العدو الصهيوني يدفع فاتورة باهظة ويتكبد خسائر مُركبة في حربه على غزة


https://www.saba.ye/ar/news3426417.htm

وكاله الانباء اليمنيه سبأ | سبأنت
العدو الصهيوني يدفع فاتورة باهظة ويتكبد خسائر مُركبة في حربه على غزة
[20/ يناير/2025]

صنعاء- سبأ: مرزاح العسل

مع انتهاء حرب الإبادة الصهيونية على غزة بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وانسحاب تدريجي لجيش العدو من مناطق القطاع، بدأت تتكشف الأثمان الباهظة والخسائر المُركبة التي تكبدها العدو الصهيوني في حربه على غزة.

وبعد انقضاء نحو 15 شهرًا من حرب الإبادة الجماعية التي بدأها العدو في السابع من أكتوبر 2023، في حرب هي الأطول منذ بدء الصراع العربي الصهيوني، كانت خسارة الفلسطينيين الإنسانية ضخمة، إذ راح ضحية هذا الحرب الوحشية أكثر من 46 ألف شهيد وأكثر من 109 آلاف جريح ومصاب من سكان غزة.. ودمار 69 في المائة من مساحة القطاع، بمعدل 245 ألف وحدة سكنية لم تعد صالحة للعيش، إلى جانب نزوح 90 في المائة من سكان القطاع داخليًا إلى مناطق متفرقة.

لكن هذه الخسائر تُعد نتيجة حرب تحرر كبرى من آخر احتلال استعماري موجود على وجه الأرض، ودائمًا ما يكون ثمن الحرية غاليًا ومهولًا.

وإذا ما كان الفلسطينيون قد دفعوا في معركة "طوفان الأقصى" ثمنًا هائلًا لتحررهم من هذا الاحتلال الغاشم، إلا أن المستوطنين الصهاينة يألمون كما يألم أبناء فلسطين، ويتجرعون مرارة احتلالهم وأثمان عدوانهم من حياتهم وأموالهم وسمعتهم بل ومستقبل كيانهم وأبنائهم.

وفي هذا السياق، كبدت المقاومة الفلسطينية الكيان الغاصب خسائر غير مسبوقة على الصعيدين البشري والمادي، واعتبارًا من يناير 2025، تكبد العدو الصهيوني خسائر بشرية متزايدة في صفوف الجيش والمستوطنين، من بينهم 840 جنديًا، إضافة إلى 58 فردًا من الشرطة وعشرة أعضاء من جهاز الأمن الداخلي (شين بيت)، فيما تمكنت المقاومة من أسر 251 صهيونياً بينهم حملة جنسيات أجنبية، قُتل 36 منهم في القصف الصهيوني المكثف على قطاع غزة.. عدا عن وقوع أكثر من 1900 جريح أغلبهم في الأيام الأولى التالية لعملية طوفان الأقصى.

وفقًا لمعطيات رسمية صادرة عن وزارة الحرب الصهيونية، استقبل قسم إعادة التأهيل بالوزارة عشرة آلاف و56 جنديًا جريحًا بين أكتوبر 2023 وأغسطس 2024، بمعدل يفوق ألف جريح شهريًا نتيجة العمليات العسكرية في غزة.

وأوضحت البيانات أن أكثر من 3700 من المصابين يعانون من إصابات في الأطراف، بينما تشمل الإصابات الأخرى 192 إصابة في الرأس، و168 إصابة في العين، و690 إصابة في النخاع الشوكي، بالإضافة إلى 50 حالة لبتر الأطراف تتلقى العلاج في قسم إعادة التأهيل.

وكشفت لجنة فحص ميزانية الأمن والدفاع الصهيونية "ناجل" في حديث حول أرقام الحرب ونتائجها، أن تكلفة الحرب على قطاع غزة بلغت ما يقارب 250 مليار شيكل (67.57 مليار دولار) حتى نهاية عام 2024، وهو مبلغ يقتصر على التكاليف الأمنية المباشرة والنفقات المدنية وخسائر الإيرادات، ولا يشمل باقي الجوانب.

