اعتبر قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، الذكرى السنوية للشهيد الرئيس صالح الصماد، محطة لاستلهام الدروس في القيم الإيمانية والروح الجهادية والعطاء في سبيل الله.
أعلن الأمين العام لحزب الله اللبناني الشيخ نعيم قاسم، أن موعد تشييع الشهيدين السيد حسن نصر الله، والسيد هاشم صفي الدين، كأمينين عامين سيكون يوم 23 فبراير الحالي ، كاشفاً أنّ قيادة الحزب كانت قد أنجزت انتخاب صفي الدين أميناً عاماً، لكنه استشهد قبل أيام من إعلان انتخابه.
أعلنت وزارة التجارة الصينية، اليوم الأحد، أن بكين سترفع دعوى أمام منظمة التجارة العالمية ردًا على التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم.
قال الله تعالى في القرآن الكريم: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة:111]، صَدَقَ اللهُ العَلِيُّ العَظِيم.
في الذكرى السنوية للشهيد المجاهد، أخينا العزيز الرئيس/ صالح علي الصَّمَّاد "رَحْمَةُ اللهِ تَغْشَاه"، نستذكره كأخٍ عزيزٍ مجاهد، وكشهيدٍ من القادة الشهداء، بإسهامه الكبير، وجهده وجهاده، وتقدمته وعطائه في نصرة الحق والمظلومين، وفي الدفاع عن المستضعفين، وفي دوره المتميز في مسيرة جهاده، وفي المرحلة التي تبوأ فيها مسؤوليته الكبيرة كرئيس، فكانت امتداداً لجهاده الكبير، الذي ختمه الله له بالشهادة، فنال الفوز العظيم.
وقبل أن ندخل في التفاصيل فيما يتعلق بشهيدنا العزيز، نتقدم أولاً إلى إخوتنا المجاهدين: كتائب الشهيد القسام، وحركة المقاومة الإسلامية حماس، والشعب الفلسطيني بكل فصائله ومكوناته، بأحرِّ التعازي، وخالص المواساة، باستشهاد المجاهد القائد الكبير/ محمد الضيف (أبو خالد)، ورفاقه القادة المجاهدين الشهداء، الذين ارتقوا شهداء في معركة (طوفان الأقصى)، متوِّجين بذلك مسيرة جهادهم الحافلة بالعطاء، نَسْألُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَرْحَمَهُم بِوَاسِعِ رَحْمَتِه، وَأَنْ يَرْفَعَ دَرَجَاتِهِم، وَأَنْ يُعَظِّمَ أَجْرَ ذَوِيهِم، وَكُلَّ المُجَاهِدِين وَالمُؤْمِنِين.
لقد كان الشهيد الكبير، قائد كتائب القسام/ محمد الضيف (أبو خالد) رَحِمَهُ الله، من القادة النموذجيين الكبار، بما حمله من قيمٍ إيمانية، وقوة إرادة، وعزمٍ وتصميم، وروحٍ جهاديةٍ عالية، ورشدٍ، وبصيرةٍ، وحكمة، ترجم كل ذلك في الدور الكبير، والإسهام العظيم، في البنية الجهادية الصُلبة الفولاذية، المتمثلة بـ (كتائب الشهيد عز الدين القسام)، وبالنقلات الكبيرة في الأداء الجهادي، وصولاً إلى عملية (طوفان الأقصى)، ثم الصمود الأسطوري العظيم في مواجهة العدو الإسرائيلي في معركة (طوفان الأقصى)، في أشرس جولةٍ في المواجهة للعدو، منذ بداية الصراع معه وإلى هذه المعركة.
إنَّ عظمة هذا الدور تتجلى من خلال التأمل في الظروف الصعبة، التي عمل فيها هذا الشهيد الكبير، والمجاهد القائد، في ظل الاحتلال الإسرائيلي، وما يمتلكه العدو من قدراتٍ وإمكانات، وسيطرةٍ تامةٍ على فلسطين، في مقابل الظروف الصعبة جداً للمجاهدين، من حيث انعدم الإمكانات، وبداية العمل من نقطة الصفر، ومع كل ذلك كان المسار الجهادي للشهيد القائد/ محمد الضيف مساراً تصاعدياً، من حيث البناء لكتائب القسام، كقوةٍ مجاهدةٍ فعَّالة، تتصدر الساحة الفلسطينية في فاعليتها، وفي حضورها، وفي حجم إنجازها ومستوى دورها، وفي الأداء العملياتي الناجح والهادف، الذي نَكَّل بالعدو الإسرائيلي، وألحق به الهزائم، وفرض المعادلات، وصنع الله به المتغيرات:
- منها: تحرير غزَّة.
- ومنها: إلحاق الهزائم الكبيرة بالعدو الإسرائيلي في عدَّة جولاتٍ من عدوانه الشامل.
- ومنها: إرغامه على تبادل الأسرى؛ نتيجةً لعمليات الأسر من جنوده في مراحل متعددة.
- وصولاً إلى الإنجاز العظيم في عملية (طوفان الأقصى)، التي كانت نقلةً أسست لتحولٍ كبير في مسار المواجهة والصراع مع العدو الإسرائيلي، وكانت ضربةً قوية، لم يستطع العدو الإسرائيلي التخلص من آثارها، وتأثيرها الذي كسر عظم كيان العدو، في بنيته وكيانه، كُسراً لن ينجبر بإذن الله تعالى.
- ثم تلى ذلك تماسك كتائب القسام، وصمودها العظيم في معركة (طوفان الأقصى)، الذي حافظ على هذا الإنجاز بتوفيق الله تعالى ونصره.
