الصفحة الرئيسية
بحث :
محلي
عربي دولي
اقتصاد
رياضة
آخر تحديث: الإثنين، 02 شوال 1446هـ الموافق 31 مارس 2025 الساعة 06:55:42 م
وزير الدفاع: لدينا من القدرات والمفاجآت الكبيرة والواسعة بشأن الصناعة العسكرية والإنتاج الحربي ما يذهل العدو ويريح الصديق وزير الدفاع: لدينا من القدرات والمفاجآت الكبيرة والواسعة بشأن الصناعة العسكرية والإنتاج الحربي ما يذهل العدو ويريح الصديق
أكد وزير الدفاع والإنتاج الحربي اللواء الركن محمد ناصر العاطفي أن موقف اليمن الداعم والمساند للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، سيظل ثابتاً ينطلق من مبادئ وقيم إيمانية وإنسانية وأخلاقية راسخة لا تتزعزع ولا تتبدل مهما تكالبت التحديات على اليمن وانهالت عليه التهديدات.
"حماس" تدعو "كل من يستطيع حمل السلاح" إلى التحرك ردا على خطة ترامب
دعا القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، سامي أبو زهري، اليوم الاثنين “كلّ من يستطيع حمل السلاح في كلّ مكان في العالم الى أن يتحرك” ضد خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.
العراق يحقق لأول مرة فائضا في إنتاج الحنطة بأكثر من 6 ملايين طن العراق يحقق لأول مرة فائضا في إنتاج الحنطة بأكثر من 6 ملايين طن
أعلنت وزارة الزراعة العراقية، اليوم الاثنين، تحقيق فائض لأول مرة في إنتاج الحنطة بستة ملايين و400 ألف طن، مشيرة إلى أن العراق يصدر 13 محصولا لبلدان مختلفة.
برشلونة يفوز على جيرونا برباعية ويستعيد صدارة الدوري الإسباني برشلونة يفوز على جيرونا برباعية ويستعيد صدارة الدوري الإسباني
استعاد فريق برشلونة صدارة ترتيب الدوري الإسباني لكرة القدم بعدما حقق انتصارًا كبيرًا على جيرونا بنتيجة 4-1 في المواجهة التي جمعتهما ضمن الجولة 29.
اخر الاخبار:
اخر الاخبار تفقد أحوال المرابطين في النقاط الأمنية بالبيضاء
اخر الاخبار غزة.. 35 شهيدا في تصعيد للعدو الاسرائيلي دامٍ خلال ثاني أيام عيد الفطر
اخر الاخبار المقاومة الفلسطينية تفجر دبابة صهيونية وتقصف الخط الفاصل شرقي خانيونس
اخر الاخبار "حماس": تهجير سكان رفح "تطهير عرقي" وانتهاك للقانون الدولي
فارسي
اسباني
الماني
فرنسي
انجليزي
روابط rss
  قائد الثورة
 نص المحاضرة الرمضانية الـ25 للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي 1446هـ
نص المحاضرة الرمضانية الـ25 للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي 1446هـ

نص المحاضرة الرمضانية الـ25 للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي 1446هـ

صنعاء - سبأ :
نص المحاضرة الرمضانية الـ 25 لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، 28 رمضان 1446هـ 28 مارس 2025م:

 أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

بدايةً نشيد بالحضور الشعبي الواسع جدًّا، في بلدنا يمن الإيمان والحكمة، في مناسبة (يوم القدس العالمي)، حيث كانت المسيرات والمظاهرات حاشدةً جدًّا في العاصمة صنعاء، في ميدان السبعين، وأيضاً في ساحة النساء، في الإحياء النسائي، وكذلك الحضور الواسع جدًّا في بقية المحافظات.

أَسْألُ اللَّهَ "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أَنْ يَكْتُبَ أَجْرَكُمْ، وَأَنْ يَتَقَبَّل مِنْكُم، وَأَنْ يُبَيِّضَ وُجُوهَكُم يُوْمَ تَبْيَضُ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُ وُجُوه، وَأَنْ يَكْتُبَ لَكُمْ هَذَا الحُضُور المُبَارَك مِنْ جِهَادِكُمْ، وَمِنْ أَعْمَالِكُم الصَّالِحَة، وَمِنْ قُرَبِكُم الَّتِي تَقَرَّبْتُمْ بِهَا إِلَى اللَّه فِي هَذَا الشَّهْرِ المُبَارَك.

من نعمة الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" هو هذا التفاعل الشعبي الواسع، حضورٌ عظيم في إطار موقف، وحضور مُستَمِرّ، في كل المناسبات الماضية كان شعبنا ولا يزال يتصدر الساحة العربية بكلها، والشعوب العربية بأجمعها، في مدى تفاعله، وإحيائه لهذه المناسبة المهمة، التي تُعَبِّر عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، وعن التَّمَسُك بالقضية العادلة، التي عنوانها: مُقَدَّسَات هذه الأمة، القدس والمسجد الأقصى عنوان للقضية المهمة، والقضية المركزية للأمة، في مواجهة ألدِّ أعدائها، الصهاينة اليهود (إسرائيل)، وأعوانهم وشركائهم من الغرب.

الاجتماع الكبير والحاشد في صنعاء، والحضور الحافل الشعبي في ميدان السبعين، كان فيه أيضاً:

- البث لكلمةٍ مسجلة للشهيد العزيز/ أبو حمزة "رَحْمَةُ اللَّهِ تَغْشَاه"، الناطق العسكري باسم (سرايا القدس)، وهو من فرسان غَزَّة، ومن المجاهدين في غَزَّة، وكانت كلمةً مُعَبِّرةً، سَجَّلَها ما قبل استشهاده بساعات "رَحْمَةُ اللَّهِ تَغْشَاه"، واستمع لها الجماهير بإصغاء.

- كان هناك أيضاً مشاركات لبعض الضيوف، الذين وفدوا في إطار المؤتمر الدولي الثالث (فلسطين القضية المركزية للأمة)، شاركوا فيها وَعَبَّروا عن إعجابهم، واندهاشهم، وتفاعلهم، مع هذا الحضور الشعبي، مع الموقف اليمني، الموقف الذي هو متميِّزٌ على مستوى بقية الشعوب والبلدان.

هذا الحضور الكبير لشعبنا العزيز، هو في إطار استمرار من شعبنا العزيز في موقفه الشامل، وتحرُّكه الكامل، لنصرة الشعب الفلسطيني، والتضامن معه، والتَّمَسُّك بالقضية العادلة، القضية المهمة، التي هي في إطار مسؤولية الأمة جميعاً، وليست تَخُصُّ شعباً أو فئة؛ ولـذلك فشعبنا العزيز، الذي هو ينطلق من منطلقٍ إيماني، يتحرَّك جهاداً في سبيل الله تعالى، في موقفٍ متكامل، فيه العمليات العسكرية التي هي مُستَمِرّةٌ أيضاً، وفيه التَّحَرُّك السياسي والإعلامي... وموقفٌ هو رسميٌ وشعبي، موقفٌ متكامل.

هذه من نعمة الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ومن توفيقه الكبير لشعبنا العزيز؛ لأن المسألة- كما قلنا- هي مرتبطة بالمسؤولية الدينية أمام الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ويترتب عليها النتائج المهمة في الدنيا وفي الآخرة؛ ولـذلك عندما نَتَحَرَّك في إطار هذا الاهتمام، هذا الحضور، هذه الأنشطة، هذه الأعمال المتنوعة في موقفنا: من إنفاقٍ في سبيل الله، من تَحَرُّكٍ بالنفس، من تَحَرُّكٍ عسكريٍ، وسياسيٍ، وإعلاميٍ... وفي كل المجالات، نحن نُؤَدِّي واجبنا الديني ونَتَحَرَّك جهاداً في سبيل الله تعالى، وقدَّم شعبنا العزيز نموذجاً لبقية الشعوب العربية في المُقَدِّمَة، وشعوب بلدان العالم، عن مستوى التَّحَرُّك الواسع، الاستجابة الكبيرة، الثبات على الموقف، الاستمرار في الموقف، عدم الرضوخ للتهديدات، ولا حتى لما هو أكثر من التهديدات: للعدوان المباشر من العدو الأمريكي، وعدم الرضوخ للضغوط الاقتصادية، والحصار الاقتصادي... ولكل الوسائل التي يحاول الأعداء بها ثني شعبنا عن موقفه، والضغط عليه للتراجع عن توجهه الإيماني والجهادي.

في حركة شعبنا، وفي مسيرته- كما قلنا- هي نعمةٌ من الله، مثل هذه الأمور تحتاج إلى توفيق الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وشعبنا قد قطع شوطاً كبيراً في جهاده، حتى وصل إلى هذا المستوى في الموقف المتكامل، وهذا ما لا تزال كثيرٌ من الشعوب بعيدةٌ عنه، في كثيرٍ منها لم يصلوا بعد إلى مستوى أن يُعَبِّروا بالكلمة، بالكلام نفسه، وشعبنا قد وصل- بتوفيق الله- إلى مستوى الموقف الكامل، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[المائدة:54].

شعبنا في هذا التَّوَجُّه، وفي هذا الموقف، هو في الإطار الذي حظى فيه برضوان الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، برحمة الله، بعون الله، بنصر الله؛ لأنَّه في مقام الاستجابة لله، وأيضاً في مقام الشرف، والعِزَّة الإيمانية، والسلامة من الخزي، السلامة من الخزي، السلامة من الذُّلّ، السلامة من غضب الله وسخطه، فيكون في حال تفريط في أداء هذه المسؤولية، التي خاطبنا الله عنها بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}[آل عمران:102]؛ لأن الحالة البديلة هي حالة الارتداد، التَّنَكُّر لتعليمات الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".

