صنعاء - سبأ :
نص كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة العيد التاسع لثورة الـ 21 من سبتمبر 06-03-1445 هـ 21-09-2023م:
أَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّدًا عبدُهُ ورَسُوْلُه خاتمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّدٍ وعلى آلِ مُحَمَّد، وبارِكْ على مُحَمَّدٍ وعلى آلِ مُحَمَّد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين والمجاهدين.
أيُّها الإخوة والأخوات، شعبنا اليمني المسلم العزيز:
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
بمناسبة الذكرى المباركة، يوم الانتصار التاريخي لشعبنا العزيز في ثورته التحررية، في الحادي والعشرين من سبتمبر، نتوجه:
أولًا: بالشكر لله تعالى، الذي وفَّق، وأعان، وأيَّد، وسدَّد، ويسَّر، وحقق لشعبنا ذلك الانتصار العظيم المذهل.
ثانيًا: نتوجه بالتهاني والتبريك إلى شعبنا العزيز، وفي المقدِّمة: لكل الذين أسهموا، وبذلوا الجهد، وقدَّموا التضحيات، ولكل الذين شاركوا وعملوا لتحقيق ذلك الإنجاز التاريخي العظيم.
إنَّ ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر هي من أهمِّ نعم الله على شعبنا، ومن أهمِّ الإنجازات التي وفَّق الله شعبنا لتحقيقها، فهي ثورةٌ أنقذت وحررت شعبنا من الوصاية، التي كانت معلنة ومكشوفة، وآنذاك التقت رغبة الطامعين للسيطرة على هذا البلد، وبالدرجة الأولى: الأمريكيين، مع التوجه الخاطئ لبعض الأشخاص والأحزاب، الذين كان كل رهانهم في أن يحققوا آمالهم بالحصول على المناصب، وأن يحققوا المكاسب الشخصية، والفئوية، والحزبية، بالارتهان للخارج، والاحتماء به، والاعتماد عليه، حتى على حساب استقلال بلدهم، وحرية شعبهم، فاتجه الأمريكي- لاغتنام ما اعتبره فرصةً كبيرة- لإحكام سيطرته، عبر فرضه سياساتٍ عدائية، تتجه بالبلد نحو الانهيار التام في كل المجالات:
فعلى المستوى السياسي: استغل الأمريكي التباينات والخلافات لتوسيع الفجوة، وتعميق الانقسام، وتحويل الحالة في الوسط السياسي إلى حالة تنافس في خدمته، والتقرُّب إليه، وتمكينه من التَّدخل أكثر، فكان الوضع في كل المشاكل السياسية يتفاقم، ويسخن، ويتعقَّد، ومعه تظهر أطروحات غريبة، تزيد الأمور سوءًا، وتتجه بالبلد نحو التقسيم، وتحوِّل أداء مؤسسات الدولة إلى فاشلٍ تمامًا ومحبط.
وعلى المستوى الأمني: شهد البلد- آنذاك- انهيارًا أمنيًا تامًا، وتحوَّلت العاصمة صنعاء إلى مسرحٍ مفتوحٍ للمجرمين، وتمكينهم من تنفيذ الاغتيالات للكوادر الأكاديمية، والرموز الوطنية، والشخصيات البارزة، وحتى لمنتسبي الأجهزة الأمنية، وكذلك التفجيرات، بهدف القتل الجماعي، وانتشار الفوضى، وتمكين التكفيريين المجرمين من الانتشار في معظم المحافظات، وحتى في أمانة العاصمة.
وعلى المستوى الاقتصادي: كان الاقتصاد ينهار، والأزمة تشتد، والمعاناة تكبر، بدون حرب ولا حصار! وفي وقتٍ كانت الموارد السيادية من نفط وغاز في كل أرجاء الوطن تحت يد السلطة، وعائداتها متاحة تحت تصرفها، وكل الموانئ مفتوحة، والقروض والمنح متدفِّقة، ومع ذلك تشتد الأزمة الاقتصادية، وتفرض الجرع على شعبنا جرعةً بعد جرعة.