وإنَّ التماسك والثبات العظيم لكتائب القسام، بالرغم من استشهاد هذا القائد الكبير، ورفاقه القادة، وبالرغم من العدوان الإسرائيلي الأمريكي غير المسبوق، بكل وحشيته وجبروته، لثمرةٌ عظيمةٌ لجهده وجهاده، ونجاحٌ كبيرٌ لسعيه وعمله، هو ورفاقه الشهداء، في بناء بنيةٍ تبقى وتتنامى، وبنيانٍ مرصوصٍ متماسك، ففاز بالحسنيين: (النصر، ثم الشهادة)، فرحمه الله برحمته هو وكل رفاقه، وكل شهداء الأُمَّة، في فلسطين، وفي كل جبهات الجهاد.
وبالعودة إلى الذكرى السنوية لشهيدنا العزيز الرئيس/ صالح الصَّمَّاد "رَحِمَهُ الله"، فهي من مناسباتنا التي هي محطةٌ مهمةٌ للاستلهام والاستذكار، نستفيد منها الدروس في القيم الإيمانية، والروح الجهادية، والعطاء في سبيل الله تعالى، والثبات في مواجهة التحديات، مع الإجلال والتقدير لعطاء الشهداء، الذي هو عطاءٌ مُقدَّس؛ ولـذلك مهما قلنا، أو فعلنا، فلن نفي بحقهم؛ وإنما جزاؤهم العظيم هو: ما تَكَفَّل الله لهم به من عظيم الجزاء والتكريم:
- ثم الجنة في عالم الآخرة، كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}[التوبة:111].
- وأيضاً فيما بارك الله به جهودهم، وجهادهم، وتضحياتهم، وعطاءهم، في خدمة قضيتهم، والنتائج التي تتحقق بذلك في عاجل الدنيا.
فحديثنا عن الشهداء والشهادة، هو حديثٌ عن قُدسية عطائهم، ورفيع منزلتهم عند الله، وهذا مُحَفِّزٌ كبير للسير في دربهم، ومواصلة المشوار في طريقهم، بما لذلك من قدسيةٍ ومقامٍ عظيمٍ رفيع، وبما له أيضاً من نتيجة مهمة، لسعادة الإنسان نفسه، وفوزه بما لا يماثله فوزٌ، في أي مكاسب تتحقق لأي بشر؛ ولــذلك سمَّاه الله في (سورة التوبة) وفي (سورة الصف) بالفوز العظيم.
ثم مثل هذه المناسبات نستذكر فيها أيضاً مسؤوليتنا نحن، في الوفاء للشهداء، بالثبات على المبادئ والقيم، التي ضحّوا في سبيل الله من أجلها، فهم أصحاب قضيةٍ مقدَّسة، مسؤوليتنا هي الحفاظ عليها، وهي مسؤوليةٌ إيمانية.
فحينما نستذكر الشهيد الرئيس/ الصَّمَّاد "رحَمِهُ اللهُ"، نستذكر في شخصيته الفذَّة مميزاتٍ مهمة وملهمة:
- منها وفي مقدمتها- وهو العنوان الشامل، الذي تتفرع عنه بقية العناوين- التَّوجُّه الإيماني، والانطلاقة الإيمانية، والالتزام الديني:
وهذا مهمٌ جداً لكل إنسان، في أي موقعٍ من مواقع المسؤولية كان، وفي أي دورٍ يتحرك به في هذه الحياة، أن يكون ذلك مستنداً إلى انطلاقةٍ إيمانية، يؤمن بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ويؤمن بهدى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ويتحرك وفق المواصفات الإيمانية، والمبادئ الإيمانية.
- ثم الوعي القرآني، واهتمامه بالقرآن الكريم، وبالثقافة القرآنية:
ولـذلك كان ظاهراً في روحيته، وفي توجهه، وفي التزامه، وفي اهتماماته، هذا التَّوجُّه الإيماني، وأيضاً الاهتمام الكبير بالقرآن الكريم، في العناية بتلاوته، في الاهتمام أيضاً بالارتباط الوثيق به، وحمل روحيته، ثم أيضاً العناية القصوى بالثقافة القرآنية، فكان عاكفاً على الثقافة القرآنية، مهتماً بالثقافة القرآنية، متثقفاً بالثقافة القرآنية.
- وكذلك حمل الروح الجهادية والعملية، والشعور بالمسؤولية، والنشاط الكبير في ذلك، والاهتمام الكبير بذلك:
وهذا كان بارزاً في مسيرته الجهادية والعملية، هو إنسانٌ يتحرك وهو يحمل الروحية الجهادية، وأيضاً الروح العملية، كان نشطاً، ومهتماً، وعملياً، ودؤوباً في عمله في الليل والنهار.
- وكذلك سعة الصدر، وقوة التحمُّل، والحلم، والروح الاجتماعية:
وهذا كان بارزاً في علاقاته الواسعة، وتأثيره الواسع، واهتمامه بالشأن العام، واهتمامه بالناس، وفي علاقته الطيبة بالناس وبالمجتمع.
- وكذلك في التقدير للمسؤولية في أي ميدان من ميادين العمل، والخلاص من النظرة المزاجية:
وهذه مسألة مهمة جداً، الإنسان الذي ينطلق في سبيل الله تعالى من منطلقٍ إيماني، مخلصاً لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، هو ينطلق وهو ذائبٌ في الله "جَلَّ شَأنُهُ"، يهمه العمل الذي فيه مرضاة الله تعالى؛ ولـذلك لديه الجهوزية أن يتحرك في أي مجال من المجالات، ليبذل فيه وسعه وطاقته، وما يمتلكه من طاقات وقدرات، في سبيل العمل في ذلك المجال بما يرضي الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".