في هذا الحضور المهم، هناك رسالة مهمة للأعداء، للأمريكيين في المُقَدِّمَة، في إطار عدوانهم الذي يَشُنُّونَهُ على بلدنا: أن الموقف لشعبنا هو موقفٌ عامٌ، يُعَبِّر عن إرادة هذا الشعب، وأنه ليس محصوراً على فئة، أو جهة مُعَيَّنة، أو على الجهات الرسمية، أو على القوات المسلحة؛ هـذا هو موقف شعبنا العزيز، بهذا الحضور، بهذه القُوَّة، بهذا الثبات، وهذه رسالةٌ مهمة؛ لأن الأمريكي بعدما قام به من الاعتداءات والغارات، هو يحاول أن يقيس مستوى تأثير عدوانه:

- هل سَيَكْسِر من إرادة شعبنا؟

- هل سَيُحَطِّم الروح المعنوية لشعبنا؟

- هل سيؤثِّر مع حملات الإرجاف والتهويل، التي تصاحب عدوانه من أبواقه من المنافقين، هل سيؤثِّر على مدى التفاعل الشعبي والحضور والثقة؟

فهو عندما يشاهد هذه المشاهد العظيمة في هذا اليوم، يرى أنه فاشل بكل ما تعنيه الكلمة، وأنه لم يؤثِّر على موقف شعبنا.

حُرِّيَّة شعبنا أغاظت العدو الأمريكي، أغاظته جدًّا، هو بعدوانه يحاول أن يُخْضِع شعبنا؛ ليكون حاله كحال بقية الشعوب التي خضعت؛ بسبب أنظمتها الرسمية، وخنعت، واستسلمت، وخضعت للإملاءات الأمريكية، والتوجيهات الأمريكية؛ هو يزعجه أن يرى شعباً مُتَحَرِّراً، خارجاً من بيت الطاعة، لا يخضع له، لا يخنع له، كما خنعت بقية البلدان وأنظمتها الرسمية.

الأمريكي همه أيضاً ليس فقط إخضاع المنطقة له، هو يسعى إلى إخضاع المنطقة بكلها- ما يُسمِّيه بالشرق الأوسط، منطقتنا العربية وما جاورها من البلدان- يسعى لإخضاعها للعدو الإسرائيلي؛ ليكون هو الوكيل الحصري له في المنطقة، والأداة والذراع الذي يسيطر من خلاله على هذه المنطقة، وهو يسعى إلى إزاحة أي عائق أمام العدو الإسرائيلي، أي جهة، أي قُوَّة، أي مكون له موقفٌ معادٍ للعدو الإسرائيلي، لا يقبل باحتلاله، لا يقبل بسيطرته، لا يخضع له، يحاول أن يُزِيحَه من قبل الإسرائيلي؛ حتى تَخْلو الساحة تماماً للسيطرة الإسرائيلية، فيكون فيها العدو الإسرائيلي مسيطر، متحكِّم، محتل، ينهب، مستبيح لكل شيء؛ والبقية في حالة من الخنوع، والخضوع، والاستسلام، والموالاة في نفس الوقت.

حتى عنوان التطبيع هو يريده في هذا السياق، الأمريكي حينما يسعى لتطبيع الدول العربية مع العدو الإسرائيلي، في إطار أن تكون: خانعة، خاضعة، تحت السيادة الإسرائيلية، تحت السيطرة الإسرائيلية، ويكون الإسرائيلي هو الأصل في هذه المنطقة بكلها؛ بل وأن تكون مُتَقَبِّلَةً، هي وكل الدول والكيانات والقوى في هذه المنطقة، أن تكون مُتَقَبِّلَةً لمعادلة الغبن والذُّلِّ والهوان، معادلة الاستباحة للدم، والعرض، والمال، والأرض، والثروة؛ لتكـون هذه الشعوب بما تملك مباحةً للعدو الإسرائيلي؛ يَقْتُل، يغتصب، يرتكب الجرائم، ينهب الثروة، يضع له قواعد عسكرية أينما يشاء ويريد، الاستباحة للمُقَدَّسَات أيضاً، المُقَدَّسَات هي هدف من الأهداف التي يُرَكِّز عليها الأعداء.

الأمريكي في جولته التصعيدية في العدوان على بلدنا، ماذا يسعى له؟ ولماذا أتت في هذا التوقيت؟

الأمريكي هو يسعى بالفعل لتهيئة الأجواء، لتنفيذ مراحل جديدة من المشروع الصهيوني، المشترك بينه وبين العدو الإسرائيلي، ويحاول أن يستفرد بالشعب الفلسطيني، هذا ما يريده الأمريكي: أن يستفرد العدو الإسرائيلي- وهو معه شريك وحامٍ وداعم- بالشعب الفلسطيني، دون أن يكون هناك أي تعاون مع الشعب الفلسطيني، أو مساندة، أو تضامن، أو دعم للشعب الفلسطيني؛ ولـذلك يتحرَّك الأمريكي من جهات مُتَعَدِّدة:

 يحاول أن يضغط على كل الذين ساندوا، أو دعموا الشعب الفلسطيني؛ من أجل أن يوقف هذه المساندة وهذا الدعم، ومن أجل أن يستفرد بالشعب الفلسطيني، ويُصَفِّي هذه القضية بدون أي موقف، وهو يسعى لسياسة الضغوط القصوى:

- على الشعب الإيراني، والجمهورية الإسلامية في إيران: اقتصادياً، وسياسياً، وأيضاً يُهَدِّد عسكرياً؛ في محاولةٍ منه للضغط على الجمهورية الإسلامية للتوقف عن دعم الشعب الفلسطيني.

- يضغط في العراق على فصائل المقاومة الإسلامية؛ من أجل أن يتوقَّفوا عن الإسناد.

- ضغط بشكلٍ كبير على لبنان؛ لإيقاف الجبهة اللبنانية، بل والسعي لتغيير الوضع في لبنان، والسعي لإنهاء المقاومة في لبنان، وحزب الله في لبنان قدَّم أكبر التضحيات في الإسناد لِغَزَّة، وأسهم إسهاماً كبيراً عظيماً مُتَمِيِّزاً، وهو في وضعية ترميم وبناء، وثبات وتعافٍ.

- عمل الأمريكي، ومعه الإسرائيلي، وعبر عملائهم الآخرين، عملوا على تحويل الوضع في سوريا إلى فرصة، من تهديد إلى فرصة؛ فتحت آفاقاً لفرص مُتَعَدِّدة ومكاسب متنوعة للعدو الإسرائيلي:

o في داخل سوريا: احتلال واسع، سيطرة، تدمير للقدرات... غير ذلك.

o وأيضاً الاستفادة من الأجواء.

o والاستفادة من الجغرافيا باتجاه العراق وإيران.

o وأصبحت معادلة الاستباحة في سوريا سارية المفعول ومقبولة، يعني: أصبح هناك تسليم- كما يبدو- من الجماعات المسيطرة في سوريا، وتَقَبُّل تام، وخنوع تام للاستباحة الإسرائيلية، المجال مفتوح للإسرائيلي: يحتل، يقتل، يُدَمِّر، دون أي اعتراض، ودون أي مواجهة.

- الأمريكي- في هذا السياق نفسه- يسعى للضغط على اليمن؛ ليتوقف عن موقفه، وليكون متفرِّجاً، مثل ما بقيت المتفرجين.

واقـــع الــدول الأخـــرى في المنطقــــة:

- ما بين متخاذل في منتهى التخاذل، دون أي موقف.

- وما بين متواطئ مع العدو.

- وما بين مضغوط بهذين الوضعين؛ فيجمد نتيجةً لذلك.

في خــارج المنطقـــة، في غــير العــالم الإســـلامي:

 يسعى الأمريكي إلى الضغط على الدول التي برز لها موقف إنساني، بدافع إنساني:

- كما يفعل مع جنوب أفريقيا: طرد سفير جنوب أفريقيا من أمريكا، ويتَّجه إلى ممارسة ضغوط سياسية واقتصادية كما يبدو؛ من أجل الموقف المميَّز لجنوب أفريقيا، في التضامن الإنساني مع فلسطين.

- دول أخرى كذلك: فتح لها دفتر الحساب والمضايقة في جوانب مُتَعَدِّدة.

 يسعى أيضاً إلى إسكات الصوت الإنساني في الجامعات، والجاليات، والأوساط الشعبية، في أمريكا، وفي أوروبا، وتحت عنوان (معادات السَّامِيَّة)، الذي يحاول أن يجعل منه ذريعةً لإسكات أي صوت متضامن مع الشعب الفلسطيني، بل وتجريم أي تحرُّك أو مطالبة بإيقاف الإبادة للشعب الفلسطيني، يعني: من يطالب في أمريكا بإيقاف الإبادة للشعب الفلسطيني، والتَّوَقُّف عن قتل الأطفال والنساء في فلسطين، يُسَمُّونَه (معادٍ لِلسَّامِيَّة)، وإذا طالب بوقف التجويع للشعب الفلسطيني، يعتبرونه معادٍ للسَّاميَّة؛ يحاسبونه، ويُذِلُّونَه، ويضطهدونه، قد يسجن، قد يفصل من وظيفته، قد يُرَحَّل- إذا كان من الجاليات- قد يُرَحَّل من هناك... وهكذا، إجراءات متنوعة، وعقوبات متنوعة.

 في نفس الوقت الأمريكي يطلق يد العدو الإسرائيلي، ويدعمه، ويحميه، يتبنى عدوانه ونكثه للاتفاق، الذي كان الأمريكي ضمينٌ عليه، يتبنى كل ما يقوم به: من تجويع، ومن تعطيش، ومن إبادة جماعية، ومن قتل للأطفال والنساء.

