أعلن حزب الله اللبناني، مساء اليوم الأربعاء، عن تنفيذ عملية قصف للمرة الثانية بالصواريخ الباليستية على وزارة الحرب وهيئة الأركان وهيئة الرقابة الحربية لسلاح الجو الصهيوني.
أعلنت شركة “سفن أند آي” اليابانية العملاقة للتجزئة رسمياً وقف نشاط جميع فروعها الثمانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بسبب العدوان الصهيوني على قطاع غزة.
أُقيمت على ملعب الوحدة بصنعاء اليوم، مباراة بين فريقي نادي الجزع الرياضي ممثل محافظة المهرة وفريق نادي نجم سبأ ذمار، ضمن تصفيات الدرجة الثالثة لكرة القدم المؤهلة للدرجة الثانية.
قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[المائدة: الآية54]، صدق الله العلي العظيم.
على مدى خمسة وسبعين يوماً، والعدو الصهيوني اليهودي الإسرائيلي يواصل عدوانه الوحشي، الإجرامي، الهمجي، على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مرتكباً أبشع وأفظع الجرائم الرهيبة، الشنيعة، التي يندى لها جبين الإنسانية، وهي جرائم الإبادة الجماعية، والقتل الجماعي للأطفال والنساء، والكبار والصغار، حيث قتل الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، والأكثر منهم أطفالاً ونساءً ومدنيين أبرياء.
جرائم القتل الجماعي التي يرتكبها العدو الصهيوني بوسائل متنوعة:
- منها بالقنابل، والتدمير الشامل للمساكن على رؤوس ساكنيها من أبناء الشعب الفلسطيني، حيث يستهدفهم بالأسلحة المحرمة دولياً، وبأشد القنابل تدميراً وفتكاً، تلك القنابل التي زوده بها الأمريكي.
- وكذلك القتل بوسائل بشعة، وإجرامية، ووحشية رهيبة وشنيعة، من مثل: الدهس للفلسطينيين بجنازير الدبابات، وقتلهم بتلك الوسيلة وبذلك الأسلوب الإجرامي. ومن مثل أيضاً الدفن لبعضهم وهم أحياء، كما حصل حتى في الأيام القريبة. ومن مثل: إرسال الكلاب البوليسية على الجرحى والمرضى لنهشهم حتى الوفاة، حتى الشهادة، وهم على قيد الحياة. ومن مثل: القتل بدمٍ بارد للكثير من المدنيين، بعد احتجازهم، أو استهدافهم في الشوارع والطرقات. جرائم فظيعة ومهولة.
فهو يستهدف الشعب الفلسطيني بكل وسائل الإبادة، بالقتل بكل الوسائل الوحشية والإجرامية والبشعة، وبالتجويع الشديد، والحصار الشديد، ومنع الغذاء، ومنع الدواء، بل حتى أنه جعل من المستشفيات أهدافاً رئيسيةً معلنة لعملياته البرية والميدانية، فيعلن عمليةً عسكرية تستهدف مستشفى الشفاء، ثم المستشفى الاندونيسي، وهكذا بقية المستشفيات يعلنها أهدافاً عسكرية وكأنها قواعد عسكرية، في تصرفٍ وسلوكٍ لا سابقة له بهذا الشكل، الدول، والأقوام، والاتجاهات التي تتحارب عادة ما تعلن القواعد العسكرية، أو المواقع الاستراتيجية، أو أهداف ذات أهمية عسكرية، أهدافاً لها في الحرب والعمليات العسكرية؛ أمَّا العدو الإسرائيلي فهو يعلن بكل وقاحة، يعلن المستشفى هدفاً لعمليته العسكرية، ويقتل ويدمر، وحينما يصل إلى المستشفى يستهدف الجرحى، ويستهدف المرضى، ويستهدف الكوادر الطبية، والممرضات، ويستهدف من هناك من المدنيين بكل إجرام وبكل وحشية، ثم يُقَدِّم ذلك إنجازاً عسكرياً ويتباهى به، فهو يتباهى بجرائمه الشنيعة والواضحة جداً والمكشوفة، وهكذا بقية جرائمه.
حربه واضحة وظاهرة، تستهدف المدنيين بشكلٍ أساسي، معظم القصف ومعظم الاستهداف بالقنابل، بالصواريخ، بقذائف المدفعية، بالدبابات، استهدفت المساكن التي يسكن فيها أبناء الشعب الفلسطيني، جعل منها هدفاً أساسياً، يستهدفها بأعتى ما يتوفر له من القنابل والصواريخ وقذائف المدفعية، يستهدف الأسواق، يستهدف التجمعات للنازحين، سواءً في المدارس، وحصل في عدة مدارس تابعة للأونروا، ولم يعد يعبأ لا بالأماكن التي يلجأ إليها أبناء الشعب الفلسطيني للاحتماء بها؛ باعتبارها في إطار حماية الأمم المتحدة، لا يعبأ بذلك، وبكل وقاحة يستهدفها، إمَّا بالطائرات، وإمَّا بالمدفعية، وتكرر ذلك وارتكب، جرائم بشعة جداً.
وأصبحت المحصلة لجرائمه البشعة والوحشية والشنيعة جداً، المحصلة لكل أربعة وعشرين ساعة: المئات من الشهداء من أبناء الشعب الفلسطيني، من الرجال، والنساء، والأطفال، والكبار، والصغار، ومعظم الشهداء من الأطفال والنساء، وهكذا هو مستمر يوماً بعد يوم بكل وحشية، بل عندما يفشل في معركة ميدانية يلجأ إلى القصف العشوائي، والاستهداف المكثف للمدنيين، فحربه هي حرب على الشعب الفلسطيني في غزة بشكلٍ عام، وعلى المدنيين الذين استهدفهم في منازلهم، ودمَّر أحياءهم بالأحزمة النارية، التي يستهدف بها أحياء كاملة، وتجمعات سكنية كثيرة، لتدميرها بالكامل، ويواصل مع ذلك الحصار الشديد، وصلت حالة التجويع إلى مستوى وفيات بين أبناء الشعب الفلسطيني من الجوع، ومنع لوصول الأدوية بشكلٍ تام، وظلم رهيب جداً، وإجرام بشع للغاية.
حالات الاستهداف شملت حتى الرُضَّع، وحتى الخُدَّج (الأطفال الذين هم في العناية، الذين ولدوا مبكراً، ويحتاجون إلى عناية طبية في المستشفيات)، حتى هم لم يُشفق عليهم، ولم يرأف بهم، وتعامل بوحشية تامة، ونزعة إجرامية، هي التي تعبِّر عن حقيقة الصهاينة اليهود، وعمَّا هم عليه، في عقائدهم، في سلوكهم، في توجهاتهم، وهم كتلة من الحقد، والعداء الشديد، والإجرام، ومجردين تماماً من كل شعورٍ إنساني، ومن كل الأخلاق والمشاعر الإنسانية.
وفي جرائمه تلك- التي هي واضحة ومعروفة، وتتناقلها وسائل الإعلام بكل تفاصيلها- يشترك معه الأمريكي، ومنذ هذا العدوان الذي بدأ قبل أربعة وسبعين يوماً على غزة اشترك الأمريكي من اللحظة الأولى بشكلٍ مباشر، أرسل خبراءه العسكريين، والمستشارين العسكريين؛ ليقوموا هم بالإدارة المباشرة للعمليات الإسرائيلية، ليكونوا هم من يخطط، ومن يشرف على التنفيذ، ومن يتابع، وليدخلوا في إسهامٍ مباشر في تنفيذ تلك الجرائم، وتلك الاعتداءات، وَزَوَّد العدو الصهيوني بآلاف القنابل، القنابل المدمرة التي يستهدف بها المدنيين، ومساكن الشعب الفلسطيني، والأحياء الفلسطينية السكنية، زَوَّدَهُ الأمريكي بها وَزَوَّدَهُ بالأسلحة المحرمة دولياً، ومنها القنابل التي فيها الفسفور الأبيض، التي تُستخدم لاستهداف الأطفال والنساء، فهو يقتل الأطفال والنساء في فلسطين بالقنابل الأمريكية، ومنها الأسلحة المحرمة دولياً، وقدَّم له الدعم المادي، بالمليارات من الدولارات؛ لتمويل تلك العمليات العسكرية، وأرسل الطائرات المسيرة وطائرات الاستطلاع والرصد فوق غزة؛ ليساهم على مستوى المعلومات المباشرة، فَقَدَّم كل أشكال التعاون، التي هو بها شريك فيما يحصل في فلسطين، فيما يحصل من جرائم وانتهاكات رهيبة وفظيعة ضد الشعب الفلسطيني، ضد الأطفال والنساء في فلسطين.
