لماذا علق ترامب الرسوم الجمركية الجديدة لمدة 90 يوما ؟!صنعاء- سبأ: في لحظة دقيقة تشهد فيها الأسواق العالمية حالة من التذبذب الحاد، ووسط مخاوف متزايدة من دخول الاقتصاد الأمريكي في ركود، وتزايد الانتقادات الدولية بشأن نهج الإدارة الأمريكية الحمائي.. أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، عن تعليق مؤقت لمدة 90 يوما للرسوم الجمركية الجديدة التي فُرضت مؤخراً على مجموعة من الدول الحليفة لأمريكا، منها دول أوروبية وآسيوية. وعلى الرغم من أن هذا التعليق لقي ترحيباً نسبياً من الأسواق وبعض العواصم الغربية، إلا أن الصين بقيت مُستثناة بشكل صريح من هذا القرار، بل تعرضت لزيادة إضافية في الرسوم الجمركية المفروضة على صادراتها، وصلت إلى 125 في المائة. ويبدو أن هذا التطور يأتي في سياق التصعيد المستمر بين واشنطن وبكين منذ بداية الولاية الثانية للرئيس ترامب، حيث يشهد الملف التجاري بين القوتين الاقتصاديتين توترا متزايدا، يمتد تأثيره إلى سلاسل التوريد العالمية وأسواق المال. قرار الرئيس الأمريكي بتعليق الرسوم الجمركية "جاء في توقيت حساس، ما أثار العديد من التساؤلات عن الأسباب التي تقف خلف هذا التحول المفاجئ في السياسة التجارية الأمريكية؛ فبينما اُعتُبر القرار تهدئة جزئية، أشارت المُعطيات إلى أن أسبابه تتجاوز الحسابات الاقتصادية المباشرة، لتعكس تداخلا معقدا بين الضغوط الداخلية، وردود الفعل الدولية، وتكتيكات التفاوض مع الخصوم التجاريين، وعلى رأسهم الصين" وفق خبراء. وبحسب ما ذكرته وكالة أنباء "رويترز" فقد أدت الرسوم الجمركية التي فُرضت سابقا إلى اضطرابات كبيرة في الأسواق، حيث شهد مؤشر "داو جونز" الصناعي تراجعات حادة،كما سادت الأسواق حالة من "بيع كل ما هو أمريكي"، وهذا تعبير تكرر خلال أزمات مالية سابقة، مما أثار مخاوف من ركود اقتصادي وشيك. ونقلت الوكالة عن وزير الاقتصاد الإيطالي، جانكارلو جيورجيتي، قوله: إن وزراء مالية مجموعة السبع، باستثناء الولايات المتحدة، ناقشوا ردا جماعيا على الإجراءات الأمريكية،مضيفاً: إن "التعليق خطوة إيجابية من شأنها أن تفتح المجال لحوار بناء". أما وسائل الإعلام الأمريكية فقد أكدت أن هذا الضغط الدولي لعب دوراً على الأرجح في قرار البيت الأبيض بتجميد الرسوم مؤقتاً. وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية: إن الإدارة الأمريكية تسعى من خلال رفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى 125 في المائة إلى معالجة ما تعتبره اختلالات مزمنة في الميزان التجاري مع بكين، إضافة إلى انتهاكات حقوق الملكية الفكرية، مشيرة إلى أن هذه الإستراتيجية تعكس توجها لممارسة أقصى درجات الضغط على الصين، مقابل تهدئة التوتر مع شركاء تجاريين آخرين. كما أفادت مصادر مُطلعة لشبكة "CNN" الإخبارية بأن القلق المتزايد داخل وزارة الخزانة بشأن تطورات سوق السندات كان عاملًا محوريًا في قرار ترامب بتعليق نظام الرسوم الجمركية "المتبادلة". وبحسب الشبكة الأمريكية، شهد البيت الأبيض الأربعاء يوماً عاصفا آخر، حيث سعى المستشارون جاهدين لمواكبة قرارات ترامب الذي سعى إلى الاحتفال بالنصر بعد واحد من أكثر المواقف تراجعا في رئاسته، حريصا على نسب الفضل لنفسه في مكاسب سوق الأسهم لذلك اليوم دون ذكر الخسائر القياسية التي بلغت تريليون دولار خلال الأسبوع الماضي. ويُذكر أن الأسواق العالمية كانت تعاني من تداعيات نهج ترامب العشوائي بشأن الرسوم الجمركية وتصاعد الحرب التجارية مع الصين، كما شهدت أسواق الأسهم تقلبات، وظهر تحول مثير للقلق في سوق السندات. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ومع هبوط أسواق الأسهم العالمية، شهدت سندات الخزانة الأمريكية عمليات بيعٍ مكثفة. وأثار تراجع الأسهم والسندات بالتزامن مع ذلك مخاوف من تقلبات السوق.وكانت عمليات بيع السندات مقلقة للغاية لدرجة أنها أثارت قلق البيت الأبيض. مُراقبون اعتبروا إعلان ترامب -المعروف بتقلباته السياسية- عن تعليقه للتعريفات الجمركية المتبادلة التي طال انتظارها، لمدة ثلاثة أشهر، تراجعًا مذهلاً عن خطة بدا قبل يوم واحد فقط أنه يؤيدها تمامًا، حيث أن هذا التراجع جاء في الوقت الذي كان فيه ممثله التجاري يدلي بشهادته في مبنى الكابيتول هيل حول فوائد الرسوم الجمركية، مما بدا وكأنه يجهل قرار الإيقاف. مما سبق يتجلى القرار الأمريكي باتجاه الرسوم الجمركية منطلقا من رؤية فوقية وغير مستندة لقراءة حقيقية لواقع الأسواق والتبادلات التجارية ، وما أن أثارت الرسوم زلزالا في الأسواق بما فيها الأسواق الامريكية كانت مخاوف البيت الأبيض واضحة واضطرت ترامب لتعليق الرسوم الجديدة؛ لكن ماذا بعد؟ ![]() |
|