المجرم [ترامب]، الذي قال في حملة الانتخابية: أنه قادمٌ لإنهاء الحروب، وتعزيز السلام، ونشر السلام، هو- بنفسه- من يدعم الموقف العدواني الإسرائيلي، والإبادة الجماعية، وينادي بالتهجير للشعب الفلسطيني.

في العدوان على بلدنا، يُكرر الأمريكي عنوان (الدفاع)، يقول: أنه يهاجم بلدنا دفاعاً، دفاعاً عن ماذا؟! الأمريكي الذي يأتي بأساطيله وطائراته من آخر الدنيا، إلى بحارنا، إلى منطقتنا، إلى بلداننا، ثم يرتكب ما يرتكبه مع العدو الإسرائيلي في فلسطين، ويعتدي على بلداننا؛ يُسَمِّي عدوانه، واحتلاله، وإجرامه، يُسَمِّيه بـ(الدفاع)، الدفاع عن ماذا؟!

كذلك الحال بالنسبة للإسرائيلي، يعني: بالأمس كان هناك مما يسمونه بـ[المحكمة العليا لدى الإسرائيلي] قرار: بأن ما يقوم به العدو الإسرائيلي، من تجويعٍ للشعب الفلسطيني، ومن منعٍ للغذاء عنه، أنه إجراء طبيعي وقانوني، وأنه دفاع عن النفس! منع الحليب عن الأطفال الرُّضَّع دفاع عن النفس! القتل للأطفال والنساء هو في هذا السياق! دفاع من ماذا؟! العدو الإسرائيلي هو الذي يعتدي، هو الذي يحتل، هو الذي يقتل، هو الذي يُدَمِّر، هو الذي يصادر الممتلكات، وينهب الثروات... ويعمل كل شيء، ويسمِّي نفسه مدافعاً عن النفس! خداع، من أسلوبهم المخادع، والمكشوف في نفس الوقت.

الأمريكي، بعد فشله على مدى المرحلة الماضية، في جولة (طوفان الأقصى) خمسة عشر شهراً، هو فشل في منع بلدنا عن المواصلة والاستمرار في إسناد فلسطين والشعب الفلسطيني ومجاهديه: فشل في إنهاء الموقف، فشل أيضاً في القضاء على القدرات والإمكانات، فشلاً واضحاً؛ هـو يعود من جديد إلى هذه العمليات التصعيدية، ويستهدف فيها الأعيان المدنية، هو يقول: أنه يريد أن يستهدف القدرات العسكرية، ثم هو في نفس الوقت:

- يضرب منازل للمواطنين: حتى في (العاصمة صنعاء) في أحياء سكنية.

- يستهدف الأغنام: استهدف الأغنام (في الجوف، وفي صعدة)، وقَتَل المئات من الأغنام والمواشي.

- يستهدف مصانع التجار: كما حصل في (الحديدة).

يستهدف ما هو أعيان مدنية واضحة ومتنوعة، ويقول: أنه يريد أن يُدَمِّر القدرات العسكرية؛ أي تدمير هذا للقدرات العسكرية!

الأمـــريـكي فاشـــــل، وعدوانـــه لم يؤثِّــر، ولن يؤثِّــر أبـــداً بـإذن الله تعــالى:

- لا على العمليات العسكرية، سواءً في البحار، أو في الإسناد للشعب الفلسطيني، بالاستهداف للعدو الإسرائيلي إلى عمق فلسطين المحتلة.

- ولا على الموقف والقرار.

العمليات البحرية هي عمليات ناجحة، وحقَّقت النجاح الكامل بفضل الله تعالى؛ ولـذلك هناك تَوَقُّفٌ تامٌ من قِبَل العدو الإسرائيلي في الملاحة عبر (البحر الأحمر، وخليج عدن، والبحر العربي، وباب المندب)، هذا المسار تم إيقاف الملاحة على العدو الإسرائيلي فيه بشكلٍ كامل، وهذا انتصار، هذا انتصارٌ عظيم؛ ولـذلك حينما لا يُعْلَن عن استهداف سفن، أو ضرب سفن، لماذا؟ لأن العدو الإسرائيلي تَوَقَّف تماماً، يئس، وصل إلى مرحلة اليأس، وتوقَّف تماماً عن التَّحَرُّك في هذا المسار، فكل السفن التي يملكها العدو الإسرائيلي والمرتبطة به متوقِّفة عن الحركة في هذا المسار، وهناك نجاح تام في هذا المسار والحمد لله ربِّ العالمين، هذا إنجاز مهم وانتصار، والوضع يختلف، الآخرون يهتمون بتقديم ما يمكن أن يُقَدِّموه للعدو الإسرائيلي، حتى دول عربية وإسلامية، مما هو مثل الجسر البري... أو غيره، هناك حركات أخرى.

العمليات إلى عمق فلسطين مُستَمِرّة ضد العدو الإسرائيلي، ولم يتمكَّن الأمريكي من منعها، ولا من إيقافها، وهذا فشل للأمريكي، يعني: هو فاشلٌ في منع العمليات البحرية، وفاشلٌ في منع العمليات إلى عمق فلسطين المحتلة.

استمرار هذه العمليات هو انتصار لشعبنا، وفشل للأمريكي فشلٌ واضح بفضل الله؛ ولـذلك هناك تَذَمُّر إسرائيلي من الفشل الأمريكي، الإسرائيليون حينما تصل الصواريخ، ويهرع الملايين إلى الملاجئ في مختلف الأوقات، هم يتضايقون جدًّا: لماذا لا ينجح الأمريكي في إيقاف هذه العمليات، ومنع هذه العمليات؟!

وهـذه العمليــات هي ناجحــة، مُستَمِـرّة، ومُؤَثِّــرة، مُؤَثِّـرة:

- العمليات في البحر مُؤَثِّرة على العدو الإسرائيلي، وبإمكان الإنسان أن يَطَّلِع على ما يقوله الإسرائيليون أنفسهم، وعن الأرقام لخسائرهم الاقتصادية نتيجةً لذلك، وكذلك ما يعترف به الأمريكي، حتى في محاولته لتبرير عدوانها على بلدنا، يتحدث عن خسائر، عمَّا هو شاهدٌ على نجاح هذه العمليات، وعلى تأثير هذه العمليات.

- كذلك العمليات بالقصف الصاروخي والمسيَّرات إلى فلسطين المحتلة؛ لاستهداف العدو الإسرائيلي، له تأثيره على العدو الإسرائيلي:

o في حركة الطيران بالنسبة للملاحة الجوية.

o وكذلك أيضاً على المستوى الاقتصادي.

o على مستوى السكينة والاطمئنان: فقدوا ذلك، وأصبحوا في حالة رعب وخوف، كما قلنا: يهرع الملايين إلى الملاجئ... مع بقية التأثيرات.

كذلك الأمريكي، مع عدوانه على بلدنا، هو لا يقوم بهذا العدوان وهو مرتاح، هناك مواجهة ببسالة، وبالاستعانة بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" لعدوانه، تصدٍّ فعَّال لهذا العدوان، اشتباك مُستَمِرّ في الليل والنهار، أحياناً يستمر لساعات طويلة، مع حاملة الطائرات التي تهرب إلى أقصى شمال البحر الأحمر، مع القطع البحرية أيضاً؛ ولـذلك حينما أعلن الأمريكي أنه سيستقدم حاملة طائرات أخرى؛ لأنه فشل، لأنه في حالة فشل.

عندما يقول [ترامب المجرم] بأن العدوان ناجح، وأن العمليات ناجحة، هو يكذب، حينما يزعم بعض المسؤولين الأمريكيين بأن عدوانهم ناجح، هذا كذب، أيُّ نجاح! أيَّ نجاح والعمليات اليمنية أوقفت تماماً الملاحة الإسرائيلية في (البحر الأحمر، وباب المندب، وخليج عدن، والبحر العربي)؟! ليس هناك نجاح أبداً، العمليات مُستَمِرّة، الصواريخ مُستَمِرّة إلى فلسطين المحتلة ضد العدو الإسرائيلي، أيُّ نجاحٍ تزعمون؟! بل هناك- كما قلنا- تَصَدٍّ ببسالة والحمد لله، واستمرار في العمليات، التي هي تَصَدٍّ للأمريكي واستهداف لسفنه، وبوارجه، وقطعه الحربية، وحاملة طائراته، وأيضاً أصبح العدو الأمريكي- بنفسه- مشمولاً بقرار الحظر طالما استمر في عدوانه، وهذا مُؤَثِّرٌ عليه باعترافه هو.

تطوير القدرات العسكرية مُستَمِرّ، وهناك اعترافات من خبراء عسكريين أمريكيين، ومن قادة عسكريين، وضباط عسكريين، اعتراف بهذه القدرات، بالنجاح اليمني، فيما يتعلق بتطوير القدرات العسكرية، وفاعليتها، وتأثيرها، وعلى مستوى كبير والحمد لله، وهذا مُستَمِرٌّ أيضاً.

أمَّا على مستوى الموقف والقرار، فالحمد لله ربِّ العالمين، موقف شعبنا العزيز هو موقفٌ ثابتٌ، بتوفيقٍ من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وميزة هذا الموقف: أنه من منطلقٍ إيماني، لله، وفي سبيل الله تعالى، جهاداً في سبيله، واستجابةً له، وبثقة بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، شعبنا العزيز هو لا يرهب أمريكا، لا يخشاها، لا يخنع لها، لا يخضع لها؛ ويخشى الله فوق كل شيء، حساباته الإيمانية جعلته يُرَكِّز على السلامة من عذاب الله، والعقوبة الإلهية فوق كل اعتبار، وفوق كل حسابات، وفوق كل مخاوف، هو يترجم إيمانه بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" من خلال ثقته بالله؛ لأنه من مرتكزات هذا الإيمان هو: الثقة بالله، وبوعده بالنصر لعباده الذين يستجيبون لتوجهاته، ويقفون ضد الطغيان والإجرام، جهاداً في سبيله.