ومع ذلك قَدَّم الدعم السياسي، وَقَدَّم الحماية في المحيط لفلسطين، المحيط الإقليمي، حيث وَجَّه التهديد لكل الدول في المنطقة من أي تعاونٍ مع الشعب الفلسطيني، وأي مساندة للشعب الفلسطيني؛ لأن الأمريكي يريد أن يُؤَمِّن للإسرائيلي الظروف الكافية لارتكاب ما يشاء من المجازر والجرائم الفظيعة جداً، دون اعتراض من أحد، ودون إعاقة من أحد، ودون حتى إزعاج من أحد، يريد أن يهيئ له الفرصة كاملة، وأن يشاركه فيما يرتكبه من جرائم، ثم لا يتدخل أحد، ولا يعترض أحد، ولا يتقدم أحد بأي مساعدة للشعب الفلسطيني، من جيرانه ابتداءً، من الدول المجاورة لفلسطين، التي كانت في البداية هدفاً لاتصالات الأمريكيين، سواءً الرئيس الأمريكي أو غيره، وزيارات مسؤولين أمريكيين، ليقولوا للجميع: [ألَّا تُقَدِّموا أي مساعدة ولا أي مساندة للشعب الفلسطيني، وأن عليكم أن تهدأوا حتى يكمل الإسرائيلي برنامجه الإجرامي، وعملياته الوحشية والتدميرية والإجرامية إلى حيث يشاء]، حتى على مستوى المساندة الإنسانية والدعم الإنساني، على مستوى إدخال الغذاء والدواء، وإيصاله إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، في شمال القطاع وفي جنوب القطاع، لا يدخل شيء إلَّا بعد الموافقة الأمريكية والإسرائيلية، وأن يكون بشكلٍ محدود جداً، لا يسد رمق الأهالي في قطاع غزة، لا يشبعهم من جوع، لا يُؤَمِّن لهم ولا القليل من احتياجهم الضروري للغذاء والدواء، واتجه الأمريكي أيضاً للتهديد لكل دول المنطقة؛ لكي لا تتدخل بأي مساندة، أو إعانة، أو مساعٍ لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وبهذا كان الدور الأمريكي شريك بكل ما تعنيه الكلمة، في تلك الجرائم البشعة.
عندما نرى تلك المشاهد المأساوية المؤلمة جداً، للآلاف من الأطفال والنساء الشهداء، الذين قتلوا بالقنابل الأمريكية، وَأُحرِقت جثامينهم وأجسادهم الطاهرة بالقنابل الأمريكية، ونرى تلك الحالة المأساوية من الجوع الشديد، والحصار الشديد، والتشريد، والنزوح، علينا أن نتذكر أن الأمريكي مساهم في كل ذلك، ومشارك في كل ذلك، وأنه أيضاً ذراعٌ آخر للصهيونية اليهودية العالمية، التي تباهى الرئيس الأمريكي، وَصَرَّح بانتمائه إليها، وهو يتحرك من ذلك المنطلق.
الذين يتحركون اليوم في أمريكا لمساندة إسرائيل في إجرامها، وفيما تفعله في غزة، فيما تفعله بالشعب الفلسطيني بشكلٍ عام، وعلى نحوٍ أخص في غزة، هم الصهاينة الأمريكان، اللوبي الصهيوني اليهودي في أمريكا يُحَرِّك أمريكا حتى فيما يتجاوز مصالحها في العالم، فيما يسيء إليها في العالم، فيما يُقَدِّمها بشكلٍ إجراميٍ بشع، وهي تدعم ظلماً وطغياناً وإجراماً، وتشارك فيه، ليكون أيضاً مضافاً إلى سجلها الإجرامي البشع والفظيع جداً، الذي هو في مراحل كثيرة مما قد مضى، وفي دول مختلفة من العالم: جرائمها باستخدام السلاح النووي في اليابان، وكم قتلت به من الأطفال والنساء، والقتل الجماعي، والإبادة الجماعية، جرائمها في فيتنام، جرائمها في العالم الإسلامي في أفغانستان، وفي غير أفغانستان، ما فعلته وتفعله في العراق، جرائمها فيما حصل من عدوان في اليمن، مخططاتها الإجرامية التي هي في بقع كثيرة من العالم.
الأمريكي يُسهم ويشترك فيما يحدث في قطاع غزة، وَيُقَدِّم كل أشكال الدعم، حوَّل كل قواعده في المنطقة لتكون سنداً للعدو الصهيوني، وكل مخازنه للسلاح، بما فيها مخازن في الدول العربية، في قواعده في دول عربية سَخَّرَهَا لدعم الإسرائيلي، وَشَغَّل جسراً جوياً يُمِد العدو الإسرائيلي بالسلاح بكل أنواعه (الفتاكة، والمدمرة، والقاتلة) بشكلٍ يومي؛ ليستهدف بها المدنيين العُزَّل، ليقتل بها العدو الصهيوني الأطفال والنساء الفلسطينيين، ليُدَمِّر بها قطاع غزة تدميراً شاملاً، يُدَمِّر مدناً بأكملها، أحياء سكنية بأكملها، وليرتكب بها أبشع الجرائم، فهو شريك مباشر.
وَيُقَدِّم مع ذلك الدعم السياسي، والدعم في مجلس الأمن، ويعترض على أي قرار لوقف العدوان الهمجي الإسرائيلي على قطاع غزة، كل قرار تحت عنوان وقف إطلاق النار، يعترض عليه الأمريكي، ويصر على استمرار القتل، على استمرار الجرائم، على استمرار الحرب، على استمرار العدوان، الأمريكي الذي قدَّم نفسه تحت عنوان أنه الراعي للسلام في الشرق الأوسط، هو الذي يعترض على أي قرار لوقف إطلاق النار، هو الذي يصر على استمرار القتل للمدنيين، للفلسطينيين، للأطفال والنساء بشكلٍ يومي، وهذا واضح، وهذا معلن، وهذا بَيّن.
يمنع أي تحرك لحماية المدنيين في فلسطين، كل جهود دبلوماسية بأن يكون هناك مناطق مؤمنة للمدنيين، لا تتعرض للقصف ولا للاستهداف، أي مساعٍ لوقف العدوان، أي مساعٍ لتوفير ما يحتاجه الشعب الفلسطيني من الغذاء، من الدواء، يتدخل الأمريكي لإعاقة ذلك، وبذلك هو شريك، يرتكب الجرائم تلك جنباً إلى جنب مع العدو الصهيوني الإسرائيلي، وظهر كيف أن الأمريكي وإسرائيل كلاهما ذراعان للصهيونية اليهودية العالمية، التي تستهدف الأمة الإسلامية والمجتمع البشري بمؤامراتها، وتحمل تلك النزعة الإجرامية والوحشية.
مع الأمريكي أيضاً هناك تحرك، في مقدمته التحرك البريطاني، والبريطاني الذي كان له السبق في إنشاء القيام الصهيوني، والاحتلال لفلسطين، وارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، البريطاني الذي له هذا الدور منذ البداية؛ وإنما ورث الأمريكي عنه الاحتضان والدعم للعدو الإسرائيلي من بعد البريطاني، هو يتحرك أيضاً باستمرار، لا يكفيه أنه جنى على الشعب الفلسطيني الجناية الكبرى بوعد بلفور، لا يكفيه ما فعله ابتداء من تمكين للصهاينة من احتلال فلسطين، والعمل لبرنامج كبير وطويل وعريض في استقدامهم إلى فلسطين، وتسليحهم، وتمكينهم، وحمايتهم، ودعمهم، إلى أن تمكنوا من التواجد بشكلٍ كبير؛ إنما هو مستمرٌ أيضاً في دعم العدو الصهيوني بأشكال كثيرة من الدعم: دعم عسكري، دعم مالي، دعم سياسي، كل أشكال الدعم التي يقدمها.