بينما البعض من الناس توجهاته مزاجية، حتى وهو يتحرك في إطار العنوان الجهادي والإيماني، هو يريد عملاً مُعيَّناً، يُعبِّر عن مكانة اجتماعية مُعيَّنة، أو مكانة مرموقة، أو له اعتبارات سياسية... أو غير ذلك.
لكنَّ المعيار المهم لدى الإنسان الذي ينطلق انطلاقةً إيمانيةً صادقة هو: ما الذي يحقق به مرضاة الله تعالى، ويصل به إلى رضوان الله عنه، هذا هو المهم؛ ولـذلك لديه الجهوزية أن ينطلق في أي عملٍ متاح، في أي مسؤوليةٍ تفترضها الظروف والواقع العملي، لديه استعداد أن يتحرك في أي مجال، بقناعة، برحابة صدر، وباهتمامٍ كبير؛ لأنه لا مجال للمزاجية في مسألة العمل في سبيل الله تعالى، وفي إطار المسؤوليات الإيمانية والجهادية.
وعندما تبوأ مسؤوليته كرئيس، وذلك في مرحلة حساسة جداً، في ذروة العدوان الأمريكي السعودي على بلدنا، لم يتعامل مع موقعه كمنصب، بل كمسؤولية؛ ولـذلك واصل تحركه الجهادي، وتحرَّك بالروح الجهادية، وبالقيم الإيمانية، مكثفاً من جهوده واهتمامه، ومستشعراً بحجم مسؤوليته، وكانت الأولوية له، ولكل أبناء شعبنا الأعزاء والأحرار، هي: في التصدي للعدوان؛ ولـذلك هو ركَّز على هذه الأولوية:
- من خلال اهتمامه الكبير بالمجاهدين والجبهات.
- ومن خلال اهتمامه الكبير أيضاً بالحفاظ على الجبهة الداخلية وتماسكها، في مرحلة هي أخطر مرحلة من مراحل الاستهداف للجبهة الداخلية، حتى تم تجاوز أكبر استهداف لها، وهو: فتنة ديسمبر.
- وكذلك من خلال اهتمامه الكبير بخدمة الشعب، والقرب من الشعب، وكان قربه هذا ملموساً لدى الناس.
العدوان الأمريكي، الذي نَفَّذه النظام السعودي وقوى إقليمية معه، كان لسببين:
الأول: هو النهج التحرري الإيماني الجهادي لثورة شعبنا اليمني في الحادي والعشرين من سبتمبر:
فالأعداء لا يقبلون ولا يطيقون بأن يكون شعبنا حُرّاً عزيزاً مستقلاً، على أساسٍ من انتمائه الإيماني وهويته الإيمانية؛ لأن معنى ذلك: أن يفقدوا سيطرتهم عليه، وعلى موقعه الجغرافي المهم، وعلى ثرواته النفطية والغازية، وغيرها من الثروات التي يطمعون بها.
السبب الثاني: هو موقف شعبنا المنسجم مع هويته الإيمانية تجاه قضايا أمته الكبرى، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وموقفه القرآني المعادي للعدو الإسرائيلي، والمناهض للهيمنة الأمريكية:
ولـذلك كان العدوان بتحريض إسرائيلي، وكان هذا واضحاً قبل أن يبدأ العدوان، في تصريحات للمجرم [نتنياهو]، وأيضاً لمسؤولين آخرين من كبار المجرمين الصهاينة، وفي وسائل الإعلام الصهيونية، فكان العدوان بتحريض إسرائيلي، ودفع إسرائيلي وصهيوني، وإسهام إسرائيلي في العدوان، وبإشرافٍ أمريكيٍ تام، وهذه مسألة واضحة، ويعترف بها الأمريكيون.
وكان الدور للسعودي هو: التنفيذ والتمويل، أن يدفع الأموال، أن يُقدِّم مئات المليارات من الدولارات للخزانة الأمريكية، وإلى بنوك الأمريكيين وجيوب الأمريكيين والصهاينة، هو ومن تحالف معه من القوى الإقليمية.
أمَّا دور خونة البلد، فكان هو: القتال ضد شعبهم؛ لتمكين أعدائه من احتلاله، والسيطرة عليه، وإخضاع هذا الشعب للأمريكي ولأدواته الإقليمية.
الأمريكي أشرف على العدوان بشكلٍ كامل؛ ولـذلك هو المتحمل الأول لوزر العدوان، وما كان فيه من جرائم القتل والإبادة، والتدمير الشامل لبلدنا، وهذا لا يُعفي أدواته عن المسؤولية في ذلك، هي مسؤولةٌ بكل المسؤولية معه وإلى جانبه.
نحن في هذا السياق نعتبر الأمريكي هو المسؤول الأول، ويشترك معه في المسؤولية أدواته الإقليمية، في الاستهداف للشهيد الرئيس/ صالح علي الصَّمَّاد "رَحْمَةُ اللهِ تَغْشَاه"؛ لأن الأمريكي:
- لا يطيق ولا يتحمل هذا النوع من الأشخاص أن يكون في هذا الموقع من مواقع المسؤولية:
لا يقبل الأمريكي ولا يتحمل أن يكون هناك رئيس، أو زعيم، في أي بلدٍ من بلداننا العربية والإسلامية، هو حرٌّ، لا يقبل بالخنوع لأمريكا، ولا يستسلم لأمريكا، للأمريكي تفصيل معيَّن، ومقاس معيَّن، يريد أن يكون عليه كل الزعماء في العالم العربي والإسلامي: يريد أن يكونون خانعين له، مطيعين له، موالين له، مستسلمين له، يقبلون بكل إملاءاته، يُقدِّمون ثروات شعوبهم له، وفي نفس الوقت يفتحون له كل شيء: المجال لانتهاك السيادة، لاحتلال الأرض، لأن يكون له قواعد عسكرية أينما يشاء ويريد، وأن يخترق كل المجالات في بلدانهم، بإملاءاته في كل المجالات: في المجال السياسي، في المجال التعليمي والتثقيفي والخطاب الديني، وفي الجانب الاقتصادي، أن يتدخل في كل شيء، دون أي ممانعة أو اعتراض.