هو أيضاً يترجم إيمانه من خلال شعوره بالمسؤولية، المسؤولية الدينية: في الجهاد في سبيل الله، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في الوقوف ضد الطغيان والظلم، في الوقوف مع المظلومين المستضعفين في أكبر مظلومية على وجه الأرض (مظلومية الشعب الفلسطيني).

وأيضاً يتحرَّك وهو يحمل القيم، القيم الإيمانية، ومنها: العِزَّة الإيمانية، يأبى الذُّلّ، يأبى الخنوع المخزي للأمريكي، الذي عليه الكثير من الأنظمة، والكثير من القوى في هذا العالم؛ فشعبنا بإيمانه يحمل هذه القيم: عِزَّة إيمانية، كرامة، وشرف، وإباء، وغَيْرَه، وحُرِّيَّة، حُرِّيَّة بمفهومها الصحيح والحقيقي، حُرِّيَّة في عدم الخضوع إلَّا لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، قيم الرحمة أيضاً، الرحمة حينما يشاهد تلك المشاهد المأساوية لمظلومية الشعب الفلسطيني، للأطفال يُقْتَلون ويُبادون، وللنساء، للكبار والصغار في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، الذي هو جزءٌ من هذه الأمة.

في مثل هذه المواقف، والظروف، والتحديات، يأتي فعلاً الاختبار الذي يغربل، يغربل ويبيِّن مدى المصداقية، مصداقية الانتماء الإيماني، كما قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}[الحجرات:14]، ما بعد ذلك قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا}[الحجرات:15]، لم يرتابوا في وعد الله بالنصر، بالتأييد، ولم يرتابوا في ما هم عليه من الحق، ولم يرتابوا في صحة موقفهم، لم يرتابوا في إيمانهم، {وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحجرات:15]، الثِقة بوعد الله حينما قال: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج:40]، حينما قال: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}[الروم:47].

شعبنا في انطلاقته، وفي موقفه، وثق بهذه الوعود التي وعد بها الله، وثق بالله، ووثق بوعده، وبالتوكُّل عليه، حينما قال: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}[آل عمران:160]، شعبنا توكَّل على الله، وثق بالله، وتوكَّل على الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".

ولهذا في إطار هذا الانتماء الإيماني، وهذه القيم الإيمانية، شعبنا تحرَّك مستجيباً لله، مجاهداً في سبيله، استشعر مسؤوليته في الجهاد في سبيل الله.

إذا لم نتحرَّك للجهاد في سبيل الله، في مواجهة شر البرية: العدو الإسرائيلي الأطغى، والأظلم، والأجرم، والأسوأ، والأعظم كفراً، وشراً، وطغياناً، وفساداً في العالم، ضد من سنتحرَّك؟! إذا لم نتحرَّك لنصرة الشعب الفلسطيني في مظلوميته وهو يباد إبادةً جماعية، فمتى سنتحرَّك؟! إذا لم نتحرَّك بالعِزَّة الإيمانية تجاه مساعي الأمريكي لإخضاع المنطقة له، إخضاع هذه الشعوب له وللإسرائيلي من دون الله، فمتى سنتحرَّك؟!

شر البرية، قوى الطاغوت والاستكبار، على رأسها (أمريكا، وإسرائيل)، أئمة الكفر هم (أمريكا، وإسرائيل) في هذا العصر، في هذا الزمن الذي نحن فيه، وهم شَرُّ البرية، أعدى عدو للإسلام والمسلمين، يرتكبون أبشع الجرائم:

- يحرقون ويمزِّقون المصاحف كتاب الله.

- يُدَمِّرُون المساجد.

- يحاولون أن يسيطروا على المقدَّسات الإسلامية الكبرى.

- يقومون بإبادة الشعب الفلسطيني، بالقتل الجماعي للأطفال والنساء، والرجال والصغار، بكل وحشية.

- يقومون باغتصاب النساء المسلمات، بل واغتصاب حتى بعض الرجال في السجون.

يمارسون أبشع الإجرام؛ فهم أعدى عدو للإسلام والمسلمين، فضد من سنتحرَّك ونجاهد، إن لم نجاهد في سبيل الله تعالى، تصدياً لهم، ومواجهةً لطغيانهم، وإجرامهم، وشرِّهم، وعدوانهم؟! هنا المسؤولية، علينا أن نتحرَّك كمسلمين.

نداءات الله وأوامره في القرآن الكريم بالجهاد في سبيل الله، كفريضة فرضها الله، هي لمواجهة مثل هذا الطغيان والإجرام بالأولى، بالأولى، يعني: حينما يكون حجم الإجرام، والطغيان، والظلم، والعداء للإسلام والمسلمين، بهذا المستوى؛ فهل يصح أن يُتَّخذ قرار وخيار في أوساط الأمة الإسلامية بتعطيل فريضة الجهاد في سبيل الله في مقابل ذلك؟! هنا الجهاد، هنا أشرف الجهاد، أفضل الجهاد، أقدس الجهاد، أسمى الجهاد في سبيل الله.

الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أمرنا بالجهاد، وأتى الحديث عنه في القرآن الكريم في أكثر من (خمسمائة آية) من كتاب الله، حديثٌ واسعٌ جدًّا، وبيَّن لنا من نجاهد، وضد من نجاهد، ولأجل ماذا نجاهد، وفي مثل هذا ليس هناك أي التباس، أو شبهة، أو شك، في الموقف ضد الإسرائيلي والأمريكي، على أيِّ أساس يكون هناك اشتباه، أو التباس؟!

الله يقول: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ}[البقرة:216]، (كُتِبَ) يعني: فُرِض، فريضة إلزامية، لكن أيُّ قتال؟

- في موقف الحق.

- في سبيل الله تعالى.

- في إطار التعليمات التي أتتنا من الله في كتابه الكريم.

{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[البقرة:216]، الأمة عليها أن تتَّجه هذا الاتِّجاه، لتقاتل أولئك المجرمين؛ لأنهم قَتَلَة، معتدون، مجرمون، ليست المسألة أننا نفتعل مشكلةً معهم، أنَّ الشعب الفلسطيني افتعل مشكلةً مع اليهود الصهاينة المجرمين، هم من أتوا هم، من جاءوا إلى فلسطين محتلين، قَتَلَة، مرتكبين لجرائم الإبادة الجماعية من أول يومٍ، من أول يومٍ بدأوا يتشكَّلون بشكل عصابات في إطار رعاية بريطانية، وبدأوا جرائمهم لإبادة الشعب الفلسطيني، والاحتلال، والنهب، والاغتصاب... ومختلف الجرائم.

الأمريكي كذلك معهم، أو في إطار عدوانه على بقية المناطق، هو الذي يأتي ليقتل، ليعتدي، ليحتل، لينهب، ليسيطر، ليتدخَّل في شؤوننا في كل المجالات.

فنحن نقاتل عدواً هو- أصلاً- يقوم بقتلنا، بالاعتداء علينا، بالاحتلال لبلداننا، بالاستهداف الشامل لنا في كل شؤوننا، عدو معتدٍ، ظالم، مجرم، ليست مسألة أنها افتعال لمشاكل معه، مع طرف مسالم، ليس لنا عليه لا حق ولا دعوى؛ هو معتدٍ وظالم.

الله يقول: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}[آل عمران:142]، حتى الجنة، إذا كنا نحسب حساب الجنة، ورضوان الله، ومستقبلنا الأبدي عند الله، لابدَّ من أداء هذه الفريضة المقدَّسة؛ لأن هناك ضرورة لنا نحن؛ أمَّا الله فهو غنيٌ عنا، {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[العنكبوت:6]، جميعاً، غنيٌ عنهم بكلهم.

الجهاد ليس دفاعاً عن الله؛ الجهاد وسيلة لإحقاق الحق، لإقامة العدل، لإرساء قيم الخير والرحمة في أوساط المجتمع البشري، الجهاد تصدٍّ للشر والأشرار، والطغاة المعتدين، الظالمين، المجرمين، وسيلة لحماية المستضعفين، لدفع الشر عن الناس، لدفع الظلم عنهم، لدفع خطر المجرمين الأشرار عنهم، فنحن بحاجة إلى الجهاد في سبيل الله؛ لإرساء القيم التي فيها العدل، والخير، والرحمة، التعليمات الإلهية التي فيها صلاح حياة الناس، ودفع شر الأشرار، المعتدين، الظالمين، المجرمين.

ففي حسابات الإنسان الدينية، والذي يسعى لأن يكون ملتزماً دينياً لأن يدخل الجنة، ويسلم من النار، لابدَّ من أداء هذه الفريضة المقدَّسة؛ لأنها تترجم حتى مصداقية الإنسان في إيمانه بالله، وثقته بالله، وتوكله على الله.

{الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}[النساء:76]، هؤلاء هم المؤمنون: {الَّذِينَ آمَنُوا}، كان من ثمرة إيمانهم: أنهم تحرَّكوا جنوداً لله، في سبيل الله تعالى.

{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[البقرة:244]، (قَاتِلُوا)؛ لأن هذا لابدَّ منه: لدفع الشر عنكم، لأن تكونوا أحراراً في هذه الحياة، لأن تكونوا أعزاء، لأن تكونوا كرماء؛ حينما يعرف أعداؤكم، الذين هم طغاة، مجرمون، أشرار، يسعون إلى استعبادكم من دون الله، يسعون إلى إذلالكم، يستبيحونكم في: الدم، والعرض، والمال، والأرض... وفي كل شيء، حينما يعرفون أنكم أعِزَّاء تقاتلونهم، لا تقبلون بالإذلال، ولا بالاستباحة؛ فهـذا سيردعهم، سيدفع شرَّهم عنكم، سيحمي أوطانكم، ويحمي أعراضكم، ويحمي شرفكم، ويحمي كرامتكم، واستقلالكم، وحُرِّيَّتِكم، وممتلكاتكم، هذا ما سيوفر لكم الحماية في نهاية المطاف، حينما تكونون في مستوى المنعة، والقوة التي تردع العدو، وتدفعه إلى أن يبتعد عنكم؛ لأنه يدرك أنه سيدفع الثمن غالياً، لن يقتلكم ثم يكونوا هناك في مأمن؛ ستقاتلونه حينما يتَّجه هو- وهو يتَّجه عادةً بتوجهه العدواني- للاعتداء عليكم.