وأيضاً بعض الدول الأوروبية، ومنها فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وكل هذه الدول (فرنسا، إيطاليا، ألمانيا) كُلٌّ منها له تاريخٌ أسود، ورصيدٌ إجراميٌ بشع، تاريخهم إلى ما قبل خمسين عاماً، ومائة عام، وسبعين عاماً، وثمانين عاماً، ضمن ما هو معروف بالتاريخ الحديث، والتاريخ المعاصر، سجلهم إجرامي: جرائم الإبادة الجماعية، الاستعمار للشعوب والاحتلال للبلدان، والقتل للناس، وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في كل المستعمرات، التي قاموا بغزوها، واحتلالها، وتعذيب شعوبها، واضطهاد تلك الشعوب، ونهب الثروات، وغير ذلك، كُلُّ منهم له تاريخ أسود وسجل إجرامي معروف؛ وإنما ليس هناك اهتمام في وسائل الإعلام العربية بالدرجة الأولى، ثم بشكلٍ عام في العالم الإسلامي، ولا في المناهج الدراسية، لإبراز ذلك السجل، هناك تناسٍ وتجاهل لذلك.
تلك الدول والأنظمة والحكومات؛ سواءً الأمريكي، أو البريطاني، أو الفرنسي، أو الإيطالي، أو الألماني، كُلٌّ منها- وإذا التحق الإسباني فهو أيضاً له رصيده الإجرامي وتاريخه الأسود- كُلٌّ منهم له تاريخٌ أسود وسجلٌ إجرامي، كُلٌّ منهم معروف بإفلاسه الأخلاقي والقيمي، تلك دول وأنظمة وحكومات واتجاهات شطبت الأخلاق والقيم، من قاموسها السياسي، من سياساتها، من التزاماتها، وتحت عنوان المصالح استباحت كل شيء، تخلت حتى عن القيم الإنسانية، بل عندما يدفع بها اللوبي الصهيوني ويحركها بشكل جنوني، فهي تتحرك حتى وتتنكر حتى للقيم الليبرالية، وليس فقط القيم الفطرية الإنسانية، والقيم الدينية والإلهية، هي تتنكر لكل شيء، يحركها اللوبي الصهيوني، وكأنها مجنونة، وكأنها بدون أي قيم أصلاً، لا تتبنى أي شيء إنساني، بل كأنها نتاجٌ لسياسات الغابة، كأنها درست في الغابة التوحش بكل ما يعنيه، وافتراس القوي للضعيف، وعدم الاكتراث بأي قيم ولا أخلاق، فجمعت بين ماضيها الأسود، وبين إفلاسها الأخلاقي والقيمي، وبين خضوعها التام للوبي الصهيوني اليهودي، الذي يحركها حتى فيما يتجاوز مصالحها ومصالح شعوبها، وفيما يسيء إليها، وفيما هو بعيدٌ عن إرادة الشعوب، على مستوى العالم وعلى مستوى تلك الدول.
في العالم الإسلامي المسؤولية كبيرة، سواءً في المنطقة العربية التي هي قلب العالم الإسلامي، أو في بقية البلدان في العالم الإسلامي، والمسؤولية على كل المسلمين حتى المتواجدين منهم في البلدان الغربية، المسؤولية على هؤلاء؛ أولاً باعتبار الشعب الفلسطيني جزءاً منهم، وفلسطين جزءٌ منهم أيضاً على مستوى الجغرافيا والشعب، عليهم مسؤولية كبيرة للتحرك الجاد والفاعل، لنصرة الشعب الفلسطيني، ومنع هذا الظلم، وعليهم أيضاً مسؤولية دينية، وأخلاقية، وإنسانية، بمقتضى انتمائهم للإسلام، لمبادئه، لقيمه، لأخلاقه، الإسلام الذي من أهم ما فيه: التصدي للظلم، المواجهة للظالمين والطغاة والمجرمين، الوقوف في وجههم، الذي من أهم قيمه: الجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وقيم العدالة والرحمة، والحق والخير، واجبهم الديني والإنساني والأخلاقي، واجبهم بكل الاعتبارات ومسؤوليتهم: أن يقفوا وقفةً جادة، وقفةً عملية، وقفةً فاعلة، بتوجهٍ صادق لمساندة الشعب الفلسطيني.
نحن نعرف ماذا تفعله بعض الدول عندما تتحرك لقضايا معينة، أو لمواقف معينة، وأحياناً لأسباب تافهة، البعض من الدول قطعت علاقاتها مع دول أخرى من الغرب (بعض الدول العربية)؛ لأنهم قالوا كلمة معينة في وصف سلوكياتها، أو في الحديث عنها، أو أساءوا إلى ملك أو أمير، ويترتب على ذلك مواقف تصل إلى قطع علاقات، إلى مقاطعة اقتصادية، إلى خطط عملية، إلى حملات إعلامية مكثفة ودعائية.
رأينا ما تفعله البلدان العربية في تحمسها للمشاكل الداخلية، ما تفعله عندما تكون مشكلتها مع دولة عربية أخرى، كيف تتفاعل بشدة، بقوة، بحملات دعائية، بتهديد ووعيد، وأحياناً بمؤامرات أمنية، وأحياناً بمخططات لخلخلة تلك الدولة واستهدافها بأشكال كثيرة، معروفٌ لدى الجميع شدة بعض الدول العربية عندما يكون الموقف ضد عربيٍ آخر، أو ضد بلدٍ مسلم، تتحرك الحملات الدعائية الشرسة جداً، في الليل والنهار لا تتوقف، وتتحرك المخططات الأمنية للاستهداف، وتتحرك أحياناً حتى على المستوى العسكري، لكن تجاه قضايا الأمة التي هي قضايا كبرى، وحقيقية، ومحقة، وعادلة، تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني، التي مظلومية واضحة، لا التباس فيها، ولا غبار عليها، نشاهد حالةً مختلفةً تماماً فتور تام، إلى درجة الانشغال بالرقص والغناء، ومسابقات الكلاب، وأشياء تافهة جداً، وتجاهل إلى حدٍ كبير لما يجري، إغماض للأعين، وصمم في الآذان، وتنكر وتجاهل لما يحدث من مجازر ومآسٍ كبرى في الشعب الفلسطيني في فلسطين، وما يعانيه الشعب الفلسطيني؛ بل أحياناً تظهر بعض الأصوات، الأصوات المستنكرة، الأصوات البشعة، الأصوات السيئة، الأصوات التي هي أنكر الأصوات، لتلقي باللوم على الشعب الفلسطيني وعلى مجاهديه، ولتسيء إلى أي موقفٍ مساندٍ له، هكذا، ليس فقط الاكتفاء بالخذلان، والتجاهل، والتنصل عن المسؤولية الكبرى، في مساندة الشعب الفلسطيني المظلوم، بل الشماتة بالشعب الفلسطيني، والشماتة بمجاهديه، والإساءة إليهم، والإساءة إلى أي جُهدٍ صادقٍ مساندٍ للشعب الفلسطيني، بل والتشويه له، والتآمر عليه في كثير من الحالات.
