صنعاء – سبأ: أنس القاضي
اتجهت ثورة 21 سبتمبر 2014م ، نحو استكمال تحرير القرار الوطني والاستقلَال السياسي، من التدخل الخارجي في المسائل الداخلية، وضمان الشراكة الوطنية، فجاء العدوان الأمريكي استمراراً للتدخلات السابقة، وتعبيراً عن الثورة المُضادة المكونة من دول الاستعمار والتوسع الأجنبية وركائزهم المحلسة.
خلفية تاريخية
حُكمت اليمن منذ سبعينات القرن الماضي من قبل مراكز قوى عسكرية وقبلية شكلت حلفاً طبقياً ظالماً برعاية سعودية، وقف في وجه كل حركات الإصلاح السياسي والديمقراطي وفي مواجهة كل القوى الوطنية اليمنية قومية ويسارية وإسلامية، استمر هذا التحالف -العميل- في الحكم حتى العام 2011م حيث اندلعت الانتفاضة الشعبية وظهرت إلى السطح التصدعات في بنية ذلك التحالف الحاكم، فانحاز جناح منه بقيادة الإخوان إلى الثورة في مواجهة "علي صالح"، وفي عام 2014م حُكم على هذا التحالف بالموت حيث زعزعت الثورة أسس حكمه.
وعملياً فإن ضعف وهزيمة هذا التحالف المحلي الفاسد، كان يعني في نهاية التحليل ضرب الركائز المحلية للاستعمار، وهكذا فقد جاء العدوان الأجنبي على اليمن كرد فعل من قبل الدول التي صادرت القرار اليمني والتي وجدت في الثورة الشعبية اليمنية خطراً على استمرار مصلحها غير المشروعة في اليمن.
اتجهت ثورة 21 سبتمبر المجيدة نحو استكمال تحرير القرار الوطني والاستقلَال السياسي، من التدخل الخارجي في المسائل الداخلية، وضمان الشراكة الوطنية، فجاء العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، تعبيراً عن الثورة المُضادة المكونة من دول الاستعمار والتوسع الأجنبية وكذلك قوى الفساد النافذة في الواقع اليمني والتي كانت طوال عقود تعمل على إبقاء اليمن تحت الهيمنة الخليجية الأمريكية، وهذا المعسكر المعادي للثورة في حجمه يوازي معسكر العدوان الإمبريالي على الثورة البلشفية الروسية 1917م، كما يوازي معسكر العدوان الملكي الأوربي على الثورة الفرنسية 1789م.
العدوان الأمريكي على اليمن
في الثاني من مارس 2015م أي قبل 24 يوماً من شن العدوان، اعدت الولايات المتحدة الأمريكية بآخر الترتيبات السياسية للعدوان، حيث قامت أمريكا عبر العميل هادي بنقل العاصمة اليمنية من صنعاء إلى عدن ونقل السفارات الأجنبية إليها، ويومها التقى السفير الأمريكي "ماثيو تولر" بهادي في محافظة عدن.
في 26 مارس 2015م باشرت الولايات المتحدة الأمريكية عدوانها على اليمن، عبر الحلفاء بقصد ضرب الثورة اليمنية وإعادة نفوذها ؛ فمن واشنطن أعلن السفير السعودي لدى أمريكا عادل الجبير العدوان على اليمن وكان للإعلان من واشنطن دلالة هامة وواضحة بأن هذا العدوان أمريكي الهوية والإرادة والاستمرار، ومازال كذلك حتى اليوم وقد دخل العدوان عامه السابع وقد شهدت الولايات المتحدة الأمريكية تبدل ثلاث حكومات.
وفي ذات المساء أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أقر تقديم الدعم اللوجستي والاستخباري "دعماً للعملية التي تقوم بها قوات مجلس التعاون الخليجي". في بيان صدر عن "برناديت ميهان" المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي.( 1)
وقال البيان الذي صدر بعد ساعات من العدوان على اليمن إن "الولايات المتحدة كانت على تنسيق لصيق بالرئيس هادي والشركاء الإقليميين، وإنه بسبب تدهور الأوضاع في المنطقة فإن المملكة العربية السعودية وبلدان مجلس التعاون ودولاً أخرى سيقومون بأعمال عسكرية لحماية حدود السعودية وحماية الحكومة اليمنية".
وأكد البيان الصادر عن مجلس الأمن القومي أن الولايات المتحدة تنسّق مع السعودية ودول مجلس التعاون في شؤون تخصّ أمنهم ومصالحهم المشتركة ، وأن الرئيس الأميركي لذلك أقر المساعدات اللوجستية والاستخبارية، أي أن الولايات المتحدة تكفلت بالجزء الأكبر من عمليات العدوان وتبقت المهام التنفيذية على المملكة السعودية.
وأوضح البيان أن القوات الأميركية لا تقوم بعمل عسكري مباشر في اليمن دعماً لهذا العمل، لكنها تقوم بإنشاء غرفة عمليات تنسيق مع السعودية، وذلك لتنسيق العمليات العسكرية والاستخبارية، إلا أنها تدخلت بصورة مباشرة.