فشعبنا العزيز هو ينطلق من هذا المنطلق الإيماني، الذي فيه: الثقة بالله، التوكل على الله، الاعتماد على الله، القيم الإيمانية، العِزَّة الإيمانية، الكرامة، مشاعر الإباء، والنخوة، والشهامة؛ وأيضاً يتحرَّك وهو يشعر بهذه المسؤولية، أنها مسؤولية عظيمة (الجهاد في سبيل الله)، مقدَّسة، وأنه يجب تفعيل هذه الفريضة، وهذه المسؤولية، ضد أعدى عدوٍ للإنسانية، أعدى عدوٍ للإسلام والمسلمين، من يمثل أكبر الشر والإجرام.

أمريكا أكبر مجرم في العالم، أكبر مجرم في العالم، السجلات، والحقائق، والأرقام، عن جرائمها العالمية، كم أبادت من شعوب، وكم اعتدت على شعوب، وكم هي جرائمها في كل العالم، جرائم رهيبة جدًّا، سجلات مليئة، كُتُب، مجلدات بأكملها، تحكي عن جرائمها، وجرائم رهيبة، مشهورة جدًّا:

- إبادة جماعية بالقنابل الذَّرِّيَّة في اليابان.

- إبادة بالقنابل الحارقة للشعب الفتنامي.

هذه إبادة بمئات الآلاف، الضحايا الذين قتلهم الأمريكي في العالم بالملايين، بالملايين، في أمتنا الإسلامية- بنفسها- بالملايين، على مستوى العشرين عاماً الماضية أكثر من (ثلاثة مليون مسلم) قتلهم الأمريكي، على مدى هذه الأعوام الماضية، في عشرين عاماً مضت.

فالقتال في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله، هو مواجهة عدو ظالم، معتدٍ، غشوم، مجرم، متكبِّر، متغطرس، يسعى إلى الاستعباد، إلى الإذلال، ما الذي يريده الأمريكي في منطقتنا، وأتى من آخر الأرض؟! إلَّا لإذلال هذه الأمة، لإخضاع هذه الأمة، لمن؟ للعدو الإسرائيلي، لشَّرِّ البرية، لمن لا يعترف للعرب بأنهم حتى من البشر؛ وإنما يسميهم بالحيوانات التي هي بشكل بشر، الخنوع لمجرم، طاغية، مستهتر، عابث.

إذاً شعبنا يتحرَّك في إطار هذه المسؤوليات المقدَّسة العظيمة؛ ولـذلك هو ثابتٌ على هذا الموقف، يستند أيضاً إلى هدى الله تعالى، إلى نوره، إلى البصيرة القرآنية، التي تتجلَّى حقائقها في الواقع مصاديق واضحة، وقدَّمها الله لنا برحمته وحكمته، وعرض لنا في كتابه الهداية والنصر: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا}[النساء:45].

مع أنَّ ما يفعله الأمريكي والإسرائيلي واضح، وأنَّه في إطار مشروع عدواني، إجرامي، تدميري، مكشوف، وليس مخفياً، ومع كل ذلك هناك بصيرة القرآن، نور الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، الذي عرَّفنا عن أولئك الأعداء: (من هم؟ وكيف هم؟)، وأنهم الأسوأ في الامتداد الشيطاني والتشكيلات الشيطانية من أولياء الشيطان بين المجتمع البشري؛ لأن أولياء الشيطان بين المجتمع البشري هم مصدر شر على المجتمع البشري، يَتَحَرَّكُون بالأنشطة الشيطانية، التي هي إضلال، وإفساد، وإجرام، وظلم؛ بينهم الأطغى، الأظلم، الأشر، الأكثر ضلالاً، الأكثر سعياً لنشر الفساد في الأرض، هم: اليهود، ومن يواليهم، فريق الشر من أهل الكتاب من اليهود والنصارى، هم الذين يشكِّلون الخطر الكبير علينا كمسلمين، هو خطرٌ إن سكتنا عنه، إن تفرَّجنا عليه، إن تنصَّلنا عن مسؤوليتنا في التَّصَدِّي له؛ يُمَثِّل خطراً كبيراً جدًّا على أمتنا.

بيَّن الله لنا عنهم: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ}[المائدة:82]، ولماذا يقول لنا هكذا؟! هل لنسكت، أو لنطبِّع معهم، لنواليهم؟! لا، كما قال عن الشيطان: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}[فاطر:6]، معنى أنهم الأشد عداءً: أنهم يَتَحَرَّكُون في هذا الإطار: بما هو أشد عداوةً، عداؤهم لنا هو عداء عملي، ليس مجرَّد حالة نفسية، هم يَتَحَرَّكُون من منطلق هذه العداوة الأشد، بأشد ما يمكن، وأسوأ ما يمكن، وأقسى ما يمكن، وأظلم ما يمكن، وأشر ما يمكن أن يفعلوه ضدنا كمسلمين، عداؤهم عداء عملي: مؤامرات، خطط، قتل، إجرام، أنواع المؤامرات، التحرُّك بعداوة شديدة جدًّا ضدنا في كل المجالات؛ فلـذلك علينا مسؤولية في أن نتحرَّك لمواجهتهم.

قال عنهم كفريق شر من أهل الكتاب، في مستوى عدائهم الشديد لنا: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}[البقرة:105]، إلى هذا المستوى! لو استطاعوا أن يعملوا حظراً في ألَّا يصل إلينا أي خير حتى من الله، لو استطاعوا أن يحجبوا عنَّا ضوء الشمس ودفئها وحرارتها؛ لفعلوا، لو استطاعوا أن يمنعوا عنَّا الأكسجين؛ لفعلوا، هم يحاولون أن يلوثوا حتى الأجواء، لو استطاعوا أن يمنعوا عنَّا وصول هدى الله إلينا؛ لفعلوا، بل إنهم يحاولون أن يبعدونا نحن عن الخير الذي قد أتانا من الله، عن نوره، عن هديه، عن الإسلام العظيم، الذي هو صلة بيننا وبين الله، حينما نتحرك على أساسه؛ نعتز وننتصر، ونحظى بتأييد الله، ونصره، ومعونته، ونسمو في هذه الحياة، ونشرف، ونكون النموذج الأرقى كأمةٍ إسلامية في كل العالم، يحاولون أن يبعدونا حتى عن هذا الخير الذي قد أتانا من الله؛ لأنهم لا يريدون لنا الخير أبداً، حتى من الله، فما بالك من جهتهم هم! هم شرٌّ مطلق، يَتَحَرَّكُون بكل عدوانية وحقد.

هم من لا يريدون لنا حتى في الآخرة أن نكون إلى الجنة، هم من قالوا: {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ}[البقرة:111].

هم الأظلم، والأقسى قلوباً، وصف الله قسوتهم في القرآن الكريم، وقسوة قلوبهم، بأنها: {كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}[البقرة:74]؛ ولـذلك يقتلون الأطفال بكل جرأة، بكل حقد، بدون أي رحمة، لا يحملون الرحمة حتى تجاه الأطفال الرُّضَّع حتى في الحَضَّانات في المستشفيات، يقومون بإبادتهم دون أي رحمة؛ فهم قساة قلوب، وهم حاقدون، ومجرمون، ومعتدون، وظالمون، وسيئون، ويستبيحون أمتنا، يعني: في معتقدهم الباطل: [أنَّه لا مسؤولية عليهم حتى عند الله فيما يفعلونه بهذه الأمة، وأنها مباحةٌ لهم في الدم، والعرض، والمال، والممتلكات]، وعندهم وعند حتى المتدينين منهم: [أنه يجوز لهم شرعاً أن يغتصبوا المرأة المسلمة، وأن يغتصبوا الرجل المسلم]، بل كان المتدينون منهم يشيدون بجرائم الاغتصاب حتى للسجناء في السجون، يشيدون بذلك، ويقولون: [أنها طريقة مناسبة للانتقام]؛ لأن فيها إذلال وإهانة للمسلمين، وهم يبيحون ارتكاب الإبادة الجماعية حتى للأطفال والنساء، وعندهم أنَّ المسألة واحدة، [اقتل غنماً وبقراً، ونساءً ورجالاً، وكباراً وصغاراً]، المسألة واحدة عندهم، كالبقر والغنم، وكالدجاج، المسألة ليس فيها عندهم فارق.

هم الذين قال الله عنهم: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}[آل عمران:75]، يعني: يستبيحونك، يستبيحون دمك، يستبيحون عرضك، يستبيحون شرفك، يستبيحون زوجتك، وبناتك، وأخواتك، يستبيحون مالك... كل شيء عندهم في معتقدهم يحلُّ لهم، هذا هو معتقدهم، حينما يَتَحَرَّكُون بهذا الشر، بهذه العدوانية ضدك، ضد أمتك، أليس هذا خطراً يستحق منك أن يكون لك موقف؟! أنت الذي قد يستثيرك من أخيك المسلم، وقد يكون حتى أخ من النسب، قد يستفزك بكلمة، فيصل بك الحال أن تقاتله، أو تلعنه، أو تسيء إليه، أو تتخذ خطوات معادية ضده، لماذا لا يستفزك من هم أعداء لك إلى هذه الدرجة، ولا يحترمون مقدَّساتك، ولا دينك، ولا قرآنك، ولا نبيك... ولا أي شيء؟!