هذه النوعية من الرؤساء، والزعماء، والأمراء، والملوك، والقادة، الذين يكونون عبارةً عن مسؤولي أقسام شرطة للأمريكي، في الاهتمام بما يريده عسكرياً، أو أمنيا، وأن يكونوا مُنفِّذين له في أي أجندة يريد تنفيذها في المنطقة: يثيرون الحروب، يشتغلون على الأزمات، يثيرون الفتن، يعملون على بعثرة أبناء الأُمَّة... يشتغلون لتنفيذ أي أجندة عدائية لتدمير الأُمَّة، ويهمهم مصالحه قبل مصالح شعوبهم وأوطانهم، لها الاعتبار الأول قبل كل شيء، هذا النوع من الزعماء يعجبه، ويريد أن يكونوا هكذا، فعندما يرى حالةً مختلفة في هذا البلد أو ذاك، هو لا يطيق ذلك، يصبح من أجندته ومن خططه كيف يتخلص من أي زعيمٍ، أو قائدٍ، أو رئيسٍ أو ملكٍ... أو بأي صفةٍ كان، هو حُرٌّ، لا يريد أحرار، يريد خانعين؛ ولـذلك سعى الأمريكي إلى استهداف الشهيد الصَّمَّاد.
- وأيضاً أراد أن يتخلص من الدور الفاعل الذي كان عليه الشهيد الصَّمَّاد "رَحْمَةُ اللهِ تَغْشَاه":
دوره الفاعل من موقعه كرئيس، بما يمتلكه من روحية وقيم، ومبادئ ومؤهلات، سخَّر فيها كل طاقات للتصدي للعدوان، واستنهاض الشعب، وتوجيه الإمكانات الرسمية والشعبية في أطار التصدي للعدوان.
- وأراد أيضاً أن يكسر إرادة ومعنويات شعبنا اليمني العزيز.
هذه الأسباب الثلاثة في مقدمة الأسباب، التي جعلت الأمريكي حريصاً على استهداف الشهيد الصَّمَّاد مع أدواته الإقليمية.
مع ذلك فشل، فشل العدو في تحقيق أهدافه، وكان استشهاد الشهيد الصَّمَّاد "رَحْمَةُ اللهِ تَغْشَاه" من أكبر الحوافز لشعبنا العزيز في التضحية والثبات، وزادت من ثبات شعبنا، من استبساله، من صموده.
كما هو الحال لشهادة كل الشهداء من أبناء شعبنا العزيز، من الشخصيات البارزة في البلد، من مختلف الفئات؛ لأنَّ شعبنا قَدَّم الشهداء بعشرات الآلاف، من مختلف فئات أبناء الشعب من: علماء دين، وقادة عسكريين وأمنيين، وشخصيات أكاديمية، وشخصيات اجتماعية، وكبار، وشباب... كل أحرار وأبطال البلد، الذين ارتقوا شهداء وهم يؤدُّون مسؤوليتهم الإيمانية والجهادية، في مواجهة العدو والتصدي لعدوانه، وكان منهم من قدَّموا أنفسهم في سبيل الله تعالى، وقَدَّموا جهداً كبيراً ما قبل ذلك في التصدي للعدوان في مرحلة العدوان، وهناك أيضاً من الشهداء من استشهدوا باستهدافٍ من العدو أيضاً، ما قبل إعلان العدوان على بلدنا، في إطار عمليات الاستهداف: عمليات اغتيالات، عمليات تفجيرات، نفَّذها الأعداء، وكانت إرهاصاً للعدوان على بلدنا.
قوافل الشهداء من أبناء شعبنا العزيز، بإسهامهم، وبركة تضحياتهم، وبجهود الجرحى والأسرى، ومعاناتهم، وصبرهم، وبجهود المرابطين الصادقين، ومن خلفهم من أبناء شعبنا، الذين أسهموا بكل الجهود في التصدي للعدوان، وفي العمل على تحقيق الهدف المنشود، في حُرِّيَّة شعبنا وبلدنا واستقلاله، كتب الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" بفضله النصر.
وأيضاً بالاستلهام للدروس من جهاد قوافل الشهداء، ومن أخلاقهم، ومن تضحياتهم، هم مدرسةٌ معطاءة، نتزود منها العزم والبصيرة، وتحيي فينا الروحية الجهادية باستبسالٍ وتفانٍ؛ ولـذلك من المهم:
- الاستمرار في كل الأنشطة المتعلقة بالشهداء، من القادة ومن غيرهم، كل الشهداء لهم إسهامهم العظيم، ودورهم الكبير، وهم بكلهم مدرسةٌ عظيمة.
- الاهتمام المستمر بإنتاج الوثائقيات، عن سيرتهم، وذكراهم، وتضحياتهم، ومن المهم التنوع في الإنتاج فيما يتعلق بذلك: وثائقيات، وكذلك كتابات، برامج... كل الأشكال والقوالب الفنية التي يستفاد منها في هذا الجانب.
- العناية المستمرة بروضات الشهداء، وبالزيارة لها، وهذا له أثره الكبير على المستوى الوجداني، فنحن مثلما نتأثر عندما نتابع فيما يتعلق بالمنتجات من الوثائقيات وغيرها، التي تحكي لنا عنهم، وعن سيَّرهم، وعن أخلاقهم، وعن صبرهم، وعن ما كانوا عليه روحية إيمانية، وعن عطائهم... وغير ذلك، أيضاً نتأثر عندما نزور روضات الشهداء.