في 14 إبريل، 2015م وإمعاناً في الدعم الأمريكي للعدوان على اليمن، أمريكا أعطت العدوان غطاءً دولياً شكلياً وذلك بدعم اصدار قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216)، وكان جوهره عملياً المطالبة بالتراجع إلى ما قبل الثورة، ورغم أن هذا القرار لا يُبرر العدوان ولا يجيزه ولم يكن هناك توافقاً حوله لعدم التصويت الروسي عليه إلا انه عملياً مثل غطاءً للحرب العدوانية على اليمن، كما أكد لاحقاً المبعوث الأممي الأسبق إلى اليمن جمال بن عمر.(2 )
أكد جمال بن عمر في مقاله "بالنيوزويك" ما جاء في احاطته الأخيرة الى مجلس الامن كمبعوث اممي بعد الحرب بأيام وقبيل اقالته بطلب من النظام السعودي من ان اليمنيين كانوا على اعتاب اتفاق سياسي لتقاسم السلطة وإدارة البلاد برعاية اممية، جرى فيه الاتفاق على كل شيء.
وقال بن عمر: انتهينا من كل التفاصيل حول تقاسم السلطة وإدارة البلاد وقبل يومين من وقوع الحرب 26 مارس 2015م - ذهبت الى الرياض لأطلعهم على النتائج ونتشاور في مكان اجراء حفل التوقيع، قبل ان اعود الى صنعاء وأفاجئ باندلاع الحرب.
في الثالث من أكتوبر 2016م لوحت أمريكا باستخدام القوات البحرية في العدوان والحصار،وأرسلت البحرية الأمريكية قوات خاصة إلى باب المندب في أعقاب الضربة على سفينة "سويفت" الإماراتية، ونفذت هذا التهديد ، ففي 13 اكتوبر من ذات العام 2016م شنت الولايات المتحدة الأمريكية أول ضربة عسكرية مباشرة علنية على اليمن ضمن تحالف العدوان، حيث اطلقت البحرية الامريكية عدد من صواريخ كروز من طراز "توماهوك" على رادارات في ساحل محافظة الحديدة.
وجاء ذلك بعد ادعاء العدوان باستهداف الجيش واللجان لشعبية لبارجة أمريكية اسمها ميسون في المياه الدولية دون تعرضها لإصابات.
عقب هذا التدخل العسكري المباشر العلني، بالإضافة إلى العدان المباشر والخفي وبالوكالة، مارست الولايات المتحدة الامريكية تدخلات عدوانية عديدة في اليمن عسكرية وسياسية واقتصادية ودعائية، وأبرزها كالتالي:
2016 التدخل الأمريكي على قرار المفاوض اليمني، هدد السفير الأمريكي الذي كان يحضر جلسات مشاورات الكويت بضرب العملة اليمنية ، واغلاق المطار إذا لم ترضخ صنعاء لشروطهم.
30 يوليو، 2016 التدخل في القرارات السيادة اليمنية في تشكيل مجلس سياسي أعلى ، صدر بيان مجموعة السفراء المعتمدين في صنعاء: "تابعنا بقلق الخطوة التي اتخذها انصار الله والمؤتمر الشعبي العام في صنعاء بتاريخ 28 يوليو بتشكيل مجلس سياسي وهي لاتتوافق مع الالتزامات والنوايا الحسنة للسعي في تحقيق حل سلمي تحت رعاية الأمم المتحدة".
2017م العدوان الميداني المباشر للقوات البرية الأمريكية، قام قائد القوات الأمريكية بالشرق الأوسط، الجنرال "جوزيف فوتيل"، بزيارة منطقة جيزان ودخلت فرقة القبعات الخضراء مسرح الأحداث في المناطق الحدودية مهمتها عادة مكافحة الحركات الثورية وهي الفرقة المسؤولة عن ملاحقة واغتيال المناضل الثوري الكوبي من اصول ارجنتينية شي جيفارا في 9 اكتوبر 1967 في بوليفيا.
9 نوفمبر، 2017 بيانات الإدانة على الأعمال الدفاعية اليمنية المشروعة ضد العدوان ، البيت الأبيض يدين الرد اليمني ويعتبره هجوما على السعودية مدعوماً من إيران.
20 سبتمبر، 2017م هادي يلتزم بتنفيذ المطالب الأمريكية في استخدام الملف الاقتصادي في العدوان على اليمن ، بناءً على تهديدات السفير الأمريكي ، وقد ألتقى هادي بترامب في نيويورك، على هامش مشاركته في الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
3 ديسمبر، 2017 التدخل الأمريكي المباشر في دعم فتنة ديسمبر في صنعاء ، السفير الأمريكي يعرب عن قلقه في ما أسماها "المواجهات في صنعاء"، وفي ليلتها كان الطيران الأمريكي قد شن غارات مساندة لمرتزقة علي صالح في العاصمة صنعاء واستهدفت عددا من النقاط والمواقع العسكرية لإحداث إرباك.
11 ديسمبر, 2017م العدوان الأمريكي يستخدم العناوين الإنسانية لمحاولة الضغط على صنعاء بعد وأد الفتنة، فقد صدر بيان السكرتير الصحفي للبيت الأبيض حول إدانة ما أسماه العنف والظروف الإنسانية في اليمن.
19 ديسمبر، 2017بيانات الإدانة على الأعمال الدفاعية اليمنية المشروعة ضد العدوان واشنطن تدين ما تسميه "الهجوم الحوثي الصاروخي المتهور على الرياض".
ديسمبر 2017 التدخل الأمريكي في الجانب الاجتماعي القبلي والتحريض على حرب أهلية، السفير الأمريكي يحرض القبائل اليمنية ضد أنصار الله.
المراجع :
1 أميركا تقدم الدعم اللوجستي والاستخباري لعاصفة الحزم. 26 مارس 2015م. العربية. متوفر على الرابط: https://www.alarabiya.ne
2 بشهادة بن عمر....مجلس الأمن شرعن للعدوان على اليمن. 22 فبراير 2021م 26 سبتمبر. متوفر على الرابط: https://26sep.net/