هم أعداء بهذا المستوى من العداء، والحقد، والدناءة، والأمريكي يريد أن يُخْضِعك لهم؛ لتقبل منهم بكل شيء: لتقبل باستباحتهم، بسيطرتهم، باحتلالهم؛ ولتبيح نفسك لهم، وعرضك، وأرضك، ومالك، ودينك، وشرفك، ومقدَّساتك، هذا ما يريده الأمريكي من أمتنا ومن شعوبنا.

القرآن يقدِّم لنا الوعي، الذي كل الحقائق متجلِّيةٌ في مصاديق واضحة في الواقع، يشاهد من يشاهد، ومن لا يشاهد؛ فليشاهد، وليتابع، وليعرف ماذا يفعلون، وماذا يقولون، وكيف هو مستوى الحقد منهم.

{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}[آل عمران:75]، ومع ذلك يحاولون أن نتحوَّل إلى أمة مطيعة لهم، خانعة لهم، موالية لهم، {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ}[آل عمران:119]، ولماذا يريدون ذلك؟! {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}[آل عمران:100]، أكبر هَمٍّ لهم: أن يفرِّغونا من محتوانا الإنساني، من محتوانا الإيماني، ألَّا يبقى لدينا لا هداية، ولا بصيرة، ولا رشد، ولا وعي صحيح؛ ولا يبقى لدينا لا قيم، ولا كرامة، ولا عِزَّة، ولا إيمان، ولا نبقى على صلة والتزام بتعليمات الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".

يصل بهم الطمع، والغرور، والكبر، إلى أنهم يريدون أن يكونوا هم الجهة التي ترتبط بها الأمة، لتتلقى منهم التعليمات والإملاءات في كل شؤونها، ومن منطلق عدائهم، كمصدر شر، لتكون تعليماتهم بما فيه شرٌّ على الأمة، ضلالٌ للأمة، فسادٌ للأمة، ضياعٌ للأمة في كل شيء، إلى هذه الدرجة، يعني: يريدون مِنَّا أن نصل إلى درجة أن نتنكَّر كمسلمين لتعليمات الله، لكتاب الله، لرسول الله "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، لله ربنا الرحيم، العظيم، الكريم، الذي شرَّفنا بالإسلام، وأراد لنا أن نكون أمةً تسود كل الأمم في الأرض، تسودها بالحق والعدل، بالقيم العظيمة، بالنور الإلهي، ويريدون لنا أن نتحوَّل إلى أمة مستباحة، مستذلَّة، مغلوبة، مقهورة، تدوسها أقدام اليهود وهي تُقبِّل أقدامهم، وتتولاهم، وتخنع لهم، وتعتقد بأنهم هم من يجب أن يسودوا العالم، وتسلِّم أمرها لهم، هذا أمر عجيب جدًّا! من المفارقات الكبيرة أن يكون هناك قبول لهذا الأمر، من أيِّ إنسان بقي له شيءٌ من الإنسانية والضمير.

ولذلك نحن نستند إلى بصيرة القرآن ونور الله، الذي تشهد له كل الوقائع:

- ما عليه الأعداء في فكرهم، ثقافتهم، معتقداتهم، في تلمودهم، في خططهم، في مؤامراتهم.

- وما يفعلونه من تصرفات واضحة، مكشوفة، وتوجهات مكشوفة.

ولذلك فنحن في موقف ثابت، يعني: لسنا في موقف متهور، أو نفتعل المشاكل، أو نتَّخذ خيارات غير محسوبة، بل في إطار موقف صحيح، نعتمد فيه على الحق، على الإيمان، على هدى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وعلى تعليمات الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".

ولـذلك مع توفيق الله ونعمته في التَّوَجُّه في المسار الصحيح، الذي فيه النجاة في الدنيا والآخرة، فيه الشرف، فيه الكرامة، فيه الفوز، فيه العِزَّة الإيمانية، من المهم لنا:

- أن نحرص على الاستمرار.

- وأن نحرص على كل ما يساعدنا على الثبات.

- وأن نأخذ بكل أسباب التوفيق الإلهي.

نحن في هذا الشهر المبارك الكريم، ونحن في آخره، ونحن في إطار هذا الموقف الذي وفَّقنا الله له، نتصدَّى لأعداء الله، أعدى عدو للإنسانية، وللإسلام والمسلمين، لشر البرية، في موقفٍ مشرف، هذا مهمٌ لنا؛ ولـذلك نحمد الله ونشكره، نقول: {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ}[القصص:17]، في نفس الوقت ندرك قيمة هذا الموقف، هذا التَّوَجُّه، فلا يَصُدُّنا عنه شيء، لا تؤثِّر علينا إرجافات، ولا تصعيد من قبل الأعداء، ولا أي تشكيكات أو شُبُهَات في إطار حربهم الإعلامية والزائفة.

نحن في المسار الصحيح، الذي ينبغي أن نحرص فيه: على الثبات، وعلى الاستقامة، وعلى الأخذ بأسباب توفيق الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وعلى ترسيخ الوعي، وأن نسير باستمرار في هذا الطريق: في طريق هدى الله، البصيرة والنور من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".

والمسألة هي مسيرة حياة، يعني: هذا الصراع مع أعداء الإسلام والمسلمين، وأعداء الإنسانية، ليس مسألة مُؤَقَّتة، هناك جولات تأتي، لكن هو مسيرة مستمرة؛ لأنهم هكذا هم يستمرون، لهم على مدى مئات السنوات وهم يحيكون الخطط والمؤامرات، خطط حتى بعيدة المدى، طويلة المدى؛ لاستهدافنا واستهداف أمتنا في كل المجالات، فالمسألة مسيرة مستمرة، ومواقف ثابتة، تأتي جولات على المستوى العسكري، لكن على كل المستويات المعركة مستمرة، الصراع مستمرٌ بيننا وبينهم، في إطار التناقض القائم بين الحق والباطل، والخير والشر، هم محور الشر، والإجرام، والطغيان، والاستكبار، والظلم، والفساد، وهم أظلم عباد الله، أظلم الناس، وشَرُّ البَرِيَّة.

المسألة مسألة مهمة أن نستوعبها جيداً، أن نفهم طبيعة الصراع بيننا وبينهم، مجالات هذا الصراع، وأنها مجالات شاملة، يعني: هذا الصراع هو في كل المجالات، وليس فقط على المستوى العسكري، وأن نحرص على المسار الذي رسمه الله في القرآن الكريم؛ لأنه يُحَدِّد لنا الأسس والمواصفات التي نسعى إلى ترسيخها، والارتقاء فيها، والارتقاء فيها؛ لأن أهم ما نحرص عليه، ونركِّز عليه في هذا الصراع، هو نقطة واحدة: كيف نكون مع الله ويكون الله معنا، هذه المسألة المحورية في الموضوع، والأساسية فيه: (كيف نكون مع الله، ويكون الله معنا)، الله رسم لنا الطريق التي إن سرنا فيها؛ كان معنا، ينصرنا ونغلب، ونقهر أولئك المجرمين، ونطهِّر الأرض من رجسهم، من طغيانهم، من فسادهم، من ضلالهم، من باطلهم، من شرِّهم، من إجرامهم، ثم يشكِّل هذا التَّوَجُّه حمايةً لنا ولأمتنا.

الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" قال في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ}[المائدة:54]، بعد أن حذَّر من الولاء لليهود والنصارى، وبيّن خسارة الذين يسارعون في الولاء لهم، وأنَّ عاقبتهم الحتميَّة التي أخبر الله عنها في إطار تدبيره وعلمه، هي: الخسارة والندم، أتى بعد ذلك ليقول لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة:54-56]، هنا رسم الله الاتِّجاه الذي فيه الغَلَبة والنصر، والذي يجعل مِنَّا أمةً تحظى بتأييد الله، أمةً تكون حزباً لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ينصرها ويؤيدها، وتؤدِّي في الأرض هذه المهام المقدَّسة: في التَّصَدِّي للطغيان والظلم والإجرام.

التَّوَجُّه الذي يحمي الأمة أولاً من الارتداد؛ لأن أول خطر من قِبَل أولئك الأعداء هو: الارتداد عن دين الله، عن مبادئه، عن قيمه، وهذه مسألة خطيرة، وتهديد كبير للأمة في دينها، وعاقبته جهنم، العاقبة حينما يكون هناك ارتداد هي: جهنم، خزيٌ في الدنيا وجهنم، والعذاب العظيم في الآخرة.

التَّوَجُّه الذي يحمي المسلمين من الارتداد هو في هذا الطريق الذي رسمه الله، من الله، ليس من مُفَكِّر سياسي، وليس تحليلاً صحفياً، وليس برنامجاً لحزب، أو فئة قدَّمته من هنا أو هناك، مسار رسمه الله، بعلمه، برحمته، بحكمته، ويمثِّل صلةً به، ويكون الإنسان إذا سار فيه من حزبه، فهو مسارٌ رسمه الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".

الاتِّجاه الموالي لليهود والنصارى هو مسار ارتداد، أول نقطة ارتداد فيه عن مبادئ هذا الدين، وعن تعليمات الله، هي: الولاء بنفسه؛ لأن الله حرَّمه أشدَّ التحريم، إلى درجة أن يقول: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة:51]، {مِنْهُمْ} هل بعد هذا شيء من التعبير الذي يكشف هذه الحالة من الارتداد! فأول خطوة في الارتداد هي: التولي لهم أصلاً، {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة:51]، ثم ما يلحق بذلك من مواقف؛ لأن الولاء لهم يترتب عليه مواقف، مواقف في خدمتهم، ضد مَن؟ ضد الإسلام والمسلمين، ضد الحق، ضد العدل، ثم كذلك يتبع ذلك تراجع في بقية المجالات؛ لأنهم يفرضون إملاءاتهم حتى على مستوى الخطاب الديني، حتى على مستوى المناهج الدراسية، حتى على مستوى أقلمة الدين بما يتناسب معهم، وتحريف المفاهيم الدينية؛ لتكون بالشكل الذي ينسجم معهم... وهكذا، حالات ارتداد، ويتحول إلى مسار ارتداد بشكل مستمر، لا يتوقف عند حد.