وعلى المستوى الاجتماعي: كانت الروابط تتفكك، والمشاكل والنزاعات تتفاقم، والولاءات السياسية تفرِّق الشمل، ليس فقط على مستوى القبيلة، بل وحتى على مستوى الأسرة الواحدة، وكانت القيم والأعراف تتلاشى، بل كان هناك حملةٌ إعلاميةٌ وتثقيفيةٌ تسيء إلى القبيلة اليمنية والمجتمع اليمني، وتنشر الكراهية والبغضاء، وتثير الأحقاد والنعرات العنصرية، والمناطقية، والمذهبية بشكلٍ مكثف؛ لتمزيق النسيج الاجتماعي، وتفرِّق شمل أبناء اليمن.
وعلى مستوى التعليم والصحة: كان الانحدار فيهما يتجه بأبناء اليمن إلى اليأس، والإحباط، وانعدام الأمل، فمخرجات التعليم، ووضع المستشفيات، كان تحت الصفر.
وأمَّا على المستوى الاستراتيجي: فلم يكن هناك أي توجهٍ من أجل بناء البلد، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، والإنتاج المحلي، ودعم الزراعة.
وأمَّا الجيش: فقد تحوَّلت مهمَّته- آنذاك- إلى القتال الداخلي، مع تدمير قدراته العسكرية، التي لها علاقة بالدفاع والتصدي للعدوان الخارجي، كالدفاع الجوي، وكانت حفلات التدمير تتم بإشرافٍ أمريكيٍ مباشر.
وأمَّا القضاء: فقد تحوَّل واقعه- آنذاك- في روتينه الطويل جدًّا، وما دخله من خللٍ كبيرٍ في أنظمته، ومن اختراقٍ من قبل الطامعين والمرتشين إلى مقبرةٍ للعدالة... وهكذا في كل المجالات كانت الوجهة هي الانهيار التام.
والمؤسف جدًّا: أنَّ الأمريكي كان يدفع بالقادة والمسؤولين والجهات المعنيّة لتنفِّذَ هي تلك السياسات التدميرية، ويريد لليمنيين أن يكونوا هم بأنفسهم من يخرِّبون وطنهم، ويهدمون بنيانهم، ويفسدون حياتهم، ويخسرون استقلالهم، وعزتهم، وكرامتهم، ومستقبلهم، بأيديهم وإملاءاته، في مهزلةٍ مخزيةٍ ومأساوية.
لكنَّ شعبنا العزيز بهويته الإيمانيَّة، وحريَّته المتجذِّرة، وكرامته الأصيلة، كان لهم بالمرصاد، فثار ثورته المباركة لوضع حدٍ لتلك الكارثة، وتميَّزَت ثورة الحادي والعشرين بالفاعلية، والأخلاق، والقيم الراقية، والحكمة، والتسامح، والحرص الكبير جدًّا على السِّلم والشراكة، لكنَّ قوى الشر استمرت في مؤامراتها على شعبنا العزيز، وعندما يئست من استمرار لعبها، ومن نجاح خططها في احتواء الثورة، والعودة إلى استحكام النفوذ والوصاية، اتجهت إلى خطةٍ أخرى، حيث قام الأمريكي والبريطاني، وبدفعٍ وتشجيعٍ وتحريضٍ إسرائيلي، بتوريط قوى إقليمية على رأسها النظام السعودي، والنظام الإماراتي، بشن عدوانٍ غادرٍ وظالم على شعبنا اليمني العزيز، في إطار تحالفٍ تشرف عليه أمريكا بشكلٍ مباشر، وتشارك فيه بريطانيا، عدوانٍ إجرامي، قَتَل فيه التحالف عشرات الآلاف من أبناء شعبنا العزيز، وارتكب جرائم الإبادة الجماعية، فقتل الأطفال والنساء، والكبار والصغار، واستهدف المساكن، والمدن، والقرى، والمساجد، والمدارس، والمستشفيات، والآثار، واستهداف الأسواق، والمتاجر، والمصانع، والثروة الحيوانية، ووسائل النقل، والطرق، والجسور، والموانئ، والمطارات، واستهدف المباني الحكومية، بما يكشف بكل وضوح عن طبيعة العدوان، والأهداف الحقيقية للتحالف، مع حصارٍ خانق، حوَّل الحصول على الغذاء والدواء إلى معضلة، وبتكاليف مرهقة، تفوق القدرة الشرائية لمعظم أبناء الشعب، وزاد من معاناة شعبنا العزيز.
