، على المستوى الاقتصادي ، على المستوى الأمني ، على المستوى العسكري ، على كل المستويات ، هذا شيء مهم لأنهم يتحركون تحركاً شاملاً وينشطون بإمكانيات هائلة ويستفيدون من واقع مؤسف في داخل الأمة .
على العموم هذا المشروع القرآني بهتافه وشعاره ومشروعه الآخر المتعلق بالمقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية هو مشروع نحتاج إليه كمسلمين ، لأن بقائنا بلا مشروع يعني البقاء في حالة من الاستسلام والصمت التي تخدم الأعداء ، وهو مشروع متنور لأن الثقافة القرآنية تتضمن رؤية شاملة متكاملة ، تتناول الواقع وتتناول مشاكل الأمة وتتناول الأحداث وطبيعة الصراع وما تحتاج إليه الأمة في مواجهة هذا الصراع ، هذا أيضاً ما لا تتسع له كلمة ولا محاضرة لأن يقدم فيها ، لكن هناك الدروس والمحاضرات التي تضمنت ما يفيد في هذا السياق ، ومن أراد أن يستفيد منها فمهم الرجوع إليها للاستفادة منها .
تحرك هذا المشروع القرآني يشق طريقه مهما كان حجم الصعاب والظروف والتحديات والأخطار ، بالرغم مما واجه على المستوى الداخلي من عدائية شديدة جداً جداً جداً ، ومحاربة غير مسبوقة سعت إلى وأده وإنهاءه تماماً والقضاء عليه منذ مرحلته الأولى ، ولكن هذا المشروع المهم بقي قائماً وقوياً وكلما حورب ازداد قوة ، لأنه مشروع واقعي صحيح تشهد له الأحداث ، تشهد له الوقائع ، وأولئك الذين يتحركون في الطريق المعاكس لتقديم أمريكا وإسرائيل على أنها صديقة للأمة أو لتدجين الأمة أو في المشاريع الخطأ التي تخدم الأعداء هم الفاشلون وهم المتراجعون أمام واقع الأمة وهي تزداد وعياً وتدرك طبيعة الخطر وتحس بالمعاناة وتدرك حجم الاستهداف يوما إثر يوم ، لأن الشواهد كثيرة والمتغيرات والأحداث كفيلة بأن تقدم أيضا ما يشهد على ما تضمنه هذا المشروع القرآني المتميز .
أسأل الله أن يزيدنا وإياكم بصيرة ورشداً وأن يهدينا بكتابه حتى نستبصر ونسترشد بهديه ونوره ، أن يكتب لأمتنا العزة والفلاح والنصر والخير والانعتاق من حالة الظلم والتحرر من هيمنة الأعداء الظالمين والمستكبرين إنه سميع الدعاء .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