الاتِّجاه القائم على الاستسلام أيضاً لا يحمي الأمة من الارتداد، الاتِّجاه القائم على الاستسلام هو يجعل سقفه في الدين، في الدين نفسه، في المستوى الذي لا يثير فيه أمريكا وإسرائيل، يعني: يطبَّق من الدين، ويُعمَل من الدين بما لا يثير أمريكا ولا إسرائيل، والذي يثير أمريكا وإسرائيل، يثير قوى الطغيان، والإجرام، والكفر، والشر، والظلم، هو كثيرٌ في الدين، فالنسبة الكبيرة التي تثيرهم، وينزعجون منها، معنى ذلك: أنَّ الذين يتبنون فكرة الاستسلام سيتركونها، فمعناه: بدلاً من أن يكون اتِّجاهك في الحياة في إطار دينك، والتزامك الديني والإيماني، هو أن يكون سقفك هو رضا الله، والسلامة من عذاب الله؛ يتحوَّل إلى سقف آخر، هو: الخشية من أمريكا، وتجنُّب ما يثيرها أو يسخطها، هذا بحد ذاته يؤثِّر على الإنسان، ويدفع به في حالة تراجع حتمية، عن مبادئ عظيمة من دين الله، عن تعليمات مهمة من دين الله.

المسار الذي رسمه الله هو مسيرة مستمرة، يسعى الإنسان فيها- وباعتماده على الله، وبالاستنارة بنوره- إلى الارتقاء فيها، في إطار هذه المواصفات، مع الاستقامة والثبات، هذه الآيات المباركة هي وردت في هذا السياق المهم، في هذا السياق: في الصراع مع اليهود والنصارى، بدايتها: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ}[المائدة:54]، هذه بداية عجيبة لهذه الآيات المباركة، وهنا يدرك الإنسان: إذا أردت أن تكون ممن يأتي بهم الله، من الناس الذين هم نتاج إيماني خالص، ليسوا فرزاً لأي ظاهرة، أو حالة من هنا أو هناك، عليك أن تتَّجه لتسلِّم نفسك لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، اتَّجه إلى الله بصدق، ليعلم الله منك صدق التَّوَجُّه إليه؛ لكي تكون ممن يأتي بهم؛ لأن المسألة فيها هذا الشرف الكبير: أنَّ الذي يأتي بهم هو الله، ليسوا نتاج ظاهرة هنا أو هناك، أو أداة لطرف هنا أو هناك، بل أتى بهم الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، توطين النفس على الاستجابة لله، التسليم للنفس لله، الالتجاء إلى الله لتكون ممن يأتي بهم.

ثم يقول عنهم: {بِقَوْمٍ}[المائدة:54]، يعني: ليسوا كالآخرين، ليسوا كغيرهم، تفيد ما هم عليه من قوة، من انطلاق جادَّة، من رجولة، وشجاعة، وإيمان، وتوجُّه صادق، {بِقَوْمٍ}[المائدة:54]، وليسوا مبعثرين أيضاً، هم أمة، كما قال في (سورة آل عمران): {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ}[آل عمران:104]، ليسوا مفرقين، هم قوم يتَّجهون اتِّجاهاً جماعياً، يعتصمون بحبل الله جميعاً كما قال الله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}[آل عمران:103]، يتَّجهون على أساس أخوَّتهم الإيمانية، وموقفهم الجماعي، والنهوض بهذه المسؤولية، التي هي مسؤولية جماعية، {يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}[الصف:4]، يتَّجهون اتِّجاهاً قائماً على هذا التعاون، هذه الأخوَّة الإيمانية، هذا التَّوَجُّه الصادق، ليسوا مبعثرين، وليس فيهم أنانيون لا يهمه إلَّا مصلحة نفسه، يتَّجه اتِّجاهاً فردياً، يَتَحَرَّكُون بهذا المستوى العظيم.

{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة:54]، الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" لا يحب إلَّا نوعية متميزة، من هم الذين يحبهم؟ قال عنهم في القرآن الكريم في مواصفات متعددة: والله يحب المتقين، يحب الصابرين، يحب المحسنين، يحب التوابين، يحب المتطهِّرين، يحب المتوكلين، يحب من يسيرون في هذا الاتِّجاه، في هذا الاتِّجاه الذي رسمه؛ لأنه جعل العنوان الأول لهم هو هذا: {يُحِبُّهُمْ}، ثم أتى بمواصفاتهم.

فالذين يسيرون في هذا الاتِّجاه، هم يحظون بمحبة الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، من يسيرون في إطار هذه المواصفات التي في الآيات المباركة نفسها، هم يحظون بمحبة الله تعالى، هم من جانبهم يحبون الله، {وَيُحِبُّونَهُ} حباً فوق كلِّ شيء، {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}[البقرة:165]، فوق كل المصالح، فوق كل الأطماع، فوق كل الحسابات؛ ولـذلك يتَّجهون مع الله برغبة، يستعدون للتضحية في سبيله بكل شيء، ينطلقون باهتمامٍ كبير، وبغضب لله، غضب على أعدائه، وكره للمفسدين في أرضه، وكره لأعدائه، في مقابل حبهم لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، يكرهون الفساد في أرض الله، يغضبون لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، يغضبون للمستضعفين من عباد الله.

الآخرون في الاتِّجاهات الأخرى لا يحبهم ولا يحبونه، هل يمكن أن نقول عن الذين كان خيارهم الولاء لأعداء الإسلام، أن يكونوا في هذا الاتِّجاه؟! أو نقول عن الذين قرروا الاستسلام، وتركوا كتاب الله وتعليماته، ولم يسيروا في هذا الطريق، أن يكونوا ممن يحبهم ويحبونه؟!

{أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}[المائدة:54]، متواضعون، يبدون أذلَّة من مستوى تواضعهم للمؤمنين، هم حريصون جدًّا على وحدتهم؛ ولـذلك هم أهل رأفة، ورحمة، ومحبة، وتواضع مع الناس، مع عباد الله، مع إخوتهم المؤمنين.

في نفس الوقت هم أَعِزَّة على الكافرين، يقول عنهم: {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}[المائدة:54]، مواقفهم قوية، يتوجهون بتوجهات قوية، لا يقبلون بالذِّلَّة للكافرين، فهم ينطلقون في المواقف القوية، التي هي تترجم هذه العِزَّة: عزة إيمانية، ويَتَحَرَّكُون بمبادرة، بدون تردد، وبكل قوة، وبدون تثاقل، {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[المائدة:54].

ولاحظوا، هذين الوصفين يكفيان أمتنا، كمعايير تفرز كل من هم في الساحة من قوى وتشكيلات: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}[المائدة:54]، كيف ظهرت الجماعات التكفيرية في سوريا؟ أذِلَّة أمام الإسرائيلي إلى درجة مخزية للغاية، مخزية للغاية، حتى حينما يَقتل منهم، لا يجيبون عليه ولا برصاص واحدة، يحتل، يرتكب أبشع الجرائم، ولا يجيبون عليه بشيء، يعممون على وسائلهم الإعلامية: [لا تقولوا العدو الإسرائيلي]! يتوددون له، يخنعون له، [نحن لا نعاديك]! ذِلَّة رهيبة مخزية للغاية! ثم يذهبون إلى المدنيين المسالمين، العزَّل من السلاح، ليبيدوهم إبادة جماعية بكل وحشية وقسوة وجرأة، ويعبِّرون عن عدائهم للمؤمنين من أبناء هذه الأمة، لمن يعادون العدو الإسرائيلي.

{يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[المائدة:54]، (يُجَاهِدُونَ): مسيرة مستمرة، مسيرة مستمرة، يبذلون جهدهم في إقامة دين الله، والتَّصَدِّي لأعداء الله، في كل المجالات، (فِي سَبِيلِ اللَّهِ): مخلصين لله، ليس لديهم أطماع مادية، ولا معنوية، ولا مكاسب يسعون لتحقيقها من الناس، ولا مناصب، ولا أهواء، يتَّجهون مخلصين لله، ومع إخلاصهم لله وفق تعليماته، وفق الطريقة التي رسمها.

{وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}[المائدة:54]، في سبيل الله الجهاد في كل المجالات:

- في المجال العسكري، مجال أساسي جدًّا، وهو رأس الحربة في المواجهة مع أعداء الله.

- في المجال الاقتصادي.

- في المجال الثقافي.

- في مجال الحرب النفسية.

- الشعار من الجهاد، المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية من الجهاد، في إطار الحرب النفسية والحرب الاقتصادية.

- الاتِّجاه لبناء اقتصاد قوي؛ على أساس التخلص من التبعية لأعداء الله، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، من الجهاد.

- العمل لنكون أمة قوية في كل المجالات، لنواجه أعداء الله، ولنكون أحراراً أعِزَّاء، من الجهاد.

- في المجال الإعلامي، مجال جهاد... في كل المجالات.

- المجال الثقافي.

{وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}[المائدة:54]، وهذا العصر هو عصر اللوم:

- عصر الدعاية الإعلامية، اللوم الإعلامي في هذا العصر بشكلٍ غير مسبوق ولا مثيل له: الهجمات الإعلامية التي فيها الدعايات الكاذبة، التشويه، التشكيك، الدعايات بين أوساط الناس... اللوم الإعلامي في هذا العصر واسع جدًّا.