ومع الحصار الخانق، والتدمير الشامل، قام التحالف باحتلال أجزاء واسعة من البلد، وواصل سياسته العدائية في تمزيق النسيج الوطني، وتجييش التكفيريين، والحاقدين، والمرتزقة، والخونة، ليشاركوا مع القوات الأجنبية ضد أبناء وطنهم، وضد شعبهم، وقبائلهم، ومجتمعهم، وليمكِّنوا المحتل من الاحتلال، ويتكفَّلوا بحراسته في المعسكرات والمنشآت، التي يجعل منها قواعد لتثبيت احتلاله، وَصَنَعَ منهم أدوات سياسية، بهدف أن يجعل منهم غطاءً يبرر احتلاله، وأبواقًا إعلامية ينفخ فيها دائمًا بالشتم والسب، والافتراء والبهتان ضد أبناء الوطن.
ومع الحرب العسكرية يشن حربًا ناعمةً إعلاميةً وتضليليةً واقتصاديةً وإفسادية؛ لتفكيك الجبهة الداخلية، وصرف الأنظار، وتحويل الاهتمام عن أفعاله الشنيعة، وعن الأولويات الإنسانية والأخلاقية والوطنية الكبرى في التصدي لحربه وحصاره واحتلاله ومؤامراته على بلدنا.
وبعد أن فشل في احتلال كل البلد، استمرت مؤامراته في الحصار، والحرب الدعائية، ومحاولة استهداف الجبهة الداخلية، وقد تصدَّى شعبنا العزيز للعدوان باستبسالٍ وصبرٍ ووعيٍ وثبات، مستعينًا بالله تعالى، ومتوكلًا عليه، وقدَّم التضحيات الكبرى، وتجلَّى في صموده العظيم مصداق قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله: ((الإيمان يمان، والحكمة يمانية))، وجسَّد العزة الإيمانية، كما في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون: من الآية8]، فلم يستسلم، ولم يخنع للأعداء.
واتَّجه أحرار هذا الوطن، من مجاهديه الأعزاء، وجيشه الوفي، إلى بناء القدرات العسكرية، وتصنيع قوَّة الردع، التي تضرب المنشآت الحسَّاسة في عمق المعتدين، كالقواعد الجويَّة، والمنشآت النفطية، والأهداف العسكرية، فامتلك بلدنا- بتوفيق الله تعالى ومعونته- التقنية الصاروخية، وصنعت القوة الصاروخية في تطوُّرٍ تصاعدي أنواع الصواريخ بالمديات المتنوعة: من قصيرة المدى، ومتوسطة المدى، وبعيدة المدى، وباليستية، ومجنَّحة، وبدقةٍ تامة، وكذلك قسم الطيران المسيَّر، الذي صنع أنواع الطائرات المسيَّرة بمديات ومسافات متنوعة، والقوات البحرية الباسلة التي صنعت أنواعًا مختلفة من سلاح البحرية، وكذلك في القوات الجوية، وسلاح الدفاع الجوي.
ومع الحصار الشديد كان التوجه نحو التصنيع لكل أنواع السلاح والمتطلبات العسكرية: من المدفعية وقذائفها، والقناصات... وغيرها، والخلاصة: من المسدس إلى الصاروخ، وهذا إنجازٌ عظيم، ونتيجةٌ معاكسة لأهداف تحالف العدوان، الذين كان من أول أهدافهم المعلنة: تدمير القدرات العسكرية لبلدنا.
كما تمَّ العمل لإعادة بناء الجيش في المناطق العسكرية والمحاور، وبناء قدراته، ورفع مستوى الأداء القتالي، وترسيخ العقيدة القتالية المنبثقة من انتمائه الإيماني، وقد ظهرت فاعلية وقدرة الجانب العسكري، في العمليات القتالية، والضربات المدمِّرة، والإصابات الدقيقة، وكذلك تم عرض نماذج منها في العروض العسكرية، وكان منها ما تم عرضه اليوم.
وفي الجانب الأمني: تكللت الجهود بالنجاح الباهر، في إعادة بناء الأجهزة الأمنية، وبتوفيق الله تعالى نجحت في التصدي لمؤامرات الأعداء، حيث كانوا يحاولون فتح حربٍ تخريبيةٍ إجراميةٍ فظيعة: بالاغتيالات، والتفجيرات، على غرار ما فعلوه في العراق وأسوأ، ففشلوا في ذلك إلى حدٍّ كبير، واعتقلت الأجهزة الأمنية عشرات الخلايا الإجرامية.
وفي المجال الاقتصادي: كانت مؤامرات الأعداء دنيئةً جدًّا، وفي غاية الظلم والقسوة والتوحش، فلم يكتفوا بالحصار الشديد، وتدمير المتاجر، والمزارع، والمصانع، والسيطرة على النفط والغاز، وحرمان الشعب من عائداته كثروةٍ وطنيةٍ| أساسية، وإصابة الوضع الاقتصادي بالشلل؛ من أجل تعطيل الأعمال، بل كانوا يستهدفون العملة الوطنية، ويحاولون أن يصلوا بها إلى الانهيار؛ لتوجيه ضربةٍ أخيرة تقضي على ما بقي من تماسكٍ اقتصادي، وكان لهم مؤامرات أخرى من هذا القبيل، بدؤها باستهدافهم البنك المركزي.
وقد بذل الإخوة المعنيون في الجهات الرسمية، واللجنة الاقتصادية، جهدًا كبيرًا في التصدي لمؤامرات الأعداء، ووفَّقهم الله في فشل العدوّ في الانهيار للعملة، حيث كانت خطط العدوّ تنجح فقط في المحافظات المحتلة، وتفشل في المحافظات الحرّة.
وأمَّا في الجانب الخدمي: فمع التدمير الممنهج من جهة تحالف العدوان للطرق، والجسور، والمنشآت الخدمية، فقد سعت الجهات الرسمية إلى مواصلة تقديم الخدمات، من واقع ظروفٍ صعبة، وإمكاناتٍ محدودة، في ترميم الطرقات، وإعادة بعض الجسور، وإعادة تشغيل الكهرباء في بعض المدن... ومشاريع أخرى.
شعبنا العزيز: لقد كان من الطبيعي أن تكون الأولوية الأولى والكبرى هي التصدي للعدوان؛ إذ هي أولويةٌ بكل الاعتبارات: الإنسانيَّة، والأخلاقية، والدينية، والوطنية، ولا تزال أولوية، حتى يتم إنهاء العدوان والحصار والاحتلال، ولكننا لن نتجاهل الأولوية الأخرى، في تصحيح الوضع في مؤسسات الدولة، كهدفٍ أساسيٍ من أهداف ثورتنا المباركة، ومطلبٍ شعبيٍ نعمل على تلبيته.
وبالرغم مما يبذله الأحرار الصابرون المخلصون من مسؤولي الدولة، من جهدٍ في كل المجالات، في ظل الظروف الصعبة جدًّا، والاستهداف العدائي من التحالف، فإنَّ كثيرًا من الإشكالات الموروثة من الماضي، في: الأنظمة، والسياسات، والقوانين، والإجراءات، مع وجود بعضٍ من المدسوسين في مرافق المؤسسات، الذين بقيت لهم ارتباطاتهم بالأعداء، ووجود البعض من المسؤولين المقصِّرين، والبعض من منعدمي الكفاءة؛ كل ذلك كان له تأثيره السلبي في أداء مؤسسات الدولة، سواءً في المجال الاقتصادي، وتنمية الموارد، وإنجاز المعاملات، وتهيئة بيئةٍ ملائمةٍ للاستثمار، وفي العلاقة مع القطاع الخاص، وتشغيل اليد العاملة، والحركة في الإنتاج الداخلي، وتحقيق النهضة الزراعية بالقدر المطلوب، وتعزيز التعاون مع الشعب بالقدر اللازم في التوجه نحو الإنتاج، فالمؤسسات الرسمية مع وجود مسؤولين مخلصين وجادّين، وصبر الآلاف من الموظفين على انعدام الراتب، ومحدوديَّة النفقات التشغيلية، تعاني أيضًا من تلك الاختلالات والأمراض المزمنة، من: وجود أسلوب الابتزاز المالي من بعض المسؤولين، والروتين الرسمي البطيء جدًّا في إنجاز المعاملات، كما كان لتلك الإشكالات تأثيرها السلبي على القضاء، بالرغم من الجهود المضنية للمخلصين الصادقين من كوادره الأوفياء، لكنَّ حجم الاختراق، والظواهر السلبية، والأنظمة الفاشلة الموروثة من الماضي، أثَّرت على أدائه تأثيرًا مؤسفًا.
وخلاصة الكلام: أنَّ حجم العدوان، والحصار، والمؤامرات العدائية، يأخذ حيزًا أكبر في الوضع المزري لبعض مؤسسات الدولة، ومحدودية الإمكانات، وهو السبب الرئيسي في توقف الراتب، الذي كان مصدره الأساسي هو عائدات النفط والغاز، وإضافةً إليه: موروث الماضي، في الاختلالات السلبية المعتادة في أداء بعض الموظفين، وفي الأنظمة والقوانين التي تحتاج إلى إصلاح، ومضافًا إليه: من لا يمتلكون الرؤية الصحيحة، أو الكفاءة بحجم المسؤولية، وبناءً على ذلك: فالعمل على إصلاح وضع مؤسسات الدولة هو ضرورةٌ وطنية، ومطلبٌ شعبي، وأساسٌ مهمٌ لصمود البلد في وجه الأعداء ومؤامراتهم، وتحويل التحدي إلى فرصة، والعمل وفق رؤيةٍ صحيحة، تؤدِّي فيها مؤسسات الدولة دورها في توفير البيئة، والظروف المناسبة لنهضة الشعب، وحركته الاقتصادية، وإدارة وتنمية الموارد؛ بحيث تكون السياسة الاقتصادية معتمدةً على تنمية الموارد؛ لتنمية الإيرادات، بدلًا عن الاعتماد كليًا على الجباية المالية المرهقة للمواطنين.
إنَّ حجم الاختلالات في الوضع الرسمي يتطلب تغييرًا جذريًّا، يُعيد للشعب الأمل والانتعاش، ويؤسس لمرحلةٍ جديدة، تؤدِّي فيها مؤسسات الدولة دورها في خدمة الشعب، بمسؤولية، وأخلاق، وقيم، ورقابةٍ صارمة، وبسياساتٍ صحيحةٍ وسليمةٍ ومثمرة، وتستفيد أيضًا من التقنيات الحديثة، في اختصار الإجراءات، وسرعة إنجاز المعاملات، وتحديث الإدارة، وتنطلق من رؤيةٍ صحيحة في البناء الحضاري والاقتصادي، تحوِّل بلدنا إلى مُنْتِج، وليس معتمدًا كليًا على الاستيراد لكل شيء، حتى لأبسط متطلباته.
إنَّ الأسس والمنطلقات التي سوف نعتمد عليها في التغيير الجذري هي: الهُوية الإيمانية لشعبنا يمن الإيمان والحكمة، وبرؤيةٍ جامعة، في إطار القواسم المشتركة، وكذلك الشراكة الوطنية التي نسعى لتعزيزها وترسيخها، وتحقيق الاستقلال والحرية لبلدنا، واستعادة اللحمة الوطنية، والبناء الحضاري.
وإنَّ المرحلة الأولى للتغيير الجذري، والتي سوف توفِّر أرضيةً صلبةً، ورؤيةً صحيحة، ومنطلقًا ثابتًا وسليمًا، سنعلن عنها- إن شاء الله تعالى- في مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف.
وإنَّني في ختام هذه الكلمة أتوجه إلى شعبنا العزيز بالشكر والإشادة والتقدير، على تفاعله الكبير مع مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، بما يعبِّر عن هويته الإيمانية، وأرجو أن يكون حضور جماهير الشعب في يوم المناسبة، حضورًا مليونيًا وعظيمًا وغير مسبوق.
نسأل الله أن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.
وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