فيما قالت ما تسمى بوزارة المالية الصهيونية: إن ميزانية الكيان سجلت عجزًا قدره 19.2 مليار شيكل (5.2 مليار دولار)، حتى ديسمبر 2024، وهو الأعلى منذ عام 2020.. مشيرة إلى أن نفقات الحرب كاملة (في غزة ولبنان) وصلت إلى 621 مليار شيكل (169.7 مليار دولار)، بزيادة 20 في المائة عن العام السابق.. وهذا ما قد يكون سببًا في رفع ميزانية وزارة الدفاع خلال العقود القادمة.

وأشارت وسائل إعلام العدو إلى عدم دقة ما أعلنته الحكومة الصهيونية في تقريرها الصادر نهاية عام 2024، عن وصول العجز المالي إلى 6.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.. واصفة الوضع بـ"أكثر قتامة"، إذ أظهرت التحليلات أن العجز الحقيقي للكيان يصل إلى 7.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أي حوالي 142 مليار شيكل (37.7 مليار دولار).

وعلى الرغم من احتفاء رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش برقم دون سبعة في المائة من العجز، فإن البيانات تؤكد تباطؤ نمو الاقتصاد الصهيوني، حيث من المتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي للفرد انكماشًا خلال العام الجديد، بالتزامن مع ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل كبير وتأثر الشركات الصغيرة والمتوسطة وإغلاق المئات منها.

وبالنسبة للخسائر العسكرية الصهيونية منذ السابع من أكتوبر 2023، فمن الصعب الجزم بأرقام دقيقة بسبب تباين التقارير وافتقار البيانات الرسمية الشاملة، مع ذلك تفيد بعض المصادر إلى فقدان "إسرائيل" ما يقرب 88 مركبة مدرعة خلال الأيام الخمسة الأولى من القتال في غزة، تبعها 335 مركبة عسكرية بحلول نوفمبر 2023، ولا يقل عن 1000 دبابة عسكرية بحلول 2023، حسب تصريحات متفرقة لقادة حماس.

وكشفت هيئة البث الصهيونية عن أن 35 في المائة من الجنود الجرحى يعانون من اضطرابات نفسية، تشمل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، في حين أن 37 في المائة منهم فقدوا أحد أطرافهم.

وقالت الهيئة: إن غالبية الجرحى، بنسبة 68 في المائة، هم من جنود الاحتياط ومعظمهم من فئة الشباب، حيث تتراوح أعمار 51 في المائة منهم بين 18 و30 عامًا، و31 في المائة بين 30 و40 عامًا.. مُشيرة إلى أن 28 في المائة من الجرحى صنفوا "الصعوبات العقلية" باعتبارها المشكلة الأكبر التي تواجههم بعد العودة من القتال في غزة.

ومنذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى" وما أعقبها من مواجهات دامية مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية، إضافة إلى عدة أشهر من الاشتباكات مع "حزب الله" على الحدود اللبنانية، يواجه الكيان الصهيوني خسائر استراتيجية تتصدر قائمة ما يصعب تعويضه أو تداركه.. تمتد لتشمل أبعادًا اقتصادية وسياسية وأمنية، ما يجعله أمام تحديات وجودية تمس صورته ومكانته على المستويين الإقليمي والدولي.

وسبق أن أفاد "بنك إسرائيل" أن غياب 57 ألفًا و600 فرد من القوى العاملة في مستوطنات الشمال يُكبّد الاقتصاد الصهيوني خسائر لا يمكن تلافيها تقدر بحوالي 63.2 مليون دولار أسبوعيًا.

وتؤكد صفقة وقف إطلاق النار في غزة وانتهاء الحرب بشروط المقاومة، بقيادة حماس، أن الخسائر التي تكبدها العدو تتجاوز بكثير حدود الخسائر البشرية والمادية والاستراتيجية، بل إن هذه الحرب تحمل معها هزيمة طويلة الأمد قد لا تتعافى منها "إسرائيل" إطلاقًا، حيث ظهرت جليًا محدودية القوة الصهيونية أمام إرادة المقاومة الفلسطينية.