- وهناك لوم بشكل آخر: لوم بالأسلوب الديني نفسه، بفتاوى ممن هم يوالون أعداء الإسلام، ضد المسار الجهادي والإيماني.

- وكذلك أنواع اللوم: اللوم السياسي: [أنتم لستم سياسيون، أنتم لا تحسبون حساب مصالحكم، لماذا تتجهون في هذه المواقف التي تسبب لكم المشاكل].

اللوم بكل أشكاله وأنواعه، ومن كل اللائمين.

الإنسان إذا اتَّجه هذا الاتِّجاه الصحيح مع الله، في الطريق الذي رسمه، يجب أن يصل في قناعته، وعيه، بصيرته، ثباته؛ حتى لا يؤثِّر عليه اللوم أبداً، خاصةً في هذا العصر؛ لأنه أكثر العصور لوماً، كثافة رهيبة للوم، يكون الإنسان في ثباته، في بصيرته، في إيمانه، في وعيه، بالشكل الذي يحبط الآخرين، اللائمين بكلهم.

{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}[المائدة:54]، هذا الطريق الذي رسمه الله، فيه الجهاد، فيه العِزَّة على الكافرين، فيه التحرك وفق توجيهات الله وتعليماته، فيه الشرف، شرف للإنسان، عِزَّة، كرامة، سلامة من الخزي والذل، أيُّ خزيٍ وذل من خزيٍ وذل أمام العدو الإسرائيلي والعدو الأمريكي، شرِّ الناس، أسوأ الناس، أجرم الناس، أظلم الناس؟! يكون الإنسان قابلاً بالاستباحة، يريدون أن يفرضوا على أمتنا معادلة الاستباحة، الاستباحة في الدم، والعرض، والمال، والمقدَّسات، في الدين والدنيا، الذل أمامهم خزي، خزي، بدلاً من الخزي هذا الشرف، هذا الفضل، هنا العِزَّة الإيمانية، الكرامة، وفي نفس الوقت شرف عظيم عند الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وشرفٌ في الدنيا، وشرفٌ في الآخرة، بياضٌ للوجه، بياضٌ للوجه، وقوفٌ في المواقف التي تبيِّض الوجه، تلقى الله أبيض الوجه، وفي الدنيا مواقف مشرِّفة، {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}[آل عمران:106].

الأمور كبيرة، فيها أمور شنيعة مخزية، من يسكت واليهود يعتصبون النساء المسلمات، هل بقي فيه ذرة من شرف، ذرة من كرامة، ذرة من عِزَّة، وهم يحرقون المصاحف، ويدمِّرون بيوت الله، وهم يبيدون شعباً بأكمله، يقتلون منه كل يوم بالإبادة الجماعية، يجوِّعون المستضعفين، يمنعون عنهم حتى الغذاء؟! حينما يصل الإنسان إلى أنه يسكت حتى أمام هذه، أي إنسانية! أي ضمير! خزي رهيب جدًّا، خزي رهيب جدًّا.

الطريق الذي رسمه الله فيه الشرف في الدنيا والآخرة؛ أمَّا الاتِّجاهات الأخرى فهي مواقف فسالة، فسالة، تسوِّد الوجه، مخزية، مهينة، قبولٌ بالذِّلَّة، والذِّلَّة لليهود الصهاينة المجرمين، شرِّ الناس، وأسوأ الناس، يُدَمِّرون بيوت الله، يرتكبون أبشع الجرائم، ثم لا يجرؤ البعض أن يقول كلمة عنهم، ذِلَّة رهيبة والعياذ بالله!

{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}[المائدة:54]، الله يختار لهذا الشرف، فليهيئ الإنسان نفسه، وليرجُ الله، وليسعَ لأن يكون ممن يتجه في هذا الاتِّجاه.

{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة: 55-56]، هذا المسار رسمه الله، وهو "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" الولي على هذا المسار، يرعاه، يحوطه برعايته، بنصره، بمعونته، بتوفيقه، التوجيهات منه، التعليمات منه، يقدِّم النور والهدى والبصيرة، ويرعى برعايته الواسعة.

أمَّا الاتِّجاهات الأخرى فليس الله على رأسها: اتجاه الولاء والعمالة، هل الله على رأس ذلك المسار؟! هل هو الذي رسمه؟! هل هو الذي يرعاه؟! هل هو الذي يرعى من يسير فيه، ويأجره في الدنيا والآخرة؟! خيار الاستسلام هل هو خيارٌ رسمه الله، هو على رأسه يرعاه، يتولى من يسيرون فيه برعاية ونصر؟! لا، بديهيات، واضحات، أمور واضحة جدًّا، مسارات واضحة، أين هو الاتِّجاه الصحيح وغيره.

هذا الاتِّجاه في إطار ولاية الله، والتولي لله هو: سير عملي في إطار ولاية الله تعالى، والإيمان بولايته، هو- إن صح التعبير- القائد الأعلى في هذا المسار، يوجِّه، يرعى، يأمر، ينهى، ونحن نسير على توجيهاته، تعليماته، وفق ما رسمه لنا "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".

فالذين يسيرون في هذا الاتِّجاه يسيرون بتوجيهه، يطيعون أوامره، يرجونه، يحبونه، يتولونه، يَتَحَرَّكُون جنوداً له، مجاهدين في سبيله، وهو يرعاهم برعايته، ينصرهم، يعينهم، يوفقهم، يهديهم، يبارك جهودهم، يقبل شهداءهم، يكتب أجرهم، يعدُّ لهم الجنة في الآخرة، وبياض الوجه في ساحة الحساب، إلى درجة أن يكونوا حزبه، {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة:56]، فيمنحهم الغلبة.

اتِّجاه الولاء لليهود والنصارى، هو تحزُّبٌ مع من؟ هو اتجاه المنافقين الذين قال الله عنهم: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ}[المجادلة:19]؛ أمَّا حزب الله فهم الغالبون، المفلحون، الفائزون، وَوَعْدُ الله لهم في الدنيا والآخرة بالخير، بالجنة في الآخرة، والمغفرة والرضوان.

المشروع الذي رسمه الله هو مشروع انتصار، مشروع عزَّة، شرف، كرامة، فضل؛ في مقابل خيارات أخرى هي خسارة، هي ذل، هي ارتداد، المشروع الذي رسمه الله هو لمواجهة شرِّ البرية، الذين مآلهم الحتمي- بوعد الله الحق، الذي لا يتخلف ولا يتبدل- هو الهزيمة، السقوط، كما قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" فيما يتعلق باليهود، الكيان المؤقَّت، الزائل حتماً: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا}[الإسراء:7]، وكما قال: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا}[الإسراء:8].

فإذاً هذا مسارنا، خيارنا، قرارنا، وجهتنا: مع الله، في سبيل الله، على أساس هدى الله، وتعليمات الله، وشواهد الواقع كافية، كبيرة، عظيمة، متجلِّية، ليست مسألة آيات ليس لها شواهد في الواقع، كل ما في الواقع يشهد لها، وحقائق تتجلَّى، وهي واضحةٌ وضوح الشمس في رابعة النهار.

نَسْألُ اللَّهَ "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.

وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

نص المحاضرة الرمضانية الـ25 للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي 1446هـ

  المزيد من (قائد الثورة)  

قائد الثورة يهنئ الشعب اليمني والأمة الإسلامية بحلول عيد الفطر المبارك


قائد الثورة يبارك الحضور الجماهيري الكبير بالعاصمة صنعاء والمحافظات في مسيرات يوم القدس العالمي


نص كلمة قائد الثورة بمناسبة يوم القدس العالمي 1446هـ


قائد الثورة يدعو الشعب اليمني إلى الخروج المليوني العظيم في يوم القدس العالمي


قائد الثورة: يوم القدس يذكر الأمة بمسؤوليتها تجاه المقدسات والمظلومية الكبرى للشعب الفلسطيني


كلمة مرتقبة لقائد الثورة بمناسبة يوم القدس العالمي في الساعة التاسعة والنصف مساء


نص المحاضرة الرمضانية الـ24 للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي 1446هـ


قائد الثورة يُجدّد تأكيد ثبات الموقف اليمني المبدئي والإيماني في نصرة الشعب الفلسطيني


نص المحاضرة الرمضانية الـ23 للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي 1446هـ


قائد الثورة: المؤتمر الثالث لفلسطين يأتي في إطار الاهتمام والتوجه الصادق لنصرة القضية الفلسطينية


خدمات الوكالة شعار المولد النبوي الشريف
  مكتبة الصوت
موجز سبأ 27-رمضان-1446
[28 رمضان 1446هـ الموافق 28 مارس 2025]
موجز سبأ 26-رمضان-1446
[27 رمضان 1446هـ الموافق 27 مارس 2025]
موجز سبأ 24-رمضان-1446
[25 رمضان 1446هـ الموافق 25 مارس 2025]
موجز سبأ 23-رمضان-1446
[24 رمضان 1446هـ الموافق 24 مارس 2025]
٢٦ سمبتمبرrajabالموصلات
العدوان الأمريكي السعودي
جرائم العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في مثل هذا اليوم 31 مارس
[02 شوال 1446هـ الموافق 31 مارس 2025]
جرائم العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في مثل هذا اليوم 30 مارس
[01 شوال 1446هـ الموافق 30 مارس 2025]
جرائم العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في مثل هذا اليوم 29 مارس
[29 رمضان 1446هـ الموافق 29 مارس 2025]
جرائم العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في مثل هذا اليوم 28 مارس
[28 رمضان 1446هـ الموافق 28 مارس 2025]
جرائم العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في مثل هذا اليوم 27 مارس
[27 رمضان 1446هـ الموافق 27 مارس 2025]
هئية الزكاةيمن نت