ينزف تفاصيلها كرم حسين : من البحث عن الطعام إلى "فخاخ الاعتقال والتعذيب" الإسرائيليةغزة - سبأ: بعد رحلة مأساوية مليئة بالمعاناة، نجح الفتى الفلسطيني "كرم حسين" في النجاة من فخاخ الموت التي نصبها العدو الإسرائيلي لشباب غزة. في 25 يونيو الماضي، غادر كرم (18 عامًا) منزله في حي الشيخ رضوان شمال غربي غزة، سيرًا على الأقدام لأكثر من 25 كيلومترًا، بحثًا عن الطعام لعائلته في ظل أزمة الجوع الخانقة التي يعاني منها القطاع. وصل كرم إلى مركز توزيع المساعدات في منطقة نتساريم جنوبي المدينة، حيث تجمع العشرات من الشبان في انتظار فتح البوابة. لكن ما كان يبدو كفرصة للغذاء تحول إلى كابوس. يقول كرم لوكالة "صفا" الفلسطينية، فجأة، طوّقتنا قوات العدو الإسرائيلي، وأجبرونا على خلع ملابسنا وارتداء زي أبيض يشبه زي مرضى كورونا"، مشيرًا إلى أن الجنود كانوا يرافقونهم بكلاب مدربة وطائرات مسيّرة تحمل قنابل. في تلك اللحظات، كان كرم وغيره من المعتقلين بين خيارين: إما الامتثال لجيش العدو الإسرائيلي أو الموت. وتحت تهديد الطائرات المسيّرة، تم نقلهم في ناقلات الجنود وهم مقيدون، ليبدأوا رحلة من التعذيب النفسي والجسدي. "الضرب كان متعمدًا، وكلما توقفت المركبة أو انعطفت فجأة، كنا نتعرض لضربات مبرحة. وفي النهاية، نقلونا إلى سجن الرملة حيث بدأ العذاب الحقيقي"، يضيف كرم، في السجن، كان يتم التحقيق معهم حول المقاومة والجنود الأسرى، بينما يصر "كرم" على أنه لم يكن إلا فتىً يبحث عن الطعام لعائلته. مرّت الأيام في السجون تحت وطأة التعذيب اليومي، إلى أن تم نقل كرم إلى سجن "سدي تيمان"، حيث تفاقمت حالته الصحية بسبب التشنجات العصبية الناتجة عن الصدمات الكهربائية المتكررة. "لم يكن هناك أي اهتمام طبي. كنا نركل حتى ونحن نرتجف على الأرض"، يقول كرم الذي عانى من العزلة الكاملة. في 24 يوليو، تم ترحيله مع تسعة معتقلين آخرين، معظمهم جرحى، إلى معبر كرم أبو سالم، حيث أمرهم الجنود بالركض غربًا دون النظر خلفهم. يقول كرم "ركضنا كمن يهرب من الجحيم، ثم التقينا بالصليب الأحمر الذي نقلنا إلى مستشفى ناصر في خان يونس"، يضيف. بعد تلقي العلاج في مستشفى ناصر، بدأ كرم في استعادة بعض عافيته، حيث تعرض لنوبة تشنج شديدة نتيجة التعذيب الذي تعرض له. ومع ذلك، لم ينسَ اللحظة التي شعر فيها بالنجاة، قائلاً: "عندما وصلت إلى بيتي في حي الشيخ رضوان بعد منتصف الليل، شعرت وكأنني ولدت من جديد. عانقت أهلي وجيراني، لا أصدق أنني على قيد الحياة". وفي رسالة مؤثرة، حذر كرم الشباب الفلسطينيين من التوجه إلى مراكز المساعدات الأمريكية، قائلاً: "هي ليست مراكز للغذاء، بل فخاخ للاعتقال والموت". وتأتي هذه القصة في وقت تعيش فيه غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها، خاصة بعد أن فرض العدو الإسرائيلي حصارًا مشددًا على قطاع غزة منذ بداية العام الجاري. وفقًا لوزارة الصحة في غزة، فقد ارتفع عدد شهداء المساعدات إلى 1,655 شهيدًا، بينما تجاوزت الإصابات الـ11,800 حالة. إن ما يعيشه كرم حسين هو مجرد جزء من صورة أوسع للوضع المأساوي في قطاع غزة، الذي يشهد تفشي المجاعة وتراكم الظروف الصحية السيئة، مما يعكس وحشية العدو الإسرائيلي وضرورة تدخل المجتمع الدولي لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني. ![]() |
|