- أيضاً الاستمرار فيما يتعلق بإبراز دورهم، من خلال تسمية شوارع مهمة، أحياء مهمة، مؤسسات، مراكز... وغير ذلك، بأسمائهم، هذا له أهمية أيضاً في لفت النظر والتذكير بهم؛ وبالتالي بما يحملونه من قيم وروحية، وما قدَّموه من إسهامٍ عظيم فيما يتعلق بحرِّيَّة هذا الشعب وكرامته، ودفع الأعداء عنه.
شعبنا العزيز بما قدَّمه من شهداء ينعم الآن بالحُرِّيَّة الحقيقية، في مقابل ما خسره الآخرون، شعبنا قدَّم عشرات الآلاف من الشهداء، والآخرون خسروا عشرات الآلاف ممن قدموهم قرباناً للأمريكي والإسرائيلي، واسترضاءً لأمريكا وإسرائيل؛ أمَّا نحن فشعبنا قدَّم شهداءه في سبيل الله تعالى، قرباناً إلى الله "جَلَّ شَأنُهُ"؛ ولـذلك شعبنا ينعم بالحُرِّيَّة، الحُرِّيَّة الحقيقية، وعلى أساسٍ من هويته الإيمانية، وهذه نعمة عظيمة جداً، نعمةٌ كبيرة، من أعظم نعم الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أن نكون أحراراً، لا نخضع إلا لله "جَلَّ شَأنُهُ"، أحراراً لا نُعَبِّد أنفسنا للطاغوت؛ ولـذلك في إطار هذه الحُرِّيَّة الحقيقية تمكَّن شعبنا العزيز من أن يتحرك في إسناد الشعب الفلسطيني ومجاهديه، في معركة (الفتح الموعود والجهاد المقدس)، في إسناد الشعب الفلسطيني ومجاهديه في معركة (طوفان الأقصى)، إسناداً تميَّز به عن كل البلدان، تحرَّك رسمياً وشعبياً بفاعليةٍ عالية، وسقفٍ عالٍ، وزخمٍ هائل، واستمرارٍ وثبات، بالرغم من كل الضغوط، والحملات، والعدوان، والحصار.
وهذا ما تحتاج إليه أُمَّتنا بكلها: تحتاج إلى الحُرِّيَّة، هذا شيءٌ أساسيٌ، بالنظر إلى هويتها، وانتمائها، ومسؤوليتها، نحن أُمَّةٌ ننتمي للإسلام، المبدأ الذي يقوم عليه الإسلام بكله هو: مبدأ تُعبِّر عنه الشهادة بأنه (لا إله إلا الله)، وألَّا نُعبِّد أنفسنا إلا لله، وأن نتحرر من العبودية لكل الطواغيت؛ ولـذلك هذه المسألة ذات أهمية كبيرة فيما يتعلَّق بانتمائنا الديني، وكل حالة خضوع للأعداء، للطاغوت والاستكبار، هي انتقاص وارتداد وتراجع في هذا المبدأ الأول من المبادئ الإسلامية والدينية، وهي على حسابه، حالة الخضوع لأمريكا، والطاعة لأمريكا ولإسرائيل، هي تعبيدٌ للنفس لهم، وانتقاصٌ على حساب هذا الانتماء؛ ولـذلك المسألة خطيرة جداً، تمسّ بالمبادئ، وبالثوابت الدينية، والأسس الدينية.
وأُمَّتنا أيضاً بحاجةٍ إلى الحُرِّيَّة، وإلى الخلاص من هيمنة أعدائها، بالنظر إلى مستوى التحديات والمخاطر التي تهددها من جانبهم؛ لأن الخنوع لهم لا يمثِّل حلاً لأُمَّتنا، ولا يدرأ المخاطر عنها، بل يساعد الأعداء إلى أن يتمكَّنوا أكثر وأكثر من نجاح مؤامراتهم، ومخططاتهم، ومشاريعهم، وأجندتهم التي هي تدميرية وعدوانية ضد أُمَّتنا، فأُمَّتنا بحاجة إلى أن تتحرر، وأن تستشعر مسؤوليتها، وأن تخرج من حالة الجمود.
أعداؤنا حاقدون، أعداؤنا كأُمَّة مسلمة (أمريكا، وإسرائيل، والصهيونية، واليهود) حاقدون، يحملون الحقد الشديد جداً ضد أُمَّتنا، وعبَّرت جرائمهم الرهيبة جداً في غزَّة على مدى حقدهم، كيف كانوا يتعاملون مع الشعب الفلسطيني في غزَّة؟ عدوانية شديدة جداً تُعبِّر عن منتهى الحقد، وطامعون أيضاً، هم طامعون في هذه الأوطان، وفي ثرواتها، وفي موقعها الجغرافي، ومتوحشون ومجرمون، فعلاً لا يعطون أي اعتبار لا لحقوق إنسان، ولا لقيم، ولا لأخلاق، ولا لقوانين... ولا لأي شيء، يرتكبون أبشع، وأفظع، وأسوأ، وأقسى الجرائم، حتى بحق الأطفال، وبحق النساء، وبحق الطاعنين في السن، والتفاصيل كثيرة عن أنواع الجرائم التي ارتكبوها في قطاع غزَّة:
- يرسلون الكلاب البوليسية على العجائز (الطاعنات في السن)، وَهُنَّ في حالة المرض؛ لينهشوا لحمهن وَهُنَّ على قيد الحياة، وعلى الرجال أيضاً الطاعنين في السن من المرضى والمقعدين أيضاً؛ ليفعلوا ذلك.
- يغتصبون، يرتكبون جرائم الاغتصاب، دون أي حياء، ودون أي وازع أخلاقي، أو إنساني، أو قانوني... أو غير ذلك.