موقف في العالم الإسلامي الذي عليه المسؤولية الكبيرة، والمفترض منه هو التحرك، لسنا ننتظر من أمريكا التي شريك للصهاينة في فلسطين، في اعتداءاتهم على الشعب الفلسطيني، في فلسطين المحتلة، في جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني، لسنا ننتظر منها أي دورٍ إيجابي لصالح الشعب الفلسطيني، لا ننتظر من الأوروبيين، من الدول الأوروبية بكل تاريخها الأسود، بكل ما هي عليه من انسلاخٍ تام عن القيم الفطرية والإنسانية، بكل ما هي فيه من خضوع للوبي الصهيوني اليهودي إلى حدٍ عجيب، لا ننتظر منها دوراً إيجابياً لصالح الشعب الفلسطيني، ولا لصالح أي قضية عادلة في الدنيا، ولا لإنقاذ أي شعبٍ مستضعف، هم دائماً من يقفون مع الظالم، هم دائماً في موقع الظلم والطغيان، والاستكبار والاحتلال، والنهب لثروات الشعوب، والاستهداف للشعوب، لكنَّ المسؤولية الكبرى- بحكم الانتماء للإسلام- هي على العالم الإسلامي، على المسلمين في كل الدنيا، أن يكون لهم صوت، أن يكون لهم موقف، أن يقفوا وقفةً جادة، أن يقدموا كل أشكال الدعم للشعب الفلسطيني، الدعم السياسي بمثل ما ينصرون به أي قضيةٍ يتحمسون لها، يتفاعلون معها، يتحركون من أجلها بجد، أن يقدِّموا الدعم المادي، وأن يقدِّموا حتى الدعم العسكري، هذه مسؤوليتهم وواجبهم، إذا كان الأمريكي أتى من آخر الدنيا، وأتى الأوروبي، أتى الألماني، والفرنسي، والإيطالي، والبريطاني قبلهم، أتوا ليتعاونوا مع الإسرائيلي الظالم، المجرم، المحتل، المعتد الغشوم، ليتعاونوا معه في جرائمه، في وحشيته، في احتلاله، في طغيانه، فلماذا لا تقف أمتنا الإسلامية الوقفة المطلوبة، الوقفة المفترضة، الوقفة التي عليها أن تقفها، بحكم انتمائها للإسلام، بحكم مبادئها وقيمها وأخلاقها، بل وبحكم مصالحها، أن تقف مع الشعب الفلسطيني المظلوم، المضطهد، المعذب، في قضيته العادلة، في قضيته التي حقٌّ لا التباس فيها ولا شك فيها، هذه قضية خطيرة.
الموقف على المستوى العام، في القمم، ومنها القمة التي في السعودية، والقمم الأخرى، كان موقفاً ضعيفاً، مجرد بيانات فيها مطالبة، وينتهي كل شيء بعد البيان، مجرد تصريحات بين الحين والآخر ضعيفة وفاترة، لا ترقى إلى مستوى موقفٍ عمليٍ أبداً، أو موقف محدود من بعض الدول، موقف محور المقاومة، الذي هو في مستوى موقف عسكري، دعم ومساندة عسكرية، إعلامية، شعبية، أو خروج لمسيرات ومظاهرات- وهي مهمة- في بعضٍ من بلدان العالم؛ أمَّا البعض حتى في الدول العربية فَمُنِعَت حتى التظاهرات المساندة للشعب الفلسطيني، مُنِع أي تَحَرُّك جاد للمساندة مثلاً بمال، هل هناك حملات تَبَرُّع مفتوحة وجادة في كل دول الخليج لمساندة الشعب الفلسطيني؟ هل هناك تحرك علمائي لأولئك العلماء الذين كانوا يفتون بوجوب الجهاد، إذا كانت المسألة إثارة فتنة في سوريا، أو استهداف للشعب اليمني، أو استهداف للشعب العراقي، أو استهداف لأي بلدٍ مسلمٍ هنا أو هناك، يجعلون التحرُّك للفتن ولاستهداف الشعوب جهاداً واجباً، وَيُقَدِّمُونَ الفتاوى، والحملات التحريضية الدينية، والخطب في المساجد، أين هو هذا الصوت ليفتي بوجوب الجهاد نصرةً للشعب الفلسطيني؟! ما الذي يبرر لهم هذا الصمت، هذا السكوت، هذا التجاهل، وأحيانا أكثر من ذلك، وأسوأ من ذلك: التوجيه للوم للشعب الفلسطيني ولمجاهديه؟ هذه مسألة مهمة، نحن يجب أن ندرك أن مسؤوليتنا جميعاً هي التحرك الجاد.
ومن هذا المنطلق: من منطلق المسؤولية الإيمانية، والدينية، والأخلاقية، تَحَرَّكَ شعبنا اليمني العزيز في مواقفه البارزة والواضحة والمعروفة، تَحَرَّك ليتخذ الموقف الصحيح على كل المستويات، ليعلن تقديم كل أشكال الدعم الممكنة والمستطاعة للشعب الفلسطيني، ليقول أنه سيتحرك عسكرياً، ويعلن الحرب على العدو الصهيوني اليهودي الإسرائيلي، وَيُحَرِّك قوته الصاروخية والمسيَّرة، لتبدأ بعملياتها بالاستهداف للعدو الصهيوني في فلسطين المحتلة، بالصواريخ البالستية والمجنحة، والطائرات المسيَّرة، وأيضاً على مستوى البحر الأحمر، وخليج عدن، والبحر العربي؛ ليمنع فيها تحرُّك السفن الإسرائيلية، والسفن المرتبطة بإسرائيل، التي تتحرك إلى موانئ فلسطين المحتلة، لتصل بالمؤن للإسرائيليين، ولتصل بالبضائع المحملة للإسرائيليين، هذا الموقف على المستوى العسكري، والذي أيضاً كان شعبنا ولا يزال يتمنى أن يتاح له ما هو أكثر من ذلك، وَقَدَّمنا طلباً واضحاً ومعلناً للدول التي تفصل جغرافياً بيننا وبين فلسطين المحتلة، لتفتح منافذ مرورٍ وعبورٍ برية، ليتحرك مئات الآلاف من أبناء شعبنا للجهاد في فلسطين، هذا هو جهاد مقدس، وعمل عظيم، وموقف حق، ولكن لم يستجب أيٌّ منها لهذا الطلب، وهم بعيدون عن الاستجابة، قلنا لهم: على الأقل لتختبروا مصداقيتنا ومصداقية شعبنا، جربوا، ألستم تحاولون أن تقللوا من أي جُهدٍ نعمله، وأن تُشَوِّهوا أي موقفٍ نقفه؟ إذاً افتحوا هذا المجال، افتحوا بصدق، افتحوا بقرارٍ جاد، لتروا، تروا الحقيقة، تروا التوجه لهذا الشعب العزيز.
على مستوى التبرعات: شعبنا مستمر بالتبرعات المالية، بالرغم من الظروف المعيشية الصعبة جداً؛ لأننا في الأساس شعبٌ محاصر، ومحارب، ولا زلنا في أجواء الحرب، لم نصل بعد إلى الخروج من حالة الحرب المعلنة على بلدنا وشعبنا.
على مستوى الموقف السياسي: موقفنا واضح وداعم إلى أقصى مستوى نستطيعه.
على المستوى الإعلامي: كل وسائلنا الإعلامية، وكل جبهتنا الإعلامية تحركت بشكلٍ أساسي لدعم الشعب الفلسطيني ومجاهديه، وهذا واضح، ويختلف إعلامنا عن إعلام الآخرين كثيراً، قارِنوا بين وسائل إعلامنا وبين وسائل الإعلام مثلاً السعودية، أو الإماراتية، أو وسائل إعلام المرتزقة، أو وسائل الإعلام لدى كثيرٍ من الدول، ما مدى ما تُقَدِّمُه لدعم القضية الفلسطينية؟ بأبسط مقارنة يتضح الفرق الشاسع والبيّن، كثير من وسائل الإعلام الأخرى تتخذ دوراً سلبياً مسيئاً إلى الشعب الفلسطيني، ما بالك أن تكون في إطار موقف داعم، ومساند، ومؤيد، وكجبهة إعلامية مناصرة بكل ما تعنيه الكلمة للقضية الفلسطينية، وموجهة ضد العدو الصهيوني بشكلٍ صريحٍ وواضح.