وقدّم الناطق باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، خلال كلمته التي ألقاها بمناسبة دخول اتفاق الهدنة حيّز التنفيذ، بعضًا من جردة الحساب التي تمثل الخسائر المركبة للعدو بعد معركة طوفان الأقصى التي غدت "مسمارًا في نعش الاحتلال الذي لا بد أن يزول لا محالة"، بعد أن أصبح كيانًا منبوذا يطارد قادته وجنوده كمجرمي حرب يمارسون جرائم الإبادة الوحشية بحق غزة.

وقال أبو عبيدة في كلمته: إنّ الهزة التي تعرض لها الكيان الصهيوني في هذه المعركة أضعفت أسس نظريته الأمنية ووجهت له ضربة كبيرة، وأسقطت نظرية الردع، وتسببت بقتل وإصابة الآلاف من جنوده، وتدمير وإخراج نحو ألفي آلية عسكرية من الخدمة.

وتابع حديثه بالتأكيد على أنّ المقاومة أصابت أسس ما يسمى بأمن العدو القومي، وتم فرض التهجير والنزوح على مناطق واسعة، وفتح جبهات قتال متعددة، في مؤشرات على زواله الحتمي.

وأوضح أنّ "الحصار بحرا، واضطرار العدو للتستر والاختباء والاستنجاد بقوى دولية للدفاع عنه، كلها دلائل على ضعفه وانكساره، وهذه الحرب ستظل عنوانًا للعزة والكرامة، وستكون منارة لكل الأحرار".

وأردف بالقول: "كل هذا مرورا بفضح الاحتلال وإظهاره ككيان وحشي مجرم، وتشويه وجهه، وفضح من يقف وراءه من طغاة العالم ومنظماته الشكلية، وصولًا إلى نبذه وملاحقة قادته وجنوده كمجرمي حرب مطلوبين للعدالة، وكل ذلك وغيره الكثير جعل شعوب العالم تدرك حجم جريمة هذا الاحتلال".

وفي سياق خسائر العدو الكبيرة، أكد أبو عبيدة أنّ "السواد الأعظم من شعوب العالم بات على قناعة بأن هذا الاحتلال هو أكبر خطيئة في هذا الزمان، وأن استمرار اغتصابه لأرضنا سيؤثر على المنطقة والعالم، وأن صمت وتواطؤ قوى الظلم فيما يسمى بالمجتمع الدولي على جرائمه في غزة ستكون له عواقب وخيمة على الجميع، وليس فقط على غزة".

وبتسليط الضوء على مضامين الخسائر التي طرحها أبو عبيدة، تظهر الأرقام والحقائق بالفعل حجم ما خسره العدو على الصعيد السياسي والعسكري والاقتصادي وعلى صعيد جبهته الداخلية وأزمته التي عصفت بكل مكونات مجتمعه الذي أصبح أكثر تفككًا بعد الطوفان.

وتظهر الأرقام الرسمية التي كشفت عنها الجبهة الداخلية الصهيونية إجلاء حوالي 143,000 مستوطن محتل من المناطق الجنوبية والشمالية المحتلة، منهم 74,500 من مستوطنات غلاف غزة و68,500 من الحدود مع لبنان، هذا فضلا عن الخسائر الاقتصادية الكبيرة التي عصفت باقتصاده وهوت بعملته "الشيكل" إلى الحضيض.

وشككت صحيفة "كالكاليست" خلال الأسبوع الجاري فيما أعلنته الحكومة الصهيوني عن وصول العجز المالي إلى 6.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024، أي حوالي 136 مليار شيكل (36.1 مليار دولار).

وأشارت إلى أن الحقيقة تبدو أكثر قتامة، إذ تُظهر التحليلات أن العجز الحقيقي يصل إلى 7.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أي حوالي 142 مليار شيكل (37.7 مليار دولار).