- يرتكبون جرائم القتل بدمٍ بارد، يقتلون الأطفال، كانوا يقتلون بعض الأطفال بالرصاص الحي، ويتعمدونهم بالقتل بدمٍ بارد؛ أمَّا ما أبادوه بالقنابل الفتَّاكة، التي هي لتدمير المنشآت الخرسانية، واستخدموها على النازحين في خيمهم القماشية، والقنابل الحارقة... وغير ذلك.
- جرائم التجويع...
كل أصناف الجرائم، العالم سمع على مدى خمسة عشر شهراً بأنواع كثيرة من أبشع، وأفظع، وأقسى، وأسوأ الجرائم، فهم مجرمون.
ولـذلك ما يمكن أن يتوقفوا عنه في مؤامراتهم على أُمَّتنا، وفي حقدهم عليها، هو فقط ما يعجزون عن فعله؛ أمَّا ما يمكنهم أن يفعلوه، فلن يترددوا من فعله، ليس هناك لا جانب إنساني، ولا أخلاقي، ولا قيمي، ولا قانوني، ولا لاعتبار لمنظمات أو غيرها يمكن أن يتورَّعوا عن فعل شيءٍ يقدرون على فعله من مؤامراتهم ضد أُمَّتنا، لكن عندما يكون هناك عائق، عندما يكون هناك ما يصل بهم إلى العجز عن تنفيذه؛ فهم يتركون ما يتركونه لعجزهم عن ذلك.
الإسرائيلي والأمريكي معاً، أرادا بعدوانهم الوحشي الإجرامي على قطاع غزَّة:
- إنهاء المقاومة.
- والقضاء على المجاهدين.
- وتهجير أهل غزَّة.
وكان هذا شيء واضح، وفي مقدِّمة مشروعهم، المشروع القديم الذي ليس بجديد؛ وإنما يتحرَّكون فيه وفق مراحل؛ ولـذلك لا يزال [ترامب] حتى الآن يردد ويكرر الكلام عن تهجير أهالي غزَّة إلى الأردن وإلى مصر، هذا هدفهم، هدفهم: الإبادة، والسيطرة التامة، والتهجير الكامل للشعب الفلسطيني من قطاع غزَّة؛ وإنما أعاق ذلك ويعيق ذلك صمود الشعب الفلسطيني، الصمود العظيم الأسطوري للشعب الفلسطيني، ولمجاهديه، ولشهدائه؛ ولذلك لو أتيح لهم أن يتحقق هذا الهدف، ولم يصمد الشعب الفلسطيني هذا الصمود العظيم؛ لكانوا فعلوا ذلك، وانتقلوا إلى الخطوات التالية، لديهم أهداف واضحة كأعداء، وهم يسعون بجدٍّ لتنفيذها:
- على مستوى فلسطين، ومعروف ما يريدونه في فلسطين:
- في مقدِّمة ما يستهدفونه في فلسطين: المسجد الأقصى والقدس، وهذه مسألة واضحة، موقفهم في هذه المسألة موقف عقائدي، وهو أيضاً بالنسبة لهم هدفاً أساسي، يتمسَّكون به، ويسعون إلى تحقيقه.
- هدفهم أيضاً استقطاع الضفة الغربية بشكل نهائي، وما يفعلونه في هذه المرحلة في الضفة الغربية من عدوان، يحاولون أن يعوِّضوا به ما خسروه في غزَّة، وما سقط عليهم في غزَّة من: الغرور، والطغيان، والكبر، فيحاولون أن يعوِّضوا ذلك بالاستعراض الإجرامي، الذي ينفِّذونه في الضفة، لكن لهم أيضاً هدف: استقطاع الضفة بشكلٍ كامل.
- واستقطاع غزَّة بشكلٍ كامل.
- وتهجير الشعب الفلسطيني.
- والمصادرة لكل فلسطين، وتصفية القضية الفلسطينية بكلها: على مستوى المقدَّسات، على مستوى الشعب الفلسطيني، والتهجير للشعب الفلسطيني، وأيضاً المنع لعودة اللاجئين الفلسطينيين من خارج فلسطين، وتوطينهم حيث هم، في البلدان التي هم لاجئون فيها.
- ثم على مستوى المشروع الصهيوني الذي يحمل عنوان [إسرائيل الكبرى]:
ولـذلك لا يزال العدو يماطل في تنفيذ الاتِّفاق في لبنان، وهو مستمرٌ في ممارساته العدوانية هناك:
- التدمير المستمر للمنازل، والنسف لها.
- وتجريف الأراضي الزراعية، وقلع أشجار الزيتون المعمِّرة.
- وكذلك الاستهداف للأهالي، وتنفيذ غارات عدوانية.
ثم أيضاً هو يؤكِّد على أنَّه سيستمر في احتلاله لما احتله في سوريا، ويسعى باستمرار إلى تثبيت تواجده هناك.
وأطماع العدو واضحة، كلما تهيَّأت لها الظروف، أو رأى المجال مفتوحاً أمامه؛ لن يتردد في الإقدام على أيِّ خطوة عدوانية، من احتلال ومصادرة للأرض والأوطان، من قتل لأبناء هذه الأُمَّة، من ارتكاب أبشع الجرائم، وتنفيذ مختلف المؤامرات المتنوعة التي يستهدف بها أُمَّتنا؛ ولذلك العائق الحقيقي للعدو تجاه كل مؤامراته بأنواعها، ومساراته العدوانية المتعددة، العائق هو: التصدي له، بالجهاد في سبيل الله تعالى، وبالمقاومة.