على مستوى المسيرات والمظاهرات: شعبنا العزيز يخرج في كل جمعة خروجاً مليونياً، يملأ الساحات، والجماهير تهدر بأصواتها وبمواقفها الواضحة والمعلنة، وتردد في كل مسيراتها ومظاهراتها هتاف البراءة، الصرخة في وجه المستكبرين:
الله أكـــــــبر
الموت لأمريكـــا
الموت لإسرائيـــل
اللعنة على اليهود
النصــر للإســــلام
تهتف بهذا الشعار الجريء، والصريح، والواضح، في التعبير عن موقف هذا الشعب العزيز، الموقف الذي يرقى إلى مستوى المسئولية.
الخروج في المسيرات والمظاهرات في بلدنا، والتحرك الشعبي، والتفاعل الشعبي، لربما لا مثيل له في بقية البلدان، على مستوى العالم الإسلامي والمنطقة العربية، أو على مستوى بقية بلدان العالم، وهو موقفٌ جامع، موقفٌ شعبيٌ واسع، ويحظى هذا الموقف بإجماعٍ كبيرٍ في بلدنا وبين أوساط شعبنا بأكثر حتى من قضاياه الوطنية، أنا أقول لكم بكل وضوح: لم يكن إجماع الشعب اليمني في موقفه تجاه العدوان عليه، وهو حرب عليه، حرب على الشعب اليمني بنفسه، لم يكن بمستوى الإجماع والتفاعل تجاه القضية الفلسطينية، والمظلومية الفلسطينية، ومناصرة الشعب الفلسطيني، والمجاهدين في غزة، وسكان غزة من أبناء الشعب الفلسطيني، بل كان الموقف معهم أكبر حتى من الموقف للقضايا التي هي قضايا هذا الشعب، ومظلومية هذا الشعب، وهذا أمرٌ معروف، ليست المسألة تَحَرُّك يخص فئةً معينة من أبناء هذا الشعب، هو تَحَرُّكٌ رسميٌ وشعبيٌ، وهو يُعَبِّر عن الإرادة الشعبية لكل أبناء شعبنا اليمني، حتى في المحافظات المحتلة، التي يسيطر عليها تحالف العدوان، نبض، وقلب، وشعور، وإحساس، وتأييد أبناء تلك المحافظات هو مع هذا الموقف، الذي يُعَبِّرُ حقيقةً عن الشعب اليمني في هويته الإيمانية، في ضميره الحي، في موقفه الشجاع والصحيح والجريء والمسؤول، الذي ينسجم مع مبادئه، وقيمه، وشرفه، وانتمائه، وحريَّته.
ولذلك إذا شذَّت بعض المواقف من بعض المرتزقة، فهي مواقف لا قيمة لها، لا تمثل هذا الشعب، ولا تُعَبِّر عن إرادته، والمسألة واضحة تماماً في كل أرجاء البلد، هو موقف موحد، ومجمعٌ عليه رسمياً وشعبياً، ولا يُعَبِّر فقط عن فئة خاصة، وَعَبَّرَ عنه الشعب اليمني بوضوح في اليوم السبعين في ميدان السبعين، شاهدوا تلك المشاهد للحضور الجماهيري المليوني، المُعَبِّر عن هذا الموقف، والسقف لهذا الموقف سقفٌ عالٍ جداً، يعني: ما يريده شعبنا بشكلٍ عام، ما يأمله أبناء شعبنا وما يطلبونه هو حتى أكبر مما نفعله حالياً؛ إنما نحن نفعل ما نستطيع ونسعى إلى الوصول إلى ما هو أكبر، وإلى فعل ما هو أشد ضد العدو الصهيوني.
نحن نسعى حتى هذه الأيام لتطوير قدراتنا العسكرية، ونحن نستفيد حتى في ظل ما نواجهه؛ لأنه في بعض الحالات تتصدى عدة قوى في المنطقة لضرباتنا الصاروخية، التي تستهدف العدو الإسرائيلي، أحياناً أربع دول، من بينها دول عربية وقوى عسكرية في المنطقة، إضافة إلى العدو الإسرائيلي، كلها تحاول أن تتلقى الطائرات المسيَّرة؛ لمحاولة منعها من الوصول إلى أهدافها، تحاول أن تتلقى وتتصدى للصواريخ اليمنية، بعض الدول العربية- وللأسف- تُقَدِّم هذه الخدمة للعدو الصهيوني، تتجند معه، تُحَرِّك إمكاناتها العسكرية لحمايته، بدلاً من أن تُقَدِّم الحماية والدعم للشعب الفلسطيني، للأطفال والنساء في غزة، تحاول أن تُقَدِّم الحماية للصهيوني، أمريكا من جانبها، والقوى الغربية التي تتحرك معها من جانبها، ولكن مع كل أشكال الدعم الذي يقدمونه، نحن نسعى لتطوير قدراتنا العسكرية، حتى لتتجاوز أي عوائق، ولتحقق أهدافها، ولفعل ما هو أشد، ونسعى لفعل ما هو أكبر بكل ما نستطيع، ليرقى هذا إلى مستوى المسئولية من جهة، وإلى مستوى تلبية رغبة شعبنا وطلبه وأمله، هذه إرادته، هذا توجهه، هذا إيمانه، هذا هو موقفه، وليس موقفاً لفئة معينة، أو لجهة محدودة من أبناء شعبنا، هو أيضاً موقف واضح لا غموض فيه، ولا التباس فيه، هو موقف ضد العدو الصهيون اليهودي الإسرائيلي، في عدوانه الإجرامي والوحشي على الشعب الفلسطيني، وعدوانه على غزة، وجرائمه البشعة هناك، وحصاره لأبناء غزة، لم نستهدف به أي دولة أخرى، حتى أننا صبرنا مع عمليات الاعتراض التي قامت بها حتى دول عربية وساندت بها الإسرائيلي، صبرنا على ذلك ولم نستهدفها، بعد أن تورطت إلى هذا المستوى في مساندة العدو الصهيوني اليهودي.
همنا، وهدفنا، وتوجهنا، وموقفنا، وعملنا، هو لنصرة الشعب الفلسطيني، وسكان غزة، والمجاهدين في غزة، وهو موقف حق، موقفٌ مشروع، الأمريكي يبرر لنفسه، ويرى لنفسه هو والبريطاني أن يأتوا إلى منطقتنا، إلى عالمنا الإسلامي، إلى بلادنا العربية، إلى بحار هذه البلدان، وأن يساندوا العدو الصهيوني في جرائمه، وهو يرتكب الجريمة البشعة، جرائم الإبادة الجماعية لشعبٍ مظلوم، ثم يستنكرون على الآخرين أن يتحركوا في الموقف الحق، في الموقف الصحيح، في الموقف الإنساني والأخلاقي، الذي له مستنده، مستنده الأخلاقي، الإنساني، الشرعي، القيمي، القانوني، بكل الاعتبارات.
الموقف الباطل المستنكر، الموقف الظالم المجرم، هو موقف الأمريكي، هو موقف البريطاني، وهو الموقف المخجل، المخزي، وفعلاً وصل الحال إلى درجة أن بعض المسؤولين الأمريكيين قدَّموا استقالاتهم، وشعروا بالخجل إزاء ما تفعله أمريكا مع إسرائيل، من مشاركة في أبشع وأفظع الجرائم، وقالوا: [هذا يهدد مصالح أمريكا، هذا يسيء إلى سمعتها في المنطقة، هذا يؤلب عليها، هذا يعزز الاستياء، وَيُرَسِّخ الاستياء في نفوس أبناء العالم الإسلامي قاطبة، تجاه ما تفعله أمريكا، خرجت مظاهرات في أمريكا، وفي بريطانيا، وفي فرنسا، وفي ألمانيا، في كل تلك البلدان خرجت مظاهرات مستنكرة لذلك، فالتوجه الأمريكي هو التوجه الذي يختلف مع إرادة الشعوب، ويخالف مصالح الشعوب، ويتنكر لكل القيم: إنسانية، دينية، أخلاقية، لبرالية... بكل أشكالها وأنواعها، موقف إجرامي عدواني واضح ومفضوح تماماً، مفضوح تماماً، ومخزٍ ومخجل، وعار بكل ما تعنيه الكلمة، عار على أمريكا، عار على بريطانيا، عار على فرنسا، عار على ألمانيا، عار على إيطاليا، كل البلدان التي تقف مع العدو الصهيوني، وتسانده في قتله اليومي للأطفال والنساء، في جرائمه البشعة جداً، عار وخزي.
أمَّا موقف شعبنا فهو موقف مشرف بكل ما تعنيه الكلمة، موقف حق، موقفٌ صحيح، موقفٌ ينسجم مع المسئولية الإيمانية والإنسانية والأخلاقية لهذا الشعب، لا غبار عليه، لسنا نخجل أو نستحي أو نتحرج من هذا الموقف، بل نسعى لأن نصل فيه إلى أقصى مدى ممكن دون تحرج ولا تردد، ونراه موقف حق، يستحق منا التضحية، والبذل، والعطاء، والثبات على هذا الموقف مهما كانت النتائج، إذا أراد الأمريكي أن يفرض باطله على شعوب أمتنا، وأن يخضعها ويركعها لتبقى متفرجة على جرائم الإبادة الجماعية، التي يشارك العدو الصهيوني فيها بحق الشعب الفلسطيني، فإن شعبنا قرر ألَّا يخنع وألَّا يخضع، وألًّا يركع للأمريكي، وألَّا يتراجع عن هذا الموقف المبدئي، والأخلاقي، والديني، والإنساني.
وهذا الموقف لشعبنا العزيز، وموقفه في البحر العربي، وخليج عدن، والبحر الأحمر؛ لمنع حركة السفن الإسرائيلية، وما يرتبط بالعدو الإسرائيلي، من تلك السفن التي تذهب إلى موانئ فلسطين المحتلة، محملةً بالبضائع للعدو الصهيوني، هو موقف فاعل ومؤثر، كان البعض من ذوي الجهل، من ذوي الدناءة، من ذوي الخسة، يسخرون من هذا الموقف، حتى ضج منه العدو الصهيوني، وصاح منه، وصاح من تأثيره على اقتصاده، وعطَّل البعض من الموانئ في فلسطين المحتلة، التي كان يعتمد عليها الإسرائيلي في جلب البضائع والمؤن، وحتى صاح الأمريكي، وصاحت كل أذرع اللوبي الصهيوني، بالرغم من أن هذا التحرك لا يستهدف الملاحة العالمية، ولا السفن الأخرى، ولا الحركة التجارية لكل الدول في العالم، أمامهم المجال مفتوح للمرور والعبور بكل أمان، من البحر العربي، من خليج عدن، من باب المندب، من البحر الأحمر، واستمرت فعلاً حركة السفن بالمئات، تَعبُر السفن لمختلف بلدان العالم، لمختلف الدول، تَعبُر بالأمان، المستهدف حصرياً في موقفٍ واضح، ومعلن، وصريح، في وسائل الإعلام، في المواقف، في الكلمات، عبر التواصل الدبلوماسي، من خلال وفدنا الوطني، ومن خلال وزارة الخارجية في صنعاء، موقفٌ واضح، ليس هناك أي سفن مستهدفة لأي بلد في العالم، سوى السفن المرتبطة بإسرائيل؛ إمَّا ملكيتها للإسرائيليين، أو هم يمتلكون جزءاً منها، وتتحرك لمصالحهم، أو تذهب إلى موانئ فلسطين المحتلة، جالبةً المؤن للعدو الصهيوني، هذا موقف صريح وواضح.
وفعلاً العمل في البحر الأحمر، في باب المندب، في خليج عدن، في البحر العربي، لا يستهدف أي سفن أخرى، ولا يضر بالملاحة الدولية، ولا بالحركة التجارية لمختلف البلدان، وفقط وبشكلٍ حصري يستهدف العدو الإسرائيلي، ويساند الشعب الفلسطيني المظلوم في غزة، هو يساند أولئك الأطفال والنساء الذين هم بمئات الآلاف يعانون من الجوع في قطاع غزة، هو يساند كل ذلك الشعب الفلسطيني المظلوم، الذي يعاني أيضاً في الضفة، لكن مأساته في غزة مأساة كبيرة جداً، لا يسكت عنها ولا يتجاهلها إنسانٌ بقي له ضمير، ولو ذرة من الضمير الحي.
هذا الموقف الفاعل المؤثر صاح منه العدو الصهيوني الإسرائيلي، وطلب من الآخرين، من شركائه في الجرم في استهداف الشعب الفلسطيني، من مسانديه في جرائم الإبادة الجماعية لسكان غزة، طلب منهم أن يتحركوا في البحر الأحمر؛ لمنع هذا التحرك المؤثر عليه.
الأمريكي أعلن عن تَحَرُّكٍ جديد، الأمريكي كان يتحرك منذ البداية، وسعى منذ البداية إلى حماية السفن الإسرائيلية العابرة والمارة، والسفن المرتبطة بإسرائيل، وكانت بوارجه شيءٌ منها يتقدم، وشيءٌ يتأخر، وشيءٌ يحاذي، محاول من البداية أن يُقَدِّم كل أشكال الحماية للسفن الإسرائيلية، ولكن الذي يسعى له الآن هو توريط الآخرين معه في حماية السفن الإسرائيلية، وحماية السفن المرتبطة بإسرائيل، فالتحرك الأمريكي هو في حقيقته بهذا الشكل، ليس تحركاً لحماية الملاحة الدولية ولا للحركة التجارية، لحماية سفن الدول والبلدان التي تَعبُر من باب المندب والبحر الأحمر، ليس بهدف الحماية لها، أكبر خطرٍ يهدد الملاحة الدولية، والحركة للسفن التجارية، في البحر الأحمر، وباب المندب، وخليج عدن، والبحر العربي: هو التحرك الأمريكي، التحرك الأمريكي الذي يسعى لعسكرة البحر الأحمر، وعسكرة باب المندب، وعسكرة خليج عدن، يسعى لتحويل البحر إلى ساحة حرب، إلى ميدان قلق ومضطرب، فالذي يهدد الملاحة البحرية لكل الدول والبلدان هو الأمريكي، هو الأمريكي بنفسه؛ من أجل العدو الإسرائيلي، هو يفعل ذلك خدمةً لإسرائيل، استجابةً لطلب مُعلن وصريح من الإسرائيلي، هو طالبهم وأعلن ذلك، والذي يتحرك مع الأمريكي، ويورط نفسه مع الأمريكي، في حماية السفن الإسرائيلية والسفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي، هو يفعل ذلك وهو يعرف ويعلم علم اليقين أنه يُقَدِّم خدمة لإسرائيل حصراً، وليس للملاحة الدولية، بل يضر بها، ويؤثر عليها.
ولذلك ينبغي لكل بلدان العالم أن تنتقد على الأمريكي، وعلى الذين يتطفلون معه من الدول البعيدة والأجنبية، التي تأتي لتتحرك في البحر الأحمر، وتهدد الملاحة في البحر الأحمر، وأيضاً تعسكر البحر الأحمر، تحول الجو فيه إلى جو عسكري ومضطرب، وفي المقدمة أيضاً كل البلدان التي على الضفتين، على ضفتي البحر الأحمر، المفترض أن يكون لها موقف صريح، للانتقاد للأمريكي، وضد الموقف الأمريكي؛ لأنه ينتهك حقوق هذه البلدان ابتداءً، ويهدد أمنها واستقرارها، كل البلدان التي على شواطئ البحر الأحمر هي متضررة، وحقوقها منتهكة، وعليها مسؤولية: أن تتحرك ضد الموقف الأمريكي؛ لأنه موقف عدواني متطفل، يضر بالملاحة الدولية، ثم كل البلدان في الشرق والغرب؛ لأنها متضررة من عسكرة البحر الأحمر، من تحويل الأمريكي له إلى ساحة حربٍ قلقة، خدمةً للعدو الإسرائيلي.
أنا في هذا المقام أوجه النصح لكل الدول التي يسعى الأمريكي إلى توريطها، بأن لا تورط نفسها، وألَّا تضحي بمصالحها، وألَّا تخسر أمن ملاحتها البحرية خدمةً للعدو الصهيوني، من أجل ماذا تخدمون العدو الصهيوني؟ من أجل ماذا تساندون جرائمه لقتل آلاف الأطفال والنساء في غزة؟
أمَّا على مستوى موقفنا نحن، فالتحرك الأمريكي الأخير، الذي يسعى فيه أيضاً لتوريط بعض الدول، ويهدد، ويتوعد، لن يثنينا نهائياً عن موقفنا الثابت، والمبدئي، والأخلاقي، والإيماني، الذي أعلنَّاه منذ البداية، ومنذ أعلنَّا هذا الموقف نحن نعرف مدى انزعاج الأمريكي منه، ومدى جنون الإسرائيلي منه، ونحن مرتاحون جداً؛ لأن هذا موقف مؤثر، ومن المعايير التي تبيّن مدى تأثير هذا الموقف هو: مدى الانزعاج الإسرائيلي والأمريكي، لو كان موقفاً لا تأثير له، لا قيمة له، لما صاح منه الإسرائيلي، ولما أعلن تضرره منه، ولما احتل مساحه حتى في الإعلام الإسرائيلي، في الحديث عن هذا الموقف، عن الأضرار الناتجة عنه، عن خطورته، عن أهميته، عن مستوى تأثيره، وكذلك الانزعاج الأمريكي منذ البداية، والتحرك الأمريكي ليس جديداً، منذ اليوم الأول حرَّكوا بارجاتهم، وحرَّكوا حاملات الطائرات، وتحركوا بكل إمكاناتهم، ولكنه الآن يسعى لتوريط الآخرين معه، وللتصعيد أكثر.
فيما إذا كان لدى الأمريكي توجه أن يُصَعِّد أكثر، وأن يُوَرِّط نفسه أكثر، أو أن يرتكب حماقة، بالاستهداف لبلدنا، أو بالحرب على بلدنا، فلن نقف مكتوفي الأيدي سنستهدفه هو، سنجعل البارجات الأمريكية، والمصالح الأمريكية، وكذلك الحركة الملاحية الأمريكية، هدفاً لصواريخنا، وطائراتنا المسيرة، وعملياتنا العسكرية، نحن لسنا ممن يقف مكتوف الأيدي والعدو يضربه، نحن شعب نأبى الضيم، نتوكل على الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، نحن لا يمكن أن نخاف من التهديد الأمريكي، ولا حتى إذا أراد الأمريكي أن يدخل في حربٍ مباشرة، وعدوانٍ مباشرٍ على بلدنا، لسنا ممن يتراجع عن مواقفه لأجل ذلك، ولسنا ممن يخنع، أو يخضع، أو يستسلم من أجل ذلك، نحن عانينا في كل السنوات الماضية الأَمَرِّين، من الحروب التي شنها علينا الأمريكي عبر عملائه، أنظمة في المنطقة سَلَّطَهَا وَحَرَّكَهَا للعدوان علينا، قوى تكفيرية حرَّكها للحرب علينا، والعدوان علينا، واستنزافنا، وقتالنا، ارتُكِب بحق شعبنا أبشع الجرائم: جرائم القتل للأطفال والنساء، التدمير الشامل، الحصار الشامل، والمواجهات الاستنزافية الكبيرة جداً، وأحب الأمور إلينا، وما نأمله، وما نتمناه، وكنا نتمناه منذ اليوم الأول: أن تكون الحرب مباشرة بيننا وبين الأمريكي والإسرائيلي، ولا أن يحاربنا الأمريكي عبر عملائه، عملائه الذين يقاتلون من أجله، ولتحقيق أجندته، ويدفعون له- في نفس الوقت- المال، ويقدمون له المال ليس فقط مقابل السلاح، حتى مقابل الموقف السياسي، الموقف الإعلامي، الخطة، الإدارة، المعلومة... كل شيء بماله.
ونحن- في الوقت نفسه- نتمنى، ونطلب من كل الدول العربية، ومن كل الذين حرَّكهم الأمريكي في الماضي: أن يتوقفوا، وأن يتفرجوا، وأن يتركوا الأمريكي ليدخل هو في حربٍ مباشرة معنا، وأن يذرونا ويتركونا لنكون في حرب مباشرة مع العدو الإسرائيلي، ومع الأمريكي في طغيانه وعدوانه وإجرامه، وإذا أرادوا أن يرقصوا فليرقصوا، لكن لا يُقَدِّموا الدعم المالي، ولا يشتركوا عسكرياً مع الأمريكي، وليتفرجوا، إذا أرادوا أن يكون جمهوراً يصفق للأمريكي فليصفقوا، وإذا أرادوا أن يرقصوا على أشلاء الضحايا من الأطفال والنساء فليرقصوا، لكن لا يشتركوا مع الأمريكي، لا يتورطوا معه، بدلاً من الاستنزاف في حروب على مدى سنوات طويلة حَرَّكَ فيها الأمريكي أدواته، فلتكن الحرب مباشرة معه، طالما أنه يريد أن يدخل في حرب مباشرة، وأن يُوَرِّط نفسه في حرب مباشرة، فليعرف وليفهم أننا لسنا ممن يخشاه، وأنه في مواجهة شعبٍ بأكمله ليس في مواجهة فقط فئة محدودة، الموقف من العدوان الصهيوني الإسرائيلي على قطاع غزة هو موقف كل الشعب اليمني، وهو يُجَسِّد إرادة كل أبناء هذا الشعب.
ولذلك إذا أراد الأمريكي أن يحارب هذا الموقف، وأن يُوْقِف هذا الموقف، وأن يُسْكِت هذا الموقف، وأن يمنع هذا الموقف، فهو في مشكلة مع كل الشعب اليمني، إذا أراد أن يرسل جنوده إلى اليمن، فإنما سيواجهه في اليمن- ليعرف، وليفهم، وليتيقن، وبإذن الله تعالى- سيكون أقسى بكثير مما واجهه في أفغانستان، ومما عانى منه في فيتنام، الحال في اليمن يختلف كثيراً، أنت أمام شعب مجاهد، منطلق من منطلق هوية إيمانية، وانتماء إيماني، شعب حُرّ، شعب يتحرك على مدى سنوات طويلة بإرادة إيمانية جادة، ونحن مستعدون للثبات على موقفنا مهما كانت النتائج، ولا يتصور الأمريكي أن بإمكانه أن يضرب ضربات هنا وهناك ثم يَهْدَأ الأمر، ثم يبعث بوساطة من هنا أو هناك لِيُهَدِّئ الوضع، إذا تورط فهو تورط بكل ما تعنيه الكلمة، تورط ورطة حقيقية.
ولذلك ليعرف الأمريكيون، ولتعرف كل المؤسسات في أمريكا، أن صهاينة أمريكا يسعون لتوريط أمريكا فيما ليس حتى في مصلحتها، ولا في مصلحة شعبها؛ إنما فقط من أجل خدمة إسرائيل، من أجل خدمة العدو الصهيوني اليهودي الإسرائيلي؛ أمَّا نحن فنحن متوكلون على الله، واثقون بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، الذي هو ربُّ العالمين، ونصير المستضعفين، والقوي العزيز، نحن انطلقنا في موقفٍ هو لنصرة الحق، نُجَسِّدُ فيه أمر الله تعالى ووعده الحق، حينما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد: الآية7].
ولذلك نحن نحذر الأمريكي من التورط في أي حماقة؛ أمَّا ما يفعله في البحر فهو يخسر حالياً، هو يطلق صاروخ بقيمة مليوني دولار، للتصدي لطائرة مسيَّرة قيمتها ألفي دولار، هو يخسر، لدينا نحن نفس طويل- بحمد الله- للمواجهة، والتصدي للعدوان، والثبات في مواجهة اعتداءات الأعداء، شعبنا العزيز وقف تسع سنوات إلى اليوم في مواجهة عدوان كبير عليه، وُضِّفَت فيه إمكانات وقدرات ضخمة للعدوان على شعبنا، وهو صامد وثابت، وكلما حورب ازداد قوة، وكلما اعتدى عليه الأعداء طوَّر قدراته العسكرية للتصدي لهم؛ فلذلك لا يؤمِّل العدو أنه ممكن أن يُخضِع شعبنا، أو أن شعبنا سيتراجع، موقفنا هو موقف ثابت؛ إنما نحن ننصح الآخرين للحذر من التورط مع الأمريكي، وأن يتركوه هو إذا أراد أن يُوَرِّط نفسه.
ننصح أيضاً الدول الأوروبية، هي تخاطر وتجازف على مصالحها من أجل إسرائيل: ليس على سفنكم أي خطورة، تلك التي لا تريد الذهاب لدعم الإسرائيلي، لا تريد أن تحمل المؤن إلى موانئ فلسطين المحتلة لدعم الإسرائيلي، سفنكم يمكنها العبور بكل أمان، لكن عندما تورطون أنفسكم مع الأمريكي، خدمة للإسرائيلي، فأنتم تخاطرون على مصالحكم ومصالح شعوبكم بكل ما تعنيه الكلمة.
نحن نأمل من العالم الإسلامي، في ظل استمرار الطغيان والعدوان الإسرائيلي والأمريكي على فلسطين وعلى غزة، أن يراجعوا الحسابات، أن يتجهوا لتبني مواقف أقوى مما هم عليه حالياً، هذه مسألة مهمة. نحن في الوقت نفسه نشيد بالموقف الماليزي، الذي منع إحدى الشركات الصهيونية من موانئه وقاطعها، وطردها حتى لا تمارس أي نشاط في موانئه، هذا موقف ممتاز، على كل الدول الإسلامية والعربية أن تتقدم في مواقفها، على المستوى الاقتصادي، على المستوى الدبلوماسي، الإعلامي، السياسي، أن تكون مساندة بشكل أكبر للشعب الفلسطيني، ولتأخذ العبرة والدرس من صمود الشعب الفلسطيني.
صمود الإخوة المجاهدين في غزة هو صمود عظيم، يُعَبِّر عن إرادة إيمانية، عن مجاهدين يعتمدون على الله، يتوكلون على الله، يثقون بالله، يؤمنون حق الإيمان بعدالة قضيتهم، يمتلكون من الأخلاق والقيم ما أَهَّلهم إلى ذلك المستوى من الصمود والتفاني، لهم صلتهم الإيمانية بالله، التي يحضون من خلالها بالمدد الإلهي والسكينة، والعون العظيم من الله، وهم ينكلون بالعدو الإسرائيلي في المواجهة، ويقتلون الكثير من الجنود الإسرائيليين، ربما هذه المسألة لا تحظى بالتغطية الإعلامية بما تستحقه، لكن صمودهم، وثباتهم، وتنكيلهم بالعدو الصهيوني هو عظيم، وكبير، ومشرف، وَيُعَبِّر- كما قلنا- عن إرادة إيمانية، ويمثل أملاً حقيقياً بالنصر الموعود إن شاء الله.
صبر أهالي غزة وسكان غزة، بالرغم من ذلك العدوان الهائل، أذهل كل شعوب العالم، بما فيها الشعوب الأوروبية، والكل منبهرٌ من مستوى ذلك الصبر، وذلك الصمود، وذلك الثبات، بالرغم من حجم المظلومية، والمعاناة الشديدة جداً، والتي لا مثيل لها.
في هذا المقام نقول للشعب الفلسطيني (في غزة، وفي سائر فلسطين)، نقول للأخوة المجاهدين في فلسطين، في غزة العزة: لستم وحدكم، الله معكم، وهو خير الناصرين، {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا}[النساء: من الآية45]، شعبنا اليمني معكم بكل ما يستطيع، وبأعلى سقفٍ يتمكن منه، ولن يتردد، ولن يثنينا الموقف الأمريكي، ولا الوعيد ولا التهديد، من جانب الأمريكي ولا من جانب غيره، لن يثنينا عن هذا الموقف، ولن نتراجع عن هذا الموقف.
نقول لهم: كل أحرار أمتنا إلى جانبكم، محور المقاومة هو حاضرٌ في أدوار مهمة وفاعلة إلى جانبكم، حزب الله في لبنان هو في جبهة مستعرة ومستمرة في الحدود الشمالية لفلسطين، هو إلى جانبكم، كل شعوب العالم التي بقي لها شيءٌ من الضمير الإنسان تهتف لكم، وتهتف لمظلوميتكم، والله خير الناصرين، ثقوا بنصر الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، مهما تمادى العدو الصهيوني في جرائمه، فثباتكم، وصبركم، وجهادكم، وتضحيتكم، هو سببٌ للنصر الإلهي مع مظلوميتكم ومعاناتكم، التي هي بعين الله، الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" {لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ}[آل عمران: من الآية5]، مهما كان الموقف الأمريكي في مساندة العدو الصهيوني ومشاركته في جرائمه فهو أيضاً خاسر، يخسر بخسارة الإسرائيل؛ ولذلك مهما كان حجم المعاناة، فالمستضعفون بثباتهم، وصمودهم، وصبرهم، يحظون بنصر الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، الذي وعد بالنصر، وهو لن يُخلِف وعده.
موقفنا مستمر، والموقف الصحيح الذي على كل دول العالم أن تسعى له، هو: المطالبة بوقف العدوان على غزة، الأمريكي لماذا يريد أن يستمر في حماية السفن الإسرائيلية؟ لأنه يريد أن يستمر العدوان على غزة، يريد أن تستمر الجرائم في غزة، وإلَّا فكان الحل الصحيح هو وقف العدوان على غزة، ووقف الجرائم، ووقف الحصار، وإنهاء الحصار على الشعب الفلسطيني في غزة، أليس هذا هو الموقف الصحيح، الذي ينسجم مع الإنسانية، ينسجم مع كل القيم، ينسجم حتى مع مطالبات الشعوب في كل بلدان العالم، لكن الأمريكي لم يعد يأبه لأي شيء، وحتى تحركه في البحر الأحمر، تحت العنوان الجديد من أجل حماية السفن الإسرائيلية، هو تَحَرُّك غير قانوني، ولا يمثل لا قانون دولي، ولا أمم متحدة، ولا أي شيء، هو عدوان، وإجرام، وجلبطة، وعنجهية، وتصرف أرعن، وأحمق، وغبي، ومتوحش، وهو يسعى لخدمة الإسرائيليين.
أتوجه إلى شعبنا العزيز، للحث على مواصلة كل الأنشطة في بلدنا، والجهوزية لكل الاحتمالات، شعبنا العزيز تَبَنَّا موقفه بجد وبصدق، ليس موقفاً تكتيكياً، هو موقف إيماني، وعلى العدو أن يعرف ماذا نعنيه بمواقفنا الإيمانية، والمواقف التي منطلقة من منطلق إيماني ومبدئي وأخلاقي وإنساني، نحن شعبٌ يحمل الإنسانية، لا يزال يتمسك بقيمه ومبادئه وإيمانه؛ ولذلك لن يتردد ولن يتراجع نتيجةً للتهديد والوعيد والضغوط.
الأمريكي حارب هذا الشعب في المساعدات الإنسانية، حتى في الغذاء الذي كان يُقَدَّم عبر برنامج الغذاء العالمي، وعبر الأمم المتحدة، ومع ذلك يتهدد ويتوعد أكثر وأكثر، مهما عمل فنحن نعتمد على الله، نتوكل على الله، نتصدى له، ونحن في ظل مواجهة أصلاً، وكما قلنا: من الأفضل أن تكون الحرب معه مباشرة هو والعدو الإسرائيلي، وأن نهدأ من الحروب التي أرهقت هذه الأمة داخل شعوبها وبلدانها؛ إنما على الآخرين ألَّا يتورطوا في الاشتراك معه.