وعسكريًا، تعرض الكيان الصهيوني لخسائر فادحة، حيث تمكنت المقاومة الفلسطينية من تدمير نحو 41 في المائة من الآليات المتوغلة في غزة، والبالغ عددها 383 آلية، مما يعكس حجم الاستنزاف العسكري الذي تعرضت له القوات الصهيونية خلال العمليات البرية.

وأكدت دائرة الإحصاء التابعة للكيان الصهيوني أن عام 2024 شهد مغادرة 82,700 مستوطن لفلسطين المحتلة، بينهم 58,900 لم يعودوا إليها.. يأتي ذلك في ظل تأثيرات عملية "طوفان الأقصى" التي تركت آثارًا كبيرة على الأوضاع الداخلية.

وأثبتت هذه المعركة، الطبيعة الوحشية لهذا الكيان الفاشي ككيان مارق عن الأنظمة والقوانين الدولية، وكافة الأعراف الإنسانية، باستهتاره بكلّ القيم، وارتكابه أبشع الجرائم ضدَّ أطفال ونساء ومستشفيات وأماكن محمية، التي صدمت العالم والشعوب.

وأصبح الكيان مُطاردًا تطالب المحكمة الجنائية الدولية بتقديم قادته وجنوده وعلى رأسهم نتنياهو للمحكمة كمجرمي حرب، فيما توالى انضمام دول العالم لجنوب إفريقيا في قضيتها المرفوعة ضد دولة الاحتلال في محكمة العدل الدولية.

ولم تقف خسائر العدو عند هذا الحد ولكنّ "طوفان الأقصى" ضربته في العمق، فلم يعد العالم كما السابق يصدق كذبة معاداة السامية التي روجها كيان الاحتلال، والجيش الأكثر أخلاقية في العالم، والدولة الأكثر ديمقراطية في الشرق الأوسط وغيرها.

وتمكنت معركة "طوفان الأقصى" من إسقاط السّردية الصهيونية عند شريحة كبرى في هذا العالم، من شعوب ومؤسسات ونقابات وتجمّعات ودول وكيانات، مقابل صعود كبير للحق الفلسطيني والسّردية الفلسطينية حول العالم، خاصة بعد المجازر الوحشية التي ارتكبها العدو ضد الأبرياء المدنيين.

كما أبرزت هذه المعركة الطبيعة المنافقة للمنظومة الدّولية الغربية الرسمية، ودعمها للكيان الصهيوني وتنكّرها لكافة القوانين والمؤسسات الدولية التي تمّ استحداثها بعد الحرب العالمية الثانية لحماية المدنيين بشكل أساسي، فإذا بها تغض الطرف عن حرب إبادة شاملة ضدَّ المدنيين الفلسطينيين.

وأكّدت هذه المعركة أنَّ هذا الكيان لقيط وغريب عن نسيج منطقتنا العربية، ومناقض لقيم الإنسانية، وأنه لا سلام ولا أمن في المنطقة إلا بزوال الكسان الصهيوني النازي عن أرض فلسطين ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وإقامة الدّولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

وعلى مدار 471 يوماً من الإبادة الجماعية في قطاع غزة، حاول العدو الصهيوني كي الوعي الجمعي، وضرب الحاضنة الشعبية للمقاومة الفلسطينية، عن طريق إيقاع أكبر ضرر ممكن، وهو الذي ترجمته عن طريق جرائم لم يشهدها التاريخ المعاصر، إلا أن الساعات الأولى لبدء وقف إطلاق النار كشف عن الفشل.

فما إن دخلت الساعة الثامنة والنصف صباحا حتى تقاطر الغزيون حاملين همومهم إلى الشوارع، فرحا وابتهاجا بانتهاء حرب الإبادة، مطلقين هتافات داعمة للمقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام.. وحمل المواطنون أعلام فلسطين ورايات حركة حماس.. معبرين عن التفافهم حول خيار المقاومة كخيار وحيد لاسترداد الحقوق، رغم الثمن الباهظ.