دور المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها، وفي مقدِّمتها: كتائب القسَّام، وحركة المقاومة الإسلامية حماس، ومعها سرايا القدس، ومعها الجهاد الإسلامي... وبقية الفصائل في أذرعها العسكرية، وعلى المستوى السياسي والعام، دورها الآن أنها في الخندق الأول، تحمي هذه الأُمَّة، معركتها هي معركة كل الأُمَّة.
العدو الإسرائيلي لو نجح خلال معركة (طوفان الأقصى) في التخلُّص من المقاومة الفلسطينية، وما قبل ذلك في المراحل الماضية؛ لكان قد اتَّجه إلى البلدان المجاورة بدون تردد، هل كان سيحترم الاتِّفاقيات السابقة مع الأردن، أو مع مصر، أو مع لبنان؟! لم يكن ليحترم أي شيءٍ من ذلك، وواضحٌ ما يفعله في سوريا، لا يحترم أي اتِّفاقيات، هو يعمل على صناعة فرص، ويستثمر الفرص عندما تتوفر لتحقيق أهدافه، وهي كما قلنا: أهداف عدوانية، يسعى لتنفيذ مشروعه الصهيوني، فالمقاومة الفلسطينية والإخوة المجاهدون في فلسطين لهم الدور الأول، وكذلك حزب الله في لبنان، والمقاومة في لبنان، الدور الأول في حماية الأُمَّة كل الأُمَّة، من خطرٍ يستهدفها، ما يستهدفها بالاحتلال المباشر لرقعة جغرافية واسعة، في إطار المشروع الصهيوني [إسرائيل الكبرى]، وما يستهدف بقيتها بالإخضاع والسيطرة عليها، فهو عدوٌ يتَّجه- كما قلنا- يتَّجه بمشروع عدواني ضد هذه الأُمَّة، والعائق أمامه هي المقاومة.
المقاومة ليست فقط عائقاً للعدو الإسرائيلي، وعاملاً أساسياً في أنَّه لم يصل بكل شرِّه في البلدان؛ لأنه انشغل بهذه المقاومة، انشغل بهؤلاء المجاهدين؛ وإنما أيضاً أثبتت فيما كانت عليه من ثبات، وما أمدَّها الله به من عونٍ ونصر، أنَّها في مستوى أن تلحق به الهزيمة، وتحقق الانتصار للأمة، لو قامت الأُمَّة بما عليها من مسؤوليةٍ أمام الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، في الوقوف مع هذه المقاومة، ودعمها، واحتضانها، ونصرتها.
المقاومة، بالرغم من الإمكانات الصعبة، والخذلان من معظم الأنظمة، وكان الموقف الرسمي الداعم لها بحقٍّ وجدّ، هو حالات استثنائية في الأنظمة العربية والإسلامية: الجمهورية الإسلامية في إيران لها دورٌ بارز وواضح، يعترف به العدو والصديق، في إسناد المجاهدين في فلسطين والمجاهدين في لبنان، دعمهم، إعانتهم بكل أنواع الدعم، وبقية الأنظمة حالات نادرة، بلدنا برز رسمياً وشعبياً بكل ما يستطيع في هذا السياق.
التعاطف الشعبي معلوم في كل العالم العربي والإسلامي، لكن هذا التعاطف لا يكفي لوحده، عندما لا يترجم إلى مواقف عملية، وإلى دعمٍ حقيقيٍ، وإسنادٍ حقيقي، وهذا هو الشيء الغائب في واقع الأُمَّة: أنَّ الكثير من الأنظمة الرسمية لم يتحرك بِجِدِّيَّة لتقديم الدعم الحقيقي، لا على المستوى السياسي، ولا على المستوى المادي، ولا على المستوى العسكري... ولا بأي مستوى، مواقف شكلية في أغلبها، عبارة عن قمم تُصدر بيانات لا أكثر، دون أي جهد عملي، أو دعم حقيقي.
فالمقاومة والمجاهدون في فلسطين ولبنان، هم بالمستوى الذي يمكن أن يحقق للأمة كل الأُمَّة الانتصار الكامل والتاريخي على العدو الإسرائيلي، لو وقفت هذه الأُمَّة معهم الوقفة الصادقة، العملية، الجادَّة، وقدَّمت لهم الدعم، بمثل ما تقدِّمه أمريكا والغرب للعدو الإسرائيلي: الدعم بالسلاح، الدعم بالمال، الدعم بالموقف السياسي، والموقف الاقتصادي... الدعم بكل أشكاله وأنواعه؛ ولـذلك هناك مسؤولية حقيقية على هذه الأُمَّة، وتبقى هذه المسؤولية قائمة، تنصُّل الأنظمة الرسمية عنها؛ يُحَمِّلها الوزر والذنب الكبير أمام الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"؛ أمَّا وزر المتواطئين مع العدو الإسرائيلي، والداعمين له، والداعمين للأمريكي؛ لأن الدعم للأمريكي هو دعمٌ للإسرائيلي بالواسطة، كل دعمٍ لأمريكا؛ تستفيد منه إسرائيل، عندما تقدَّم مئات المليارات من ثروات هذه الشعوب للأمريكي، هو يقدِّم منها أيضاً مئات المليارات، يقدِّم من خلالها السلاح، القنابل التي تقتل الشعب الفلسطيني، يتحرَّك من خلالها لاستهداف الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني، والمجاهدين في فلسطين وفي لبنان، فالمسؤولية كبيرةٌ على هذه الأُمَّة.
النجاح الذي تحقق لإخوتنا المجاهدين في فلسطين، ويقابله الفشل المطلق للإسرائيلي، والإسرائيليون يعترفون بأنهم فشلوا فشلاً كبيراً في قطاع غزَّة، وما تحقق من نجاح هو بالرغم من حجم الخذلان من معظم الأُمَّة، وتواطؤ البعض من الأنظمة والقوى؛ ولـذلك فالمشهد ولا يزال في مسار تنفيذ الاتِّفاق، وظهور المجاهدين، وإدارة عمليات التبادل للأسرى، وخروج الأسرى الفلسطينيين معززين مكرَّمين، رافعين لرؤوسهم، هو مشهد للفشل التام للعدو الإسرائيلي، ومعه الأمريكي، فشلٌ مشترك، كلاهما تعاونا في العدوان على غزَّة، وهو شاهد على جدارة هذه المقاومة، بالوقوف معها، والتأييد لها، والمساندة لها؛ لأنها جديرة بأن يحقق الله على يديها الانتصار الكبير للأمة؛ إنما التقصير من الأُمَّة، من معظم الأنظمة ومن معظم الشعوب، في أن يقفوا الوقفة الجادَّة معها.
مشهدٌ واضح في قطاع غزَّة، يسوء العدو الإسرائيلي، وفعلاً كل هذه الأيام، كلما ظهر المجرم [نتنياهو] في كلمات له، أو في أي مناسبات له، يظهر والاستياء بادٍ على وجهه، الإعلام الإسرائيلي يوبِّخه، السياسيون يوبِّخونه، الكل يوبِّخه في إسرائيل، الكل يشهد على فشله، وهو فشلٌ لهم جميعاً، لكيانهم المجرم، فشلٌ لهم جميعاً، وفشلٌ واضح، وأصبح يسمونه هم بـ [الفشل المطلق]، مقابل ما كان يقول عنه المجرم [نتنياهو] بـ [النصر المطلق]، وما كان يردده المجرم [نتنياهو] عن تغيير ملامح الشرق الأوسط، وفعلاً كان يطمح إلى ذلك، ولكن أين كان المصدُّ الأول، والعائق الأول، والمترس الأول للأمة الإسلامية بكلها؟! كان هم المجاهدون في قطاع غزَّة، ومعهم المجاهدون في لبنان.
العدو الإسرائيلي لو تخلص من المجاهدين في قطاع غزَّة، وتمكَّن من تحقيق أهدافه في تهجير الشعب الفلسطيني من غزَّة؛ لتَّجه فعلاً إلى تغييرات كبيرة، لكن في مقابل ما كان يقول عنه المجرم [نتنياهو]: [تغيير ملامح الشرق الأوسط]، يرى ما يجري في قطاع غزَّة في داخل فلسطين، وهي ملامح أخرى، مشاهد أخرى، مشاهد انتصار للشعب الفلسطيني ومجاهديه، ومشاهد فشل مطلق وتام له، يخزيه، ويُبيِّن أنَّه لم يستفد من كل ذلك الإجرام الفظيع، الذي صفَّق له عليه الكونغرس الأمريكي عشرات المرات من وقوف، لم ينفعه بشيء، كل ذلك الإجرام الفظيع جداً لم يحقق له النتائج؛ ولـذلك هو يحاول أن يعوِّض ذلك بالاعتداءات والجرائم في الضفة الغربية، وهناك مسؤولية على الأُمَّة، لمناصرة الشعب الفلسطيني تجاه ما يقوم به العدو الإسرائيلي من اعتداءات في الضفة، ومسؤولية على السلطة الفلسطينية؛ لأنها بدأت هي في الضفة الغربية، وبالذات تجاه مخيم جنين ومدينة جنين، بالاعتداءات التي مهَّدت للعدو الإسرائيلي الكثير من الجرائم.
نحن من جانبنا نأمل أن يتم استكمال تنفيذ الاتِّفاق في غزَّة وفي لبنان أيضاً، في لبنان يحاول العدو الإسرائيلي أن يماطل، ونحن في هذا المقام نُشِيد بإعزازٍ وإكبارٍ وإجلال ما قام به أبناء الشعب اللبناني في جنوب لبنان، من تحرّكٍ عظيمٍ ومقاوم لاستعادة قراهم، واستعادوا عدداً مهماً من القرى والبلدات، وقدَّموا التضحيات الكبيرة، تحرَّكوا رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، بروحيةٍ جهاديةٍ متفانية ضد العدو الإسرائيلي، قدَّموا أنفسهم، وقدَّموا التضحيات وهم يطردونه من تلك القرى والبلدات، في تمسكهم بالحقِّ الواضح، بالقضية المُحِقَّة والعادلة؛ ولـذلك يجب على الأُمَّة أيضاً أن تقف معهم، ونحن على استعدادٍ وجهوزية في حال نكث العدو بالاتِّفاق، وعاد إلى التصعيد (في غزَّة، أو في لبنان)، نحن مستعدون أيضاً أن نعود إلى التصعيد ضد العدو الإسرائيلي، ومستعدون للتحرك الفوري في العمليات بإذن الله تعالى.
مسارنا، مع مراقبة تنفيذ الاتِّفاق والمتابعة، هو البناء، وهو الاستعداد، كما قال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال:60]، مسارنا هو العمل الدؤوب، والبناء المستمر؛ لأن هذا هو المطلوب، وهو الذي يرتقي بالأُمَّة أساساً إلى أن تكون في مستوى التصدي للأعداء، ومواجهة التحديات والمخاطر، بل ويصل بها إلى المستوى المتقدِّم، في التصدي للأعداء بفاعلية، وأن يحقق الله لها الانتصارات؛ أمَّا مع التخاذل، أمَّا مع الانصراف عن المسؤولية في الإعداد والاستعداد؛ فـذلك له تأثيراته السلبية.
نحن رأينا ثمرة البناء المستمر والعمل الدؤوب في غزَّة، وفي لبنان من خلال المقاومة، ومن خلال حاضنتها الشعبية المضحية؛ ولـذلك ندرك أهمية هذا الأمر بالنسبة لنا، وبالنسبة لكل أُمَّتنا.