الحديدة.. الزكاة تحول الحاجة إلى إنتاج عبر التمكين المهني


https://www.saba.ye/ar/news3444615.htm

وكاله الانباء اليمنيه سبأ | سبأنت
الحديدة.. الزكاة تحول الحاجة إلى إنتاج عبر التمكين المهني
[28/ فبراير/2025]
الحديدة - سبأ - تقرير: جميل القشم

في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة، تبرز أهمية المبادرات التنموية التي تهدف إلى تمكين الأفراد وتحويلهم من متلقي مساعدات إلى منتجين قادرين على تحسين أوضاعهم المعيشية.

وانطلاقا من هذه الرؤية، دشنت الهيئة العامة للزكاة بمحافظة الحديدة مشروع "توزيع الحقائب المهنية ودمج 438 مستفيدا في سوق العمل"، وهو خطوة نوعية نحو تعزيز الاستقلال الاقتصادي للأسر المستفيدة.

تحت شعار "يد تبني ويد تحمي"، يهدف المشروع إلى منح المستفيدين فرصة حقيقية للاندماج في سوق العمل من خلال تزويدهم بالمهارات المهنية والأدوات اللازمة لإطلاق مشاريع صغيرة تدر عليهم دخلا ثابتا، مما يحقق لهم الاستقلال المالي بدلاً من الاعتماد على المساعدات المؤقتة.

وخلال تدشين المشروع، أكد رئيس الهيئة العامة للزكاة، الشيخ شمسان أبو نشطان، أن هذه المبادرة تأتي ضمن استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي للأسر المستفيدة والانتقال بها من الحاجة إلى الإنتاج، وقال: "نحن لا نقدم مجرد مساعدات، بل نؤسس لمستقبل أفضل لأبناء المجتمع عبر مشاريع مستدامة تمكنهم من الاعتماد على أنفسهم. فالتمكين الاقتصادي هو حجر الأساس لبناء مجتمع متماسك وقادر على مواجهة التحديات."

وأوضح أن الهيئة تعمل على توسيع هذه المبادرات لتشمل مجالات أوسع، بحيث تتكامل مع جهود الدولة في تحقيق التنمية المستدامة، مؤكدا أهمية تعزيز ثقافة العمل والإنتاج بدلا من ثقافة الاعتماد على المساعدات.

لم يكن هذا اليوم عاديا بالنسبة للمستفيدين، فقد شهد بداية مرحلة جديدة في حياتهم، تملؤها التحديات ولكن أيضا الأمل والفرح، فبعد استلامهم الحقائب المهنية، عبر عدد منهم عن فرحتهم بهذه الفرصة التي منحتهم أملا في مستقبل أفضل.

أم محمد، إحدى المستفيدات من مشروع الخياطة والتفصيل، تحدثت قائلة: "لم أكن أتخيل يوما أنني سأحصل على فرصة مثل هذه، كنت أعتمد على مساعدات بسيطة، لكن الأن أشعر أن لدي فرصة حقيقية لأعتمد على نفسي وأوفر حياة كريمة لأولادي.".



أما عبد الله، وهو شاب تلقى تدريبا في مجال صيانة الهواتف المحمولة، فأوضح: "بعد سنوات من البحث عن عمل دون جدوى، أصبحت اليوم قادرا على بدء مشروعي الخاص، لقد حصلت على المعدات التي أحتاجها، والأهم أنني تعلمت كيف أستثمر مهاراتي في شيء يعود عليّ بالفائدة.".



مدير مكتب الهيئة العامة للزكاة في الحديدة، محمد هزاع، أكد أن المشروع لا يقتصر على توفير الأدوات والمعدات فقط، بل يسعى إلى إحداث تغيير جذري في حياة المستفيدين من خلال دعمهم بمهارات جديدة تمكنهم من تحقيق دخل مستدام.



وقال: "نحن ندعو المستفيدين إلى الاستفادة القصوى مما حصلوا عليه، والمحافظة على أدواتهم ومعداتهم لضمان تحقيق الاستقرار الاقتصادي لهم ولأسرهم، نجاح هذا المشروع يعتمد على التزام المستفيدين واستثمارهم لهذه الفرصة."



وأشار إلى أن الهيئة تعمل على توفير برامج دعم إضافية، تشمل التمويل الصغير لمساعدة المستفيدين في توسيع مشاريعهم، بالإضافة إلى ورش عمل تدريبية لتعزيز مهاراتهم المهنية والتجارية، مما يضمن نجاحهم واستمراريتهم في سوق العمل.



لا تقتصر فوائد هذا المشروع على المستفيدين فقط، بل تمتد إلى المجتمع ككل، إذ يساهم في تقليل معدلات البطالة من خلال توفير فرص عمل حقيقية للشباب والعاطلين عن العمل، وتعزيز الاستقلال المالي للأسر المحتاجة، مما يقلل من الاعتماد على المساعدات.



كما يساهم المشروع في تنشيط الاقتصاد المحلي عبر إدخال مهنيين جدد إلى سوق العمل، مما يعزز مستوى الخدمات ويحرك عجلة الإنتاج، ونشر ثقافة العمل والإنتاج، حيث أصبح المستفيدون نموذجا يحتذى به في كيفية تحويل الدعم إلى إنتاج فعلي.



فاطمة، وهي أم لثلاثة أطفال، أكدت ان المشروع سيسهم في تغيير حياتها قائلة: "اليوم أشعر أنني أقف على قدمي، لم يكن لدي مصدر دخل ثابت، لكن بعد تدريبي على صناعة الحلويات وحصولي على الأدوات، أصبح بإمكاني العمل من المنزل، وهذا سيمنح أطفالي حياة أفضل.".



ورغم النجاح الذي حققه المشروع، إلا أن هناك تطلعات لمزيد من الدعم والتطوير، حيث طالب عدد من المستفيدين بتوفير برامج تمويل صغيرة تساعدهم على توسيع مشاريعهم، بالإضافة إلى تقديم ورش عمل إضافية لتطوير مهاراتهم، وضمان متابعة المستفيدين وتقديم التوجيه المستمر لهم.



يعد مشروع توزيع الحقائب المهنية ودمج المستفيدين في سوق العمل نموذجا ناجحا للتمكين الاقتصادي، حيث لم يقتصر على تقديم المساعدات، بل قدم حلولا عملية ومستدامة تسهم في تحسين حياة الأفراد وأسرهم وتعزز دورهم في المجتمع كمنتجين وليس مجرد متلقين للدعم.



واليوم، ومع انطلاق هؤلاء المستفيدين في رحلتهم الجديدة، فإن نجاحهم سيمثل قصة إلهام للكثيرين، ودليلا على أن الدعم المدروس يمكن أن يغير حياة الإنسان ويصنع مستقبلا أكثر استقرارا وإشراقا.