صنعاء- سبأ: مرزاح العسل
مع كل موجة برد قارسة وفي ظل استمرار القصف الصهيوني.. تزداد معاناة النازحين في غزة في الخيام، حيث لا يكفيهم ويلات التشرد وحياة الخيام، ونقص المياه والغذاء والرعاية الصحية، بل يُضاف إليها مكاره تراكم النفايات في أماكن نزوحهم.
وحذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الإثنين، من أن نحو مليون نازح فلسطيني في قطاع غزة يواجهون خطر البرد والأمطار في هذا الشتاء.
وقالت الوكالة في منشور لها عبر حسابها على منصة "إكس": إن النازحين في غزة يحتاجون إلى الحماية من المطر والبرد.. مؤكدة أن نحو 23 في المائة فقط تمت تلبية احتياجاتهم.
ووفقاً للأونروا، فإن 945 ألف فلسطيني معرضون لخطر البرد في فصل الشتاء.. مشددة على الحاجة الماسة لتلبية احتياجاتهم مع تفاقم الأزمة.
وكان المتحدث باسم "الأونروا"، جوناثان فاولر، قد صرح بأن نحو 60 ألف فلسطيني في شمال قطاع غزة يعيشون في ظروف كارثية تحت الحصار الصهيوني المستمر منذ 62 يوما، "محاطين بالموت من كل جانب".
ولفت فاولر إلى أن إيصال المساعدات الإنسانية إلى المنطقة "صعب للغاية"، حيث لم تدخل سوى 75 شاحنة من المساعدات عبر المعابر الحدودية في 27 نوفمبر الماضي، رغم الحاجة إلى إدخال نحو 500 شاحنة يوميا لتلبية احتياجات السكان.
وحذّر من أن الوضع في شمال غزة "أصبح مأساويا" بسبب نقص الغذاء والدواء والمياه الصالحة للشرب، باعتبار سكان القطاع "يعتمدون بالكامل على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة".
ومنذ بدء حرب الإبادة الجماعية الصهيونية بغزة في السابع من أكتوبر 2023، شرد العدو الصهيوني بموجب أوامر الإخلاء القسري قرابة مليوني فلسطيني من أماكن سكناهم إلى مناطق في دير البلح ومواصي خانيونس، بزعم أنها إنسانية، إلا أن هذه المناطق قصفها العدو بصلف وإرهاب، إضافة لحرمان سكانها من الطعام والماء.
وتؤكد مصادر فلسطينية أن العدو الصهيوني يتفنن بقتل الفلسطينيين، فتارة بالقنابل والصواريخ، وبالتجويع والحصار، والآن بالمكاره الصحية.
وتقول تقارير صادرة عن جهات حكومية بغزة: إن العدو تعمد استهداف البنى التحتية وشبكات الصرف الصحي، وخطوط المياه، ما يُحدث أزمات قاسية لدى النازحين، ناهيك عن الأزمات التي تلاحقهم في كل لحظة.
ويتكرر المشهد مع النازحين كافة على امتداد وجودهم في قطاع غزة، فتجد الكثيرين منهم خاصة الأطفال يسيرون حفاة، بسبب عدم توفر الأحذية، واهتراء أغلبها، نتيجة الحصار المفروض والحرب المتواصلة على قطاع غزة.
ويؤكد نائب المدير العام للإدارة العامة لحماية البيئة في سلطة جودة البيئة، رئيس جمعية أصدقاء البيئة الفلسطينية المهندس عاطف جابر، أن تراكم النفايات والمياه العادمة في الشوارع شكل أكبر خطر على صحة الإنسان والبيئة.
وينبه جابر في بيان صحفي إلى أن استمرار الحرب الصهيونية يحول دون تمكن البلديات من نقل النفايات إلى المكبات الرئيسية، ما نتج عنه تفاقم المكرهة الصحية، وانتشار الأمراض.. مُحذراً من خطر المكبات العشوائية، كونها تلامس الإنسان والحيوانات الضالة، وتعمل على استنزاف الأراضي الزراعية.
ويشير إلى أن اختلاط تلك النفايات بمخلفات المستشفيات، وتكدسها بين خيام النازحين، يُنذران بكارثة صحية، يتحمل مسؤوليتها العدو الصهيوني، الذي يمنع نقلها إلى المكبات الرئيسية، علاوة على وجود ملايين الأطنان التي نتجت عن عمليات تدمير المنازل والمنشآت.
ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، التي حذرت منذ أشهر من كارثة صحية وبيئية شاملة يواجهها سكان قطاع غزة، يرتبط الماء الملوث وتردي منظومة الصرف الصحي بانتشار الأمراض، مثل: الكوليرا، والإسهال، والدوسنتاريا، والالتهاب الكبدي الوبائي.
وبحسب شهود عيان، ينام آلاف الأطفال الرضع في قطاع غزة يومياً وهم يشكون البرد والجوع، في حين يضطر البالغون للنوم واقفين، بعد 430 يوما على العدوان الصهيوني الذي أحدث أكبر كارثة إنسانية في القرن الـ21.
وفي أواخر نوفمبر الماضي، أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) وجود نقص حاد في المأوى المناسب لمئات الآلاف من النازحين بسبب الأعمال العدائية في أنحاء غزة.
وذكر المكتب أنه لم يتم تلبية سوى أقل من ربع احتياجات المأوى في القطاع، مما يترك ما يقرب من مليون شخص معرضين لخطر التعرض لظروف قاسية مع اقتراب فصل الشتاء.
وأوضح أن نحو 545 ألف شخص يعيشون في مبانٍ متضررة وملاجئ مؤقتة، مما يؤكد الحاجة الملحة إلى ضمان دخول آلاف المجموعات من القماش المشمع والعازل لإصلاح أماكن المعيشة إلى القطاع دون تأخير.
وشهد قطاع غزة منخفضا جوياً وأمطار غزيرة، أواخر الشهر الماضي، تسببا في تلف نحو عشرة آلاف خيمة تؤوي نازحين، وفق بيان نشره المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة.
وذكر المكتب الإعلامي أن جيش العدو الصهيوني منع إدخال 250 ألف خيمة وكرفان (منازل متنقلة) إلى القطاع في ظل واقع إنساني خطير.
وشهدت مناطق التوغل البري شمال قطاع غزة هجمات عنيفة، حيث قامت آليات العدو الصهيوني بإطلاق النيران بكثافة تجاه المناطق الغربية لمخيم جباليا، كما تعرضت العديد من أحياء المخيم ومناطق أخرى تقع في منطقة مشروع بيت لاهيا لقصف مدفعي عنيف.
وأكد سكان من شمال القطاع، أن طائرات حربية نفذت سلسلةَ غارات جوية على بلدة بيت لاهيا، فيما أحرق جنود العدو منازل سكنية في محيط جمعية التطوير في البلدة، وضمن عمليات التخريب والتدمير الواسعة، قام جنود العدو بنسف مباني جديدة في مخيم جباليا، حيث سمعت أصوات الانفجارات الناجمة عن العملية من مناطق عدة في شمال القطاع وفي أحياء مدينة غزة المجاورة.
من جهة ثانية، تخشى في هذه الأوقات بلدية مدينة غزة، كبرى مدن قطاع غزة، من حدوث انهيار كامل في البنية التحتية لمنطقة "بركة الشيخ رضوان"، شمال المدينة، والتي تتجمع فيها مياه الأمطار والصرف الصحي، نتيجة عمليات القصف الصهيوني المتواصلة.
وتؤكد تقارير رسمية فلسطينية، أن قوات العدو الصهيوني تعمّدت تدمير أكثر من 80 في المائة من البنية التحتية في قطاع غزة جراء عمليات القصف المتواصلة.
وأدى إعلان (منظمة المطبخ المركزي العالمي الخيرية) تعليق عملياتها في قطاع غزة، إلى تفاقم أزمة المجاعة بين النازحين في جنوب القطاع، وذلك في ظل إغلاق عدد كبير من تكايا الطعام نتيجة عدم توفر المواد الغذائية.
كانت منظمة المطبخ المركزي العالمي الخيرية، أعلنت يوم 30 نوفمبر، عن تعليق عملياتها في قطاع غزة بعدما أصابت غارة جوية صهيونية سيارة تقلّ موظفيها وقتلت عددًا منهم، رغم تنسيق المنظمة تحركاتها بشكل مُسبق مع العدو الصهيوني.
ويواصل العدو الصهيوني منذ السابع أكتوبر 2023 عدوانه المدمّر على قطاع غزة برا وبحرا وجوا، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 44 ألف شخص أغلبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة أزيد من 106 آلاف آخرين، في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